الخميس 20 جمادى الأولى 1446 هـ :: 21 نوفمبر 2024 م
مناشط الشيخ
  • يتم بث جميع البرامج عبر قناة زاد واليوتيوب

حاجة البشر إلى ربهم


عناصر المادة
الخطبة الأولى
حاجة الناس إلى الله في كل أمور حياتهم
من عرف حاجته إلى الله ماذا يجب عليه؟
الخطبة الثانية
كيف كانت حاجة الأنبياء إلى ربهم؟

الخطبة الأولى

00:00:10

إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد ﷺ، وشر الأمور محدثاتها، كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

حاجة الناس إلى الله في كل أمور حياتهم

00:00:54

عباد الله: نحن فقراء إلى الله، نحن محتاجون إلى الله، نحن نعتمد على الله، وهذا الخلق في العالم في السماوات والأرض محتاجون إلى ربهم يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُسورة فاطر 15. فالخلق محتاجون إلى الله، فقراء إليه في إيجادهم هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًاسورة الإنسان 1. فقد أتى عليه زمان كان عدماً، ثم خلقه الله ، الخلق محتاجون إلى الله في تعليمهم وَاللّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ الْسَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَسورة النحل 78. الخلق محتاجون إلى الله في هذه الحواس والإمكانات التي أعطاهم، من هذا العقل، وهذا السمع، وهذا البصر لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍسورة التين 4.  الخلق محتاجون إلى الله في هدايتهم للصراط المستقيم، فلولا الله ما عرفوا الحق ولا اهتدوا إليه، ولكن الله أنزل كتبه، وأرسل رسله؛ ليدلهم على الحق، الخلق محتاجون إلى الله في معرفة تفاصيل العبادات، ولا يمكن بعقولهم المجردة أن يعرفوا كم صلاة في كل وقت، وكم ركعة في كل صلاة، وكم أنصبة المواريث، وهل الإخوة لأم يرثون فرضاً أو تعصيباً، وكم نصيب الوالدين في حال وجود الأولاد، وعدم وجود الأولاد، وكم نصيب الأم في حال وجود الإخوة، أو أخ واحد، أو بلا إخوة، وهكذا، الخلق محتاجون إلى الله، أهل الإيمان في انتصارهم على عدوهم، ولذلك وقف نبينا ﷺ في معركة بدر يناشد ربه وهو يرى أصحابه في نحو من ثلاثمائة، والعدو يفوقهم ثلاثة أضعاف في ألف، فرفع يديه يناشد ربه يقول: اللهم أنجز لي ما وعدتني، اللهم آت ما وعدتني، اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تعبد في الأرض[رواه مسلم 1763].  ويلح، ويمد يديه حتى سقط رداؤه عن منكبيه، فيأتيه أبو بكر فيلتزمه من خلفه بردائه، وهو يقول: إن الله منجز لك ما وعدك، الخلق محتاجون إلى الله في طعامهم الذي يأكلونه، وشرابهم الذي يشربونه، الخلق محتاجون إلى الله في رزقهم الذي يأتيهم أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْسورة الملك 21.  من الذي يرزقكم إلى السماوات والأرض؟ والله هو الرزاق ذو القوة المتين، والله لا يحتاج إلى عباده وهم يحتاجون إليه، فإن العباد لا قوام لهم إلا بالله أَفَمَنْ هُوَ قَآئِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْسورة الرعد 33اللّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُسورة آل عمران 2. يقوم على عباده، ولا يقومون إلا به وَيُمْسِكُ السَّمَاء أَن تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِسورة الحـج 65. فهم يحتاجون إلى الله في سقفهم المزين بالنجوم وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَسورة النحل 16. ويحتاجون إلى الله في شجرهم الذي ينبته لهم، وفي بهيمة الأنعام التي خلقها ويخلها لهم، وفي الماء الذي يشربونه أَأَنتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنزِلُونَسورة الواقعة 69. أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ ۝ أَأَنتُمْ أَنشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنشِؤُونَسورة الواقعة 71-72.  الخلق محتاجون إلى الله في سكنهم بالزوجات، وإنجابهم للأولاد، الخلق محتاجون إلى الله في صحتهم من بعد المرض، وشفائهم من تلك العلل؛ ولذلك قال الخليل : الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ ۝ وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ ۝ وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ ۝ وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ ۝ وَالَّذِي أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِسورة الشعراء 78-82.  فالخلق محتاجون إلى الله في هدايتهم، والخلق محتاجون إلى الله في طعامهم وشرابهم، فذكر: يَهْدِينِ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ والخلق محتاجون إلى الله في شفائهم من الأمراض وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ فلا شافي إلا هو، كما قال ﷺ: اشف أنت الشافي، لا شافي إلا أنت[رواه البخاري 5742]. وحرام أن يقال لأكبر طبيب في العالم: اشفه يا دكتور؛ فإن الشفاء ليس بيده، وإنما بيد الله، والطبيب يعالج فيقال: عالجه، وداوه، وأما الشفاء فمن الله، وقد يعمل أكبر أطباء العالم على علاج شخص فيموت ويهلك، فإذا لم يكتب الله الشفاء لم يكن خروج من المرض أبداً وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِالخلق محتاجون إلى الله في مغفرة الذنوب؛ ولذلك قال الخليل: وَالَّذِي أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ فإذا لم تكن المغفرة من الله فممن تكون؟ الخلق محتاجون إلى الله في تدبير أمورهم، ولذلك نجد في الحديث الصحيح عن النبي ﷺ في طلبه من ربه أن يدبِّر أموره: يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث، أصلح لي شأني كله، ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين[رواه الحاكم 2000].  أصلح لي شأني كله يقول: دبرني فإني لا أحسن التدبير، وهذا هو جوهر معنى هذا الموضوع.

من عرف حاجته إلى الله ماذا يجب عليه؟

00:10:17

فإذا عرفنا أننا محتاجون إلى الله، وأننا فقراء إلى الله، ماذا نفعل؟ عندما نعتقد ويصح الاعتقاد بهذا، ستتغير أمور كثيرة، ستختلف الحرارة في اللجوء، سيختلف حال الدعاء، سيختلف وضعنا مع المخلوقين؛ لأن من لم يذل لله أذله الله لخلقه، ومن لم يظهر الحاجة إلى الله عاقبه الله بالحاجة إلى المخلوقين، ولذلك ينمو معنىً عظيم وهو الاستغناء عن الخلق عند الاعتقاد بالحاجة إلى الخالق، فيصبح الإنسان عزيزاً، تصح العقيدة، يصح التوحيد، يعز الإنسان، يوحد وجهة الطلب، يكون الاعتماد على الله والتوكل عليه مختلفاً في هذا الحالة، هذه العقيدة، عقيدة الافتقار إلى الله عقيدة عظيمة جداً، ومطلوب أن نتدبرها دائماً، هذه عقيدة الافتقار إلى الله، تجعل المسلم يتوكل على ربه، وهذا لا ينافي الأخذ بالأسباب؛ لأن الذي أنت مفتقر إليه أمرك بأخذ الأسباب، لكن الشرعية المباحة، لا المحرمة، وأمرك بعدم الركون إلى الأسباب، وإنما يكون الذي تتخذه مجرد سبب؛ لأنك تعلم بأن الحكمة الإلهية للذي أنت مفتقر إليه اقتضت أن يكون لكل شيء سبباً، ولكن لا اعتماد على السبب، ولا اتكال على السبب، لا ركون إلى السبب، وإنما مجرد الاتخاذ للسبب، وفرق عظيم بين الاتخاذ وبين أن يكون السبب عليه الاعتماد، والركون، وطمأنينة النفس إلى السبب، كلا، يُتخذ السبب، ويُعتمد، ويُتكل، ويُطمأن إلى، ويُركن إلى، ويُتوكل على خالق السبب، وهذه هي العقيدة الصحيحة، وخرجونا من الدنيا على عقيدة صحيحة إنجاز عظيم جداً؛ لأنه ينبني عليه النجاة من الخلود في النار، ودخول الجنة يا عباد الله، ولذلك لا بد من تأسيس عقيدة الافتقار إلى الله في نفوس الصغار، والكبار يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ سورة فاطر 15. فأعطانا صفة، وذكر لنفسه صفة، صفتين متضادتين، متقابلتين، الفقر والغنى، فالفقر لنا، والغنى له ، غير محتاج إلى عبيده لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُمْسورة الحـج 37. إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُسورة فاطر 10.

اللهم اجعلنا عليك متوكلين، وإليك آيبين تائبين، اللهم اغفر لنا تقصيرنا، وإسرافنا في أمرنا يا رب العالمين، اللهم اجعلنا ممن يحققون التوحيد يا أرحم الراحمين.

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية

00:15:13

الحمد لله، أشهد أن لا إله إلا الله، وسبحان الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله، والله أكبر، أشهد أن لا إله إلا هو وحده لا شريك له، الحي القيوم، مالك الملك، يؤتي الملك من يشاء، وينزع الملك ممن يشاء، ويعز من يشاء، ويذل من يشاء، بيده الخير وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله، البشير، والنذير، والسراج المنير، صلى الله عليه وعلى آله وذريته الطيبين، وأصحابه وخلفائه الميامين، وأزواجه، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ونبيك، إمام المتقين، وقائد الغر المحجلين، صاحب المقام المحمود، والحوض المورود، والشافع المشفع يوم يقوم الشهود.

كيف كانت حاجة الأنبياء إلى ربهم؟

00:16:36

عباد الله: إذا راجعنا نصوص الأنبياء في أسئلتهم لربهم، وسؤالاتهم له، وجدنا هذا المعنى واضحاً جداً، قال هود لقومه: فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لاَ تُنظِرُونِ ۝ إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمسورة هود 55-56.  فنحن فقراء إلى الله في حفظنا من الأعداء، وحفظنا من الآفات؛ ولذلك نقول في أذكار الصباح والمساء: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق[رواه مسلم 2709].بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم[رواه الترمذي 3388]. وتأمل في المعوذتين: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ۝ مِن شَرِّ مَا خَلَقَسورة الفلق 1-2. قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ۝ مَلِكِ النَّاسِ ۝ إِلَهِ النَّاسِ ۝ مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ ۝ الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ ۝ مِنَ الْجِنَّةِ وَ النَّاسِسورة الناس 1-6. نحن محتاجون إلى الله في حفظنا، في حفظ أنفسنا، نحتاج إلى الله في الرفع والدفع، أن يدفع الشر عنا قبل الوصول وأن يحل بنا، ونحتاج إلى الله في رفع البلاء إذا نزل، من مرض، أو دين، ونحو ذلك اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن والعجز والكسل والبخل وضلع الدين وقهر الرجال[رواه الترمذي 3484].  الاستعاذات الموجودة في الأذكار والآيات واضح فيها الحاجة، وخصوصاً أن هناك أعداء لا تراهم إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْسورة الأعراف 27.  الشياطين، إذا كنت ترى شياطين الإنس فأنت لا ترى شياطين الجن؛ ولذلك قال: وَقُل رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ ۝ وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَن يَحْضُرُونِسورة المؤمنون 97-98. وقال: مِنَ الْجِنَّةِ وَ النَّاسِقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ وكذلك تحتاج إلى الله في حفظك من المكر الخفي، ففي سورة الفلق في آخرها: وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَسورة الفلق 5. ربما لا تراه وهو يريد حسدك وإصابتك بالعين، ولا ترى السحرة وهم يعقدون السحر وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِسورة الفلق 4.

وكذلك ترى في أدعية الأنبياء ذكر الحاجة، كما في قول موسى :رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌسورة القصص 24. يعني: أنا محتاج إلى خيرك يا رب، أنا فقير، أطلب منك، والله يحب هذا المعنى جداً، الطلب منه، فإذا قال قائل: هذا معنى الافتقار إلى الله الذي نتحدث عنه ما هي فائدته العملية؟ فنقول: من فوائده الكثيرة جداً: إحداث الحاجة للطلب، ودفع النفوس لرفع اليدين بالرغب والرهب محتاجة إلى الله تطلب منه رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ الله يحب من عبده أن ينكسر بين يديه، وأن يظهر الحاجة إليه، في دعاء سيد الاستغفار: أبوء لك بنعمتك عليّ، أعترف وأبوء لك بذنبي أعترف فاغفر لي[رواه البخاري 6306].  الطلب، لما وقع يونس في تلك الورطة نادى في الظلمات: فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ۝ فَاسْتَجَبْنَا لَهُسورة الأنبياء 87-88. اعترف بظلمه لنفسه، تأمل يا مسلم أدعية الأنبياء، أدعية الوحي، تجد أن فيها هذا المعنى، الله يحب أن تقول: أنت الغني وأنا الفقير، أنت القوي وأنا الضعيف، إذا أظهرت الحاجة إلى الله جاءت العطايا إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًاسورة مريم 4.وَهَنَ الْعَظْمُوهن وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا ثم طلب الولد فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وأعطاه الولد، وكذلك اعترف آدم بالذنب ظَلَمْنَا أَنفُسَنَاسورة الأعراف 23. اعترف أيضاً بها موسى فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُسورة القصص 16إظهار الحاجة إلى الله يؤدي للطلب، ويؤدي لتفرغ القلب إلا من الله، فيكون الدعاء قوياً، والطلب مباشراً، والقصد واضحاً، واللجوء عظيماً، فتحصل الاستجابة، وكثير من الناس لا يعرف أحياناً لماذا لم يُجب دعاؤه؛ لأنه لم يكن محتوياً على إظهار الحاجة، والاعتراف بالعجز، دبرِّني فإني لا أحسن التدبير، انظر إلى هذا الحديث القدسي: يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته، فاستهدوني أهدكم، يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته، فاستطعموني أطعمكم، يا عبادي كلكم عارٍ إلا من كسوته، فاستكسوني أكسكم[رواه مسلم 2577]. هذا المعنى بالذات، هذا المعنى أن تظهر عجزك، وضعفك، وجوعك، أن تظهر حاجتك وهو يعطيك.

عباد الله: إن هذه المعاني عظيمة، هذا من صميم التوحيد، من صميم التوحيد، والله يربي عباده بالآيات، والأحاديث، والنصوص، والأذكار، والأدعية.

اللهم اجعلنا عليك متوكلين، وبشرعك آخذين، وبسنة نبيك ﷺ مستمسكين، علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، ارزقنا وأنت خير الرازقين، اللهم نحن فقراء إليك فاحفظنا من بين أيدينا ومن خلفنا، وعن أيماننا وعن شمائلنا، ومن فوقنا، ونعوذ بعظمتك أن نغتال من تحتنا، اللهم ارزقنا فعل الخيرات، وترك المنكرات، وحب المساكين، وإذا أردت بعبادك فتنة فاقبضنا إليك غير مفتونين، اللهم اهدنا فيمن هديت، وعافنا فيمن عافيت، وتولنا فيمن توليت، وبارك لنا فيما أعطيت، اللهم اجعلنا من ورثة جنة النعيم، اللهم إنا محتاجون إليك في دخول الجنة، نتكل عليك لا على أعمالنا، اللهم اغفر لنا واجعلنا من ورثة جنة النعيم، واجعلنا ممن يأتيك بقلب سليم، اللهم إنا نسألك الفرج لإخواننا المستضعفين يا رب العالمين، اللهم قد طالت محنتهم وأنت الغني القوي ففرج عنهم ما هم فيه، يا أرحم الراحمين، يا أكرم الأكرمين، يا رب العالمين، نسألك الفرج لإخواننا المسلمين، نسألك الفرج لإخواننا المستضعفين، اللهم أطعمهم، وآوهم، واحفظهم، وأمنهم، وانصرهم، أنت القوي من نصرته لا يهزم، فانصر الإسلام والمسلمين على الكفار والمشركين، يا قوي يا عزيز، اللهم آمنا في الأوطان والدور، وأصلح الأئمة وولاة الأمور، واغفر لنا يا عزيز يا غفور، اللهم اجعل بلدنا هذا آمنا مطمئناً وسائر بلاد المسلمين، اللهم إنا نسألك أن تجعل بلاد المسلمين عاملة بشرعك، عامرة بذكرك، مستمسكة بحبلك، وأن تنشر عليها الأمن والإيمان يا رب العالمين، اغفر لنا ولآبائنا، وأمهاتنا، وحرم وجوهنا على النار، اللهم اهدنا واهد ذرياتنا، ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماماً.

سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ ۝ وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ ۝ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وقوموا إلى صلاتكم يرحمكم الله.

1 - رواه مسلم 1763
2 - رواه البخاري 5742
3 - رواه الحاكم 2000
4 - رواه مسلم 2709
5 - رواه الترمذي 3388
6 - رواه الترمذي 3484
7 - رواه البخاري 6306
8 - رواه مسلم 2577
  • أم إبراهيم

    حفظك الله ياشيخ محمد وبارك بعلمك كلام نفيس