جرعة تحصين ضد تمييع الدين

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أما بعد:

فإن الله  قد أمرنا بطاعته وطاعة نبيه ﷺ، وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ سورة الأنفال1، مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ سورة النساء80، وجعل  طاعته وطاعة نبيه ﷺ فرضاً مؤكدا، ولا بد أن يكون كمال الانقياد مع الطاعة والتنفيذ والتسليم حتى يكون الإنسان مؤمناً، فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا سورة النساء65، وجعل الله الفوز العظيم لمن أطاعه وأطاع رسوله، وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًاسورة الأحزاب71، وكذلك حصول الرحمة وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ سورة آل عمران132، ورهب وخوف من معصيته ومعصية نبيه ﷺ، فقال: وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌسورة النساء14، وحكم عليه بالضلال فقال: وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا سورة الأحزاب36، وتوعده بالفتنة وزيغ القلب فقال: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ، أي أمر محمد ﷺ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌسورة النور63،يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ سورة الأنفال24،

وهذا يكون هذا الأمر في حس الإنسان المسلم وحياته واقعاً مقرراً لا يمكن تركه ولا المحيد عنه، طاعة الله وطاعة رسوله، الأصل فيها الوجوب، وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ سورة الأحزاب36، ولذلك قال لإبليس: مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ سورة الأعراف12، إذاً السجود واجب لأنه أُمر به، وقال: أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي سورة طه93، أما الملائكة قال عنهم: لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ _{^{سورة التحريم6،}} وأهل النار من أسباب دخولهم النار: وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ سورة المرسلات48، ولما كانت بريرة أمة ثم عتُقت وزوجها عبد ويحق لها شرعاً الانفصال عنه إذا أرادت؛ اختارت الانفصال، عتُقت صارت حرة وهو عبد، ولكنه كان متعلقاً بها أشد التعلق فكان يمشي خلفها في طرق المدينة ودموعه تسيل على خده، يتوسل إليها أن تعود إليه فلم تفعل، فشفع إلى النبي ﷺ، فقال النبي ﷺ: يا بريرة اتق الله فإنه زوجك وأبو ولدك فقالت: يا رسول الله أتأمرني بذلك، هل القضية قضية أمر أم لا؟ أمر بالعودة إلى زوجها ويحق لها شرعاً الانفصال عنه في هذه الحالة، أتأمرني بذلك قال: لا، إنما أنا شافع، قالت: لا حاجة لي فيه.[رواه البخاري 5283 وأبو داود 2231]رواه البخاري، إذاً تفهم المرأة المسلمة جيداً أنه لو أمرها ما وسعها أن تعصيه ولا بد أن تطيعه، ولما قال النبي ﷺ: لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة [رواه البخاري887]علمنا أن الأمر للوجوب لأنه لو كان الأمر للندب لم يكن عليهم من حرج إذا لم ينفذوا لكن إذا وصلت إلى الأمر وهو يفيد الوجوب فلا بد من التنفيذ، وعند ذلك يقع للناس حرج وهم لا يرون دائماً ويتوفر لهم أسوكة مع كل صلاة، لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم، وعند ذلك إذاً لا يستطيعون المخالفة؛ لأن الأمر للوجوب، فإذا دل صارف على أنه للإباحة، أو الاستحباب قلنا بذلك، وإلا فالأصل في الأمر الوجوب.

عباد الله: لقد حفل التاريخ بأمثلة عظيمة لهؤلاء المنفذين للأوامر المطيعين لله ورسوله، خليل الرحمن وابنه إسماعيل، لقد كان الأمر في المنام ورؤيا الأنبياء حق بذبح ولده، فماذا فعل؟ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُما دام أُمرت لا يسعك إلا التنفيذ، سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَسورة الصافات102،فَلَمَّا أَسْلَمَا، انقادا لأمر الله، وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِسورة الصافات103، أضجعه على قفاه لئلا يرى وجهه وربما تردد وتلكأ في التنفيذ، وهو يرى علائم الألم على وجه ولده، فلكي يكون التنفيذ دون تلكؤ تله للجبين، ولكن الله الذي سلب النار خاصية الإحراق سلب السكين خاصية القطع، وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ ۝ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَسورة الصافات105، والنتيجة وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍسورة الصافات107. ينفذون الأوامر وهو نفسه إبراهيم الخليل  لما وضع هاجر وابنه إسماعيل الذي ليس له غيره بوادٍ غير ذي زرع، لا طعام، لا شراب متوفر في ذلك المكان، لا أنيس يكون في ذلك المكان، لكنه أمر لا بد أن ينفذه، وضعهما عند البيت، عند دوحة فوق زمزم، يعني عند موضع البيت عند موضع زمزم، ولم تكن نبعت، وليس بمكة يومئذ أحد وليس بها ماء، كل ما كان من حيلته جراب فيه تمر، وسقاء فيه ماء، ثم قفى منطلقاً، يترك هاجر وابنه الوحيد إسماعيل الرضيع وامرأة ماذا تفعل في ذلك المكان الموحش، أين تذهب وكيف تعيش؟ لكن لا بد من تنفيذ الأمر، قفى إبراهيم منطلقاً، ولى ظهره لهاجر وإسماعيل وذهب، تبعته أم إسماعيل، فقالت: يا إبراهيم أين تذهب وتتركنا بهذا الوادي الذي ليس فيه إنس ولا شيء، فقالت له ذلك مراراً تتوسل المرأة، ومعلوم ماذا يمكن أن يفعل ذلك في نفوس الرجال الذين عندهم حنان وعطف، وأبوة وزوجية حانية، وجعل لا يلتفت إليها، لا يلتفت مجرد الالتفات، فقالت له: آلله الذي أمرك بهذا، قال: نعم، قالت: إذاً لا يضيعنا. [رواه البخاري3364].

عباد الله: إذا جاء الأمر لا بد من التنفيذ، هكذا تقبل الأوائل والأنبياء والصالحون هذه الأوامر، يقول أبو بكر الصديق: "لست تاركاً شيئاً كان رسول الله ﷺ يعمل به إلا عملت به، فإني أخشى إن تركت شيئاً من أمره أن أزيغ"، لو تركت شيئاً واحداً من أمره يحصل لي زيغ، ومن هو؟ أبو بكر الصديق ، لم يرض الصحابة بتقديم قول أحد على قول النبي ﷺ ولو كان قول العمرين، فيقول ابن عباس: "يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء، أقول لكم قال رسول الله ﷺ، وتقولون قال أبو بكر وعمر"، يعني لم يرض معارضة قول النبي عليه الصلاة والسلام بقول الوزيرين.

عندما أراد النبي ﷺ من بعض أصحابه في غزوة الخندق أن يأتيه بخبر المشركين هل هم يريدون الانصراف أو المكث ماذا يريدون أن يفعلوا؟ إن هذا الخبر مهم جداً ورغب في الجنة ولكن من شدة البرد والخوف وحصر العدو لم يقم أحد فقال: قم يا حذيفة، وصلت المسألة إلى الأمر الآن، كانت ترغيباً فهو معي في الجنة، والصحابة بشر فقال: قم يا حذيفة فأئتنا بخبر القوم [رواه مسلم1788]، فلم أجد بداً إذ دعاني باسمي أن أقوم، وهكذا قام حذيفة يمشي ومن كرامة الله  إكرامه لحذيفة أنه صار كأنه يمشي في حمام من الدفء مع شدة البرد الذي كانوا فيه، طيلة ذهابه لتنفيذ الأمر ورجوعه ما أحس بالبرد إلا عندما وصل إلى عسكر المسلمين، ولما قال له النبي ﷺ: لا تذعرهم عليَّ[رواه مسلم1788]، نهاه، ما وسعه أن يخالف النهي، مع أنه وضع سهماً في كبد قوسه، وأراد أن يرمي أبا سفيان زعيم المشركين، وفي ذلك مصلحة واضحة، لكن لأن النهي واضح لم يفعل حذيفة، ورد سهمه مرة أخرى، ولو رميته لأصبته.

ما رأيكم في المجتمع إذا كان مدمناً، ما رأيكم في ناس من العرب قد درجوا على الخمر أجيالاً يشربونها وسارت في دمائهم وصارت في كلاهم، ثم ينزل الأمر والنهي لا تشربوا هذه الخمر، فَاجْتَنِبُوهُ سورة المائدة90، أمر بالاجتناب فهل أنتم منتهون، ماذا فعلوا؟ أمر رسول اللهﷺ منادياً ينادي ألا إن الخمر قد حُرمت، فقال لي أبو طلحة، يقول أنس: اخرج فانظر ما هذا الصوت؟ فخرجت فقلت هذا منادٍ ينادي إلا إن الخمر قد حُرمت، قال لي: اذهب فأهرقها، قال أنس فجرت في سكك المدينة،[رواه البخاري2464 ومسلم1980] رواه البخاري ومسلم. وفي رواية قال أبو طلحة: يا أنس قم إلى هذه الجرار فاكسرها، قال أنس: فقمت إلى مهراس لنا فضربتها بأسفله حتى انكسرت.[رواه البخاري7253]، وفي رواية لمسلم: يا أنس أرق هذه القلال، قال أنس: فما رجعوها وما سألوا عنها بعد خبر الرجل.[رواه مسلم1980] الله أكبر لا راجعوها، ولا سألوا عنها، ولم يكن هناك توسلات بإعفاء، أو استثناءات، أو فترة تأجيلية ريثما يتعودوا على ذلك، أبداً، أهرقها كسر تلك العبوات، وشق تلك الأوعية، وسُكبت في شوارع المدينة.

لم يكن ذلك الحال خاصاً بالرجال، لقد كان مجتمعاً إسلامياً حقيقاً منضبطاً على مستوى الذكورة والأنوثة، والرجال والنساء، والامتثال النسوي واضح، قالت أم سلمة رضي الله عنها: لما نزلت يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ سورة الأحزاب59 خرج نساء الأنصار كأن على روؤسهن الغربان من الأكسية.[رواه أبو داود4101]شبهت الخمر الأغطية على الرؤوس في سوادها بالغراب. رواه أبو داود وهو حديث صحيح.

وفي البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت: يرحم الله نساء المهاجرات الأول، لما أنزل وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّسورة النور31 شققن مروطهن فاختمرن بها.[رواه البخاري4758]كساء عند المرأة المرط، تريد حجاباً للرأس فوراً ليس هناك وقت لتفصيل حجابات للرأس، ولا بد من التنفيذ، شقت مرطها فجعلته خماراً، تقول عائشة: لقد أُنزلت سورة النور وليضربن بخمرهن على جيوبهن، فانقلب رجالهن يعني رجال نساء الأنصار إليهن يتلون عليهن ما أنزل فيها، وهذه وظيفة الرجال في تفقيه النساء، وتعليم النساء، ونقل الفوائد من الدروس للنساء، وهكذا تعليم الأحكام الشرعية، وما يجب عليهن، قالت عائشة: فانقلب رجالهن إليهن يتلون عليهن ما أنزل فيها، ما منهن امرأة إلا قامت إلى مرطها فأصبحن يصلين الصبح معتجرات، كأن على روؤسهن الغربان، إذاً لففن ثيابهن على روؤسهن وهكذا كانت المبادرة والامتثال، وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ سورة النور31، يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ سورة الأحزاب59من أعلى شيء إلى أسفل شيء، شاملاً كل جسد المرأة.

عباد الله: التنفيذ هذا كان فردياً وجماعياً بل كان ينطوي على فقه عظيم، ما رأيكم لو أن إماماً يصلي بالناس ووراءه رجال، ووراء الرجال نساء، ثم اكتشفوا أثناء الصلاة أن القبلة التي يصلون إليها بالعكس، فماذا تراهم يفعلون؟ وماذا فعل الصحابة؟ روى البخاري ومسلم عن عبد الله بن عمر قال: بينا الناس بقباء في صلاة الصبح إذ جاءهم آت فقال: إن رسول الله ﷺ قد أنزل عليه الليلة قرآن وقد أمر أن يستقبل الكعبة فاستقبلوها، وكانت وجوههم إلى الشام، عكس القبلة الحالية، شمال، جنوب، فاستداروا إلى الكعبة،[رواه البخاري403]أثناء الصلاة، تنفيذ فوري بدون اضطراب، استداروا إلى الكعبة، الإمام والرجال والنساء كيف فعلوا ذلك؟ وجاء الأمر فوراً بدون تدريبات، ولا تمرينات كيف فعلوا ذلك؟ هذا الفرق بيننا وبينهم، كانوا يصلون وراء النبي ﷺ فجأة خلع النبي ﷺ نعليه فخلع الناس نعالهم مباشرة المسألة ما فيها تفكير، ولا مسألة وقت لتقليب الأمور، هذا النبي ﷺ وهو أسوة وقدوة يفعل فعلوا مباشرة، فلما انصرف قال: لم خلعتم نعالكم قالوا يا رسول الله: رأيناك خلعت فخلعنا، ليس القوم إمعة، ليس هؤلاء القوم ينقصهم الذكاء، وينقصهم العمق في التفكير أبداً، لكن عندهم قواعد أساسية مستقرة، وإيمان قوي بمجرد ما خلع خلعوا نعالهم وراءه، قال ﷺ: إن جبريل أتاني فأخبرني أن بهما خبثاً[رواه أحمد11153]، هذا سبب خلع نعلي، لكن الموقف يدل على جودة هذه النفوس التي بيعت لله بثمن طاعة الله ورسوله، ما يمكن التخلف، بعد غزوة أحد هناك سبعون قتيلاً وجراحات في المسلمين عظيمة، وخوف من أن يرجع الكفار، ويندموا على الانصراف، وقد تبين لهم أن النبي ﷺ، وأن أبا بكر وعمر لم يقتلوا كما علم أبو سفيان من المحاورة التي دارت بعد المعركة خشي الصحابة أن يرجع الكفار وأن يستديروا لاستئصالهم ومع ذلك لما صدر أمر النبي ﷺ بالخروج إلى حمراء الأسد من ميدان المعركة، وعدم الرجوع إلى المدينة، والقوم فيهم جراح وتعب، وإنهاك شديد نفذوا ذلك: الَّذِينَ اسْتَجَابُواْ لِلّهِ وَالرَّسُولِ مِن بَعْدِ مَآ أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُواْ مِنْهُمْ وَاتَّقَواْ أَجْرٌ عَظِيمٌ ۝ الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ سورة آل عمران172-173النتيجة فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُواْ رِضْوَانَ اللّهِ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ سورة آل عمران174. يكون واحد من الصحابة لابساً خاتم ذهب في يده لا يدري عن أنه نزل حكم بتحريم لبس الذهب على الرجال، يراه النبي ﷺ وهو الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر فأخذه فنزعه فطرحه وقال: يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيجعلها في يده[رواه مسلم2090]، فقيل للرجل بعدما ذهب رسول الله ﷺ: خذ خاتمك انتفع به، قال: لا والله لا آخذه أبداً وقد طرحه رسول الله ﷺ، مع أنه يجوز له أن يأخذه وأن ينتفع به أن يبيعه، ولكن لأن النبي ﷺ طرحه لا يمكنه أن يأخذه ينفذون الواجب، والمستحب، ومستحب المستحب، وأي شيء يمكن أن يمت بصلة إلى رغبة النبي ﷺ ينفذ، وأمر للنساء بالصدقة في العيد تتهاوى الأقراط والأساور، وقطع الذهب على ثوب بلال، يا معشر النساء تصدقن مع أنه ترغيب رأيتكن أكثر أهل النار تتهاوى هذه القطع ماذا يكون الأمر عندما يكون لشخص سجل في علاقة مع امرأة، وفي نفسه منها ما في نفسه، وأصحاب العلاقات مع النساء والذين دخلوا في المغامرات العاطفية وهاموا في العشق وربما تمادى الأمر بهم إلى الوصول إلى الفواحش، قطع مثل هذه العلاقة أمر صعب، ولكن إذا جاء أمر الله وقفت كل العلاقات لأجل أمر الله، فهل يجوز أن يتزوجها، وكان له بها علاقة، إذا تابت نعم، إذا لم تتب ولا زالت النفس متعلقة، كان رجل يقال له مرثد بن أبي مرثد الغنوي ، وكانت امرأة بغي بمكة يقال لها عناق، وكانت صديقة له قبل الإسلام، لما أسلم الرجل قطع العلاقة هاجر إلى المدينة جاء ليهّرب ناساً من المسلمين المستضعفين بمكة إلى المدينة تهريب، قدّر الله أمراً وعد رجلاً من أُسارى المسلمين يحمله، قال: فجئت فانتهيت إلى ظل حائط من حوائط مكة في ليلة مقمرة، فجاءت عناق فأبصرت سواد ظلي بجنب الحائط، فلما انتهت إليَّ عرفته، فقالت: مرثد، فقلت: مرثد، فقالت: مرحباً وأهلاً هلم فبت عندنا الليلة، قلت: يا عناق إن الله حرم الزنا، كيد النساء عظيم، تدعوه ويأبى، قالت: يا أهل الخيام يا كفار قريش يا أهل الخيام هذا الرجل يحمل أسراكم فتبعني ثمانية وسلكت الخندمة، إلى أن نجاه الله منهم ولم يروه، وحمل صاحبه الأسير إلى المدينة، حتى قدمت المدينة، فأتيت رسول الله ﷺ فقلت يا رسول الله: أنكح عناقاً، فأمسك رسول الله ﷺفلم يرد عليَّ شيئاً حتى نزلت الزَّانِي لَا يَنكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سورة النور3، فقال رسول الله ﷺ: يا مرثد الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة، فلا تنكحها والزانية لا ينكحها إلا زانٍ أو مشرك، فلا تنكحها[رواه الترمذي3177]، انتهت المسألة، طوي قيد العلاقة من قبل ومن بعد.

عباد الله: كانوا وقافين عند أوامر الله.

اللهم اجعلنا وقافين عند حدودك يا رب العالمين، اللهم اجعلنا مطيعين لك ولنبيك ﷺ أجمعين، اللهم إنا نسألك فعل الخيرات، وترك المنكرات، وحب المساكين، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الحمد لله وسبحان الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله، أشهد ألا إله إلا الله الحليم الكريم، أشهد ألا إله إلا الله رب السموات السبع ورب الأرض رب العرش العظيم، وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله ﷺ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، صلى الله عليه وعلى أزواجه وذريته، ﷺ وعلى خلفائه، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

عباد الله: التسليم المطلق لأوامر الله ورسوله كيف فعل به المعاصرون، هؤلاء الذين يخرجون علينا اليوم بكتابات في الصحف، وأحاديث في القنوات يردون أمر الله ورسوله، حديث لا، عندك قرآن وإذا جئت بالنص القرآني تملصوا منه، لماذا يطعنون في القرآن والسنة؟ الأشياء التي لا تعجبهم يردونها، تارة يقولون هذا حديث آحاد، وإذا كان رواه العدل الضابط عن مثله إلى منتهاه من غير شذوذ ولا علة، ماذا تفعل به؟ أليس هذا تعريف الحديث الصحيح؟ الثقة عن الثقة إلى النبي ﷺ يرويه من مصنف الكتاب من البخاري من مسلم من الترمذي من الطبراني إلى النبي ﷺ ثقة عن ثقة بدون انقطاع ولا علة، ترده، وتقول آحاد، سبحان الله.

وآخرون يقولون يعارض العقل، نعم يعارض بعض العقول العفنة المنتنة الشيطانية.

وآخرون يقولون يعارض قواعد الشريعة، ما معنى هذا؟ قالوا يعني الدين يسر مثلاً، وهذا الحديث فيه شيء شاق سبحان الله، حتى القيام لصلاة الفجر في البرد شاق، حتى الجهاد في سبيل الله شاق، وترك المحرم الذي أدمن عليه صاحبه شاق، فأين تذهبون.

وتارة يقولون يخالف العلم الحديث، يا سلام على العلم الحديث، التحاليل المخبرية، المناظير الفلكية، يخالف العلم الحديث، العلم الحديث إنهم يغيرون كثيراً في اكتشافاتهم فهل ترد النص الإلهي والنبوي لأجل علم حديث.

وتارة يقولون يخالف الذوق، الله أكبر الحديث الصحيح يخالف الذوق، ماذا تريد، قال حديث الذباب إذا سقط في البخاري قالوا ولو، يخالف الذوق، الشارع ما أمرك بغمسه وشربه، قال إذا أردت أن تشرب وقد وقع ليس عندك شراب غيره أو نفسك لا تعاف الشراب اغمسه، ثم اطرحه اطرح الذباب، فإن على أحد جناحيه داء وعلى الآخر دواء، لا لا هذا يخالف العقل، يخالف المنطق، يخالف الذوق، فإذا أثبت العلم الحديث أن فعلاً على أحد جناحيه أجسام مقاومة لما على الجناح الآخر، قال الآن آمنا، سبحان الله، يجعل الإيمان متوقفاً على اكتشافات الكفار، مرة يقولون هذا يخالف المصلحة، مصلحة من؟ ومرة يقولون هذا يخالف الواقع، ويخالف قوانين الأمم المتحدة، لماذا؟ قالوا هذا حديث: لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة[رواه البخاري4425]، في ناس فلحوا، يا أيها الفالح الذي تفلح في ماء البحر إذا فلحت امرأة فالنادر لا حكم له، إذا فلحت فكيف إذا كان وراءها جيش من المستشارين من الرجال، ولا تقطع أمراً وحدها وراءها حزب، هذا إذا فلحت في كل الأمور، ثم هنالك فلاح في الدنيا وفلاح في الآخرة وإذا فلحت في الدنيا فلن تفلح في الآخرة إذا تولت عليهم، ترد الحديث وهكذا، أيها الأخوة يطعنون في الكتاب وفي السنة، وعلى الملأ واستضافات، ما رأيكِ في المهر في الشريعة؟ لا المهر هذا التقاليد البائدة، والمرأة ليست سلعة، واتفاق أدبي بين الرجل والمرأة ما في مهر، وتنكر من الحديث، لا لا، هاتوا من القرآن، الحديث لا، داحض، الحديث لا، إعلان الكفر على العالمين، الحديث لا، يعني فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌسورة النور63، فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ سورة النساء65، وهذا يقول الحديث لا، بكل وقاحة الحديث لا، وإذا جئت إلى الآيات وَآتُواْ النَّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةًسورة النساء4، وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئًاسورة النساء20، ماذا يفعلون؟ هذا يمكن يكون الكلام عن وقت سابق سابق، الآن الدنيا تطورت وهكذا أيها الأخوة، يرد قول الله ورسوله على الملأ ويخالف ويكفر به على الملايين لا لم تثبت القضية بشهادة واحد واثنين وثلاثة، بشهادة الملايين.

عباد الله: على كل منا واجب النصيحة والإنكار والتعليم والتبيين والتحذير لأهله وللناس الذين يرون هذا، ونحن بعدما ودعنا عاماً هجرياً واستقبلنا آخر نذكر أنفسنا بأنه نعمة من الله علينا حيث أمهلنا هذا الإمهال وأعطانا الفرصة ليتوب المسيء، ويزداد المحسن أعمالاً صالحة، وخير الناس من طال عمره وحسن عمله.

ويسأل الناس عن حكم التهنئة بالعام الهجري الجديد فالجواب باختصار: لا سنة ولا بدعة، لم يثبت في السنة التهنئة، ولكنه ليس أمراً محرماً مبتدعاً؛ لأن التهنئة تتعلق بالمباحات بعادات الناس، ولذلك العلماء يقولون لا نبتدئ أحداً بالتهنئة لكن من هنأنا هنأناه فهو ليس أمراً مشروعاً لا دليل عليه ليس مستحباً ليس سنة، ولكنه في المباحات.

عباد الله: إذا كان هذا من هذا فيأتي عيد آخر، وليس رأس السنة الهجرية بعيد شرعي، واتخاذ عيد يتحول إلى بدعة وإذا صار هناك مظاهر احتفالات، وتعطيل، وإظهار مظاهر البهجة، والفرح والسرور، إلى آخره تحول إلى أمر محرم، وبدعة، أما كلامنا السابق عن مجرد التهنئة، أو الدعاء بدعاء طيب، فهو في قسم المباحات.

لكن عيد الحب الذي يأتي به الكفار وشبابنا في ستار تو وأكاديمي، يعمهون، وفتياتنا في ظل التقليد يرتعن، شعارات على شكل قلوب، وتبادل رسائل في الجوالات، والزينة باللون الأحمر، وهكذا المناديل، والحقائب، والأحذية، وهناك جنون عجيب، ورباط معصم أحمر، وبلوزه حمراء، وبالونات حمراء، ونقوش أسماء القلوب على اليدين، والحروف الأولى، وتتولى القنوات العربية والأجنبية الدعاية لهذا الحدث الكفري البدعي لإله الحب، وللعاشق فالنتاين، وللذي ضحى بنفسه بزعمهم، وترتفع أسعار الورود الحمراء التي لا يجوز بيعها في هذه المناسبة، وتنقش الأسماء والقلوب على اليدين، والحروف الأولى، وتزدحم المشاغل، وهكذا محلات الحلويات بالكيكات على تلك الأشكال المعينة، وأصله عقيدة وثنية رومانية يعبرون عنها بالحب الإلهي للوثن، وهكذا انتقل بعد تقديس القديس فالنتاين إلى بلاد المسلمين وتبادل البطاقات، والورود، وكلمات العشق، والغرام، وفرصة لأهل الفسق والفجور، في تبادل رسائلهم مع المعشوقات، ويتبادلنها مع الأخدان الذين نهى الله عن اتخاذهم، لا مسافحات، ولا مسافحين، ولا متخذي أخدان.

اللهم إنا نسألك أن تعافينا يا رب العالمين، نسألك العفو والعافية في الأمور كلها، نسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة، اللهم إنا نسألك حبك وحب من يحبك وحب كل عمل يقربنا إليك، اللهم اجعل حبك أحب إلينا من الماء البارد على الظمأ، اللهم اجعل حبك وحب نبيك مقدماً في نفوسنا على محبة آبائنا وأبنائنا، اللهم إنا نسألك أن تغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وأن تثبت أقدامنا، اللهم انصر المجاهدين على القوم الكافرين، اللهم انصر المسلمين على اليهود وأهل العداء لهذا الدين، اللهم إنا نسألك فرجاً قريباً ونصراً عزيزاً وأمناً وطيدا، اللهم انشر رحمتك على بلادنا وبلاد المسلمين، واجعلها آمنة مطمئنة بذكرك وعبادتك يا أرحم الراحمين.

سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ ۝ وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ ۝ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.