الخطبة الأولى
إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده، ورسوله.
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد، ﷺ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
مكانة التوحيد في معاني الصيام
عباد الله: قد أظلنا شهر عظيم مبارك، جعله الله خير الشهور، وجعل فيه هذه العبادة العظيمة، التي كتبها علينا، كما كتبها على الذين من قبلنا، تجويع النفس لله، تعطيش النفس لله، منعها من الشهوات لله، هذه العبادة التي فيها تعويد النفس على ترك المباح، فكيف بترك الحرام، هذه العبادة التي فيها معانٍ للعبودية ليست في غيرها، هذا الشهر العظيم، الذي جعله الله ، غلقاً لأبواب النيران، وفتحاً لأبواب الجنان، وتصفيداً للمردة من الجان، ينبغي أن نستعد له استعداداً يليق به، ومن ذلك التفقه بأحكامه، ومعرفة معاني هذه العبادة، وما الذي يضرها ويجرحها، حتى نتلافى ذلك، وأن نقبل على رمضان بقلب مفتوح، بإرادة العبادة طوعاً، وكذلك النية الصالحة في مضاعفة الحسنات، ورفع الدرجات، وتكثير السيئات، وكذلك أن نتخلى عن المعاصي، حتى نستفيد من رمضان، فإن النفس إذا كانت نظيفة، ثم دخلت هذا الموسم الطاهر، استفادت استفادة عظيمة، ولما علم أعداء الله عظم هذا الشهر، استعدوا بأنواع من قواطع الطريق التي تقطع على المسلم طريقه، بإعداد أمور كثيرة تشغل عن الطاعات.
الاستعداد لرمضان بالإقبال على الله ، وتفريغ النفس للعبادة، الاستعداد لرمضان أن نقبل على الله بقلب موحد، هذا التوحيد العظيم، الذي جاءت به الرسل، وما جاؤوا بأمر إلا فيه عبادة الله وحده الله لا شريك له، هذا التوحيد الذي إذا دخلنا رمضان به فإن الاستفادة منه ستكون عظيمة للغاية، هذا التوحيد لرب العالمين، فيه خلع الأنداد، خلع النظراء، الإقبال على الله وحده، العبادة له وحده، التوكل عليه وحده .
الصيام يتضح فيه معاني التوحيد؛ لأنك تصوم لله لا لغيره، وتطيع الله لا غيره، هذا التوحيد الذي ينظر فيه المسلم إلى أمم الأرض، منهم من يعبد الشجر، ومنهم من يعبد الحجر، ومنهم من يعبد الشمس والقمر، ومنهم من يعبد البقر، ومنهم من يعبد هواه، لكن المسلم يعبد الله وحده لا شريك له، فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ حُنَفَاء لِلَّهِسورة الحـج30-31. هذا التوحيد الذي حرص إبراهيم الخليل على غرسه في أولاده وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِسورة الزخرف28. هذا التوحيد الذي وَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَسورة البقرة132-133، فإذن إبراهيم وإسماعيل وإسحاق. إِلَهًا وَاحِدًا هذا التوحيد الذي من حققه دخل الجنة بغير حساب، هذا التوحيد الذي هو أصل الدين، هذا التوحيد الذي هو سر الخلق، وقاعدة الأمر، فلا أمر إلا على التوحيد، ولن ينفذ العباد الأوامر إلا انطلاقاً من التوحيد، هذا التوحيد الذي تسير عليه كل المخلوقات، تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِسورة الإسراء44.هذا التوحيد الذي خلق الله الثقلين من أجله، وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِسورة الذاريات56.هذا التوحيد الذي ما جاء أمة رسولها إلا به، وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْسورة النحل36. هذا التوحيد الذي من خالفه بشرك حبط عمله، وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَسورة الزمر65. هذا التوحيد الذي ينال صاحبه الأمن في الدنيا، وفي الآخرة، الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍَسورة الأنعام82. يعني: لم يخلطوا، إِيمَانَهُم بِظُلْمٍَ (يعني: بشرك)، إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌسورة لقمان13. هذا التوحيد الذي من حققه دخل الجنة بغير حساب، قلبٌ موحد لا يعرف إلا الله في العبادة، قلب موحد لا يتوكل إلا على الله ، هذا التوحيد الذي حرم الله صاحبه على النار، إذا قال: لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله، قال: لا إله إلا الله خالصاً من قلبه، هذا التوحيد الذي هو شرط قبول العمل، فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًاسورة الكهف110. هذا التوحيد الذي من عدمه انهارت أعماله، لماذا لا يقبل الله من الكفار، هؤلاء الذين ينفقون ثروات في الأعمال الخيرية في العالم، يوم القيامة قال الله: مَّثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ، الرماد خفيف جداً، الرماد مثل هذا الهباء يطير بسهولة الرماد، فما بالك لو هبت عليه ريح شديدة، كيف تبعثره كيف تفرقه كيف تذهب به؟ كيف يضمحل؟ مَّثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍسورة إبراهيم18. انتهت وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُورًاسورة الفرقان23. لماذا؟ لا توحيد لديهم، كفلوا أيتاماً، أطعموا فقراء، بنوا مستشفيات، لا شيء لهم، لماذا؟ لا توحيد، بينما تعظم الأعمال الصالحة ولو كانت صغيرة مع التوحيد، ومن لقيني بقراب الأرض خطيئة لا يشرك بي شيئاً لقيته بمثلها مغفرةرواه مسلم2687. لا تنال شفاعة محمد بن عبد الله إلا بالتوحيد، ﷺ، الذي قال لنا: أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال: لا إله إلا الله خالصاً من قلبه، أو نفسه[رواه البخاري99].
هذا التوحيد يا عباد الله: الذي كان صاحب البطاقة، هذا الموحد، قد جاء به يوم القيامة، فرجحت بطاقته بسجلات كثيرة، هذا التوحيد الذي يدخل الله أصحابه الذين حققوه، وحرصوا عليه، ونقوا قلوبهم كي يصفوها من أجله، يدخل منهم سبعين ألف الجنة بلا حساب، ولا عذاب، لماذا؟ ما عندهم شيء يقدح في التوحيد، لا يتطيرون، وعلى ربهم يتوكلون، وهذا التوحيد الذي هو سبيل النجاح، والفكاك في الدنيا، والآخرة، هذا يناله الذين يتقربون إلى الله فقط، لا إلى غيره، يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُسورة الإسراء57. هذا التوحيد الذي لا يتعلق قلب صاحبه لا بخرزة، ولا بحلقة، ولا بخيط، ولا بقلادة، ولا بتعويذة، لا يتعلق إلا بالله الذي خلقه الذي يملك النفع، والضر، ، فما عنده تمائم، ولا عنده أشياء يتبرك بها يلتمس منها البركة؛ لأنه لا يلتمس البركة إلا من الله، صاحب البركة، وخالق البركة ، فلا يتمسح بشيء لا يرجو بركة من شيء؛ لأن الله خالق البركة، الله يبارك في الأشخاص كمحمد ﷺ، ويبارك في الأماكن كالحرم، كالمساجد، يبارك في الأعيان كزمزم، ولذلك تلتمس البركة من الله ، لا من غيره.
هذا التوحيد الذي صاحبه لا يذبح إلا لله، عندما يذبح يتذكر (بسم الله)، (بسم الله)، لا يذبح إلا لله، وأهل الأوثان يذبحون للإنس، والجان، ومرور السلطان، ويذبحون كذلك للأوثان.
صاحب التوحيد لا يذبح بمكان يذبح فيه لغير الله، صاحب التوحيد هذا نذره لله لا لغيره، صاحب التوحيد هذا الذي ينجو، يستعيذ بالله لا يستعيذ بغيره، وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًاسورة الجن 6.
هذا التوحيد يا عباد الله الذي صاحبه يستغيث بالله لا بغيره، هذا التوحيد الذي صاحبه يؤمن أن لا يعلم الغيب إلا الله، قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُسورة النمل65.إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِسورة لقمان34. لا يعلم متى تقوم إلا هو، ولذلك صاحب التوحيد يعلم أن كل الدجالين، الذين يقولون : ستقوم الساعة، ويوم الأحد سيضرب نيزك الأرض، وستهب عاصفة شمسية، وستقوم حرب نووية فيفنى العالم، أنه كله كذب في كذب، لأن الحياة على الأرض لن تفنى إلا بنفخة في الصور، هذا النفخة التي سيأمر إسرافيل سيأمره ربه بها، فعند ذلك تنتهي الحياة على الأرض، ولا يعلم متى الساعة إلا الله، وهؤلاء الدجالون أخبارهم تقوم يوم الأحد، ونبينا ﷺ أخبرنا أنها تقوم يوم الجمعة، لكن أي جمعة؟ لا يعلم إلا الله، إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَسورة لقمان34. هو الذي تفرد بذلك، فإن قالوا اخترعنا طائرات تضرب صواعق كهروبية في هذه السحب، فننزل الغيث، نقول: كذبتم والله؛ لأن إنزال الغيث عملية عظيمة، فيها أن تهب الرياح، فتسوق سحاباً، فيركم الله بعضه فوق بعض، ثم يأمره أن يمطر، فهل أنتم تستطيعون أن تجعلوا الرياح تهب، وتسوقوا السحاب حيث تشاؤون، إلى الجهة التي تريدون، بالكيفية التي تريدون، ويتكاثف كما تريدون، ويكون مثقلاً بالمطر كما تريدون، ثم تنزلونه غيثاً، وليس أمطار حمضية قليلة متلفة ضارة، وينتشر في السماء كيف تريدون، وينزل الماء بالكمية التي تريدون، على المكان الذي تريدون، وتخزنون الباقي في الأرض كما تريدون، من يملك هذا؟ وحده سبحانه.
وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِسورة لقمان34.فإن قالوا: عرفنا بالسونار، وعرفنا بالموجات الفوق الصوتية عرفنا، نقول: ماذا عرفتم؟ ماذا عرفتم؟ الله يعلم قبل أن يطأ الذكر الأنثى، وقبل التلقيح، وقبل مرحلة النطفة، والعلقة، والمضغة، ويعلم قبل التخليط، وبعد التخليط، أنتم متى علمتم؟ وهل علمكم تام لا يلحقه خطأ ولا نسبة من الخطأ؟ وماذا علمتم؟ أنه ذكر أو أنثى، الله يعلم رزقه، وأجله، وعلمه، وليس فقط ذكر، أو أنثى، الله يعلم ما في الأرحام يزيد أم ينقص، يسقط في أول شهر، في الرابع، في السابع، خديج أم يكمل، وكم يزيد عن التسع، أو ينقص، تعلمون هذا؟ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًاسورة لقمان34.يقولون: الراتب آخر الشهر، نحن عارفين، نقول: هو ما في رزق إلا الرواتب، والميراث، والهبات، والأرباح، والذي عملوا في الأسهم يعرفون أنه أحياناً لا يدرون عن شيء إلا وقت حصوله، عالم من المفاجآت، والذين اشتغلوا في التجارة كذلك، فجأة صفقة، فجأة يخسر، فجأة يربح، أرباح هزيلة، أرباح عظيمة، وبعض أهل الوظائف يفقدون وظائفهم فوراً.
وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًاحتى من طعام يهديه جاره فجأة. هو الرزق فقط الراتب.
وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ، إن الله إذا جعل موت عبد بأرض جعل له إليها حاجة رواه ابن حبان بمعناه6151. يموت في سياحة، يموت في سفر علاج، يموت في سفر تجارة، يموت في سفر دراسة، هناك المقدور، والمكتوب.
لا يعلم الغيب إلا الله، لا كاهن، ولا عراف، ولا ساحر، هذا تحقيق التوحيد، وهذا لفت النظر يا عباد الله: إلى هذه المسألة العظيمة، قيل إن أبا جعفر المنصور، رأى في منامه شخصاً كأنه ملك الموت فسأل: كم بقي من عمري فأشار له بيده هكذا، فلما قام شغوفاً، والسلاطين شغوفون بمعرفة انتهاء الأجل، متى هو؟ فسأل معبرين، فبعضهم قال: تعيش خمس سنوات، وبعضهم قال: تعيش خمسة أشهر، فقال أبو حنيفة رحمه الله: لا هذا ولا هذا، أراد أن يشير لك بأن مفاتيح الغيب الخمس لا يعلمها إلا الله، إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌسورة لقمان34.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات، والذكر الحكيم، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم، فاستغفروه، إنه هو البر الرءوف الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله على إحسانه، أشكره على توفيقه، وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا هو، وحده لا شريك له تعظيماً لشأنه، وأشهد أنه محمد عبده ورسوله، الداعي إلى سبيله، ورضوانه، صلى الله عليه، وعلى آله الطيبين، وذريته الطاهرين، وزوجاته، وخلفائه الميامين، وأصحابه، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، اللهم صل وسلم، وزد وبارك على نبينا محمد، إمام المتقين، وقائد الغر المحجلين، والشافع المشفع يوم الدين.
الاستعداد لشهر رمضان، وحكم تمثيل الصحابة
عباد الله: الدخول على رمضان بنفسية التائب، الدخول على رمضان بنفسية الموحد لله، الدخول على رمضان بنفسية المخلص لله، الدخول على رمضان بنفسية المتفقه في دين الله، الدخول على رمضان بنفسية التالي لكتابه، العامل بأحكامه، الدخول على رمضان بنفسية المقدم الإحسان لعباده، الدخول على رمضان بنفسية الخائف الوجل، أن يعمل ولا يقبل منه، يجب أن يكون الدخول على رمضان دخولاً صحيحاً، قطاع الطرق أعدوا العدة، جهزوا المسلسلات، أرادوا أن يجعلوا شهر رمضان شهر تسالي وفكاهات، شهر ألغاز، وفوازير، شهر مسلسلات، أعدوا العدة بأشياء فيها أنواع من الفساد، والإفساد، واللهو، والطرب، والنساء المتبرجات، ولم يكف ذلك حتى سمموها، واعتدوا على تاريخنا، ثم على صحابة نبينا، بدؤوا بالقعقاع، وخالد بن الوليد، ووصلوا الآن إلى عمر بن الخطاب.
فمن يحاكي أبا حفص وسيرته | ومن يحاول للفاروق تشبيهاً |
من الذي يشبه الفاروق، حتى يمثل دور الفاروق؟ أخبروني؟: هذا المتخرج من الفنون، والمسرحيات، من الكلية ماذا يشبه في أبي حفص؟ ماذا يشبه منه، شبهه في أي شيء؟ في فقه، في عبادة، في حكمة، في عقل، في جهاد؟ يشبه الفاروق في أي شيء؟ في أي شيء يشبه الفاروق حتى يمثل دور الفاروق؟ ويأتون بمتبرجة وسافرة معروفة بالفسق في مسلسلاتها لتمثل دور زوجة عمر، الله أكبر، زوجة عمر، وهذا رجل أجنبي وأمامه امرأة أجنبية، وهو ينظر إليها، وتنتظر إليه، والموسيقى تعزف في المسلسل، عمر يفعل هذا؟ ماذا يسمى هذا؟ هذا معصية، فلذلك تجد المسلسل مملوء بالمعاصي، هل أصاب بعض الناس الدلع؟ لدرجة أنهم لا يأخذون سيرة خلفائهم، وأبطالهم، وقادتهم، إلا من المسلسلات، ما نعرف نفتح كتاب ونقرأ؟ الألف والأربعمائة سنة، الأمة هذه تأخذ تاريخ عظمائها من أين؟
التابعون عاصروا الصحابة، وعايشوهم، أخذوها بالقول، والفعل، والتابع التابعي سمعوا منهم، وهكذا استمرت وبالأسانيد المسلسلة، يروي جيل عن جيل، الكبير للصغير، والعالم للجاهل، يعلمونهم سير عظماء الأمة، هكذا مضت الأمة، من الكتب، ومن الأشخاص، ومن الدروس، ومن الخطب، ومن حلق العلم تعلموا سير الأفذاذ، الآن عجزنا نتعلم سيرة إلا من مسلسل، وماذا يوجد في المسلسل، من الذي يشابه الصحابة حتى يقوم بدورهم؟ هذا انتهاك لحرمتهم، هذا اعتداء على مكانتهم، ومنزلتهم، ولذلك تجد بعض المساكين الذين تعلقوا بهذه المسلسلات يقول: أنا إذا سمعت اسم فلان قفز إلى ذهني تلك الصورة، ما أستطيع أن أمحوها من ذهني، أن هذا الصحابي كذا شكله، وهذا كذا، وهذا كذا.
عباد الله: بعض الأشياء الحربية، والعسكرية، للأكشن، وأشياء ثلاثية الأبعاد، فائقة في الإخراج للإعجاب، والإبهار، ثم دس سم، ما هي شخصية عمر التي ستعرض؟ شخصية عمر التي كان يقول: دعني أضرب عنق هذا المنافق؟ شخصية عمر الذي رد على من كان مشركاً في أحد ويقول: أخزاك الله لك ما يسوؤك؟ شخصية عمر الذي كان يقول الحق، لا يخاف في الله لومة لائم، أم ستعرض الشخصية على أنها شخصية إدارية، وأخذت أشياء، وفي القيادة، وحفظ حقوق الأقليات، وقصة عمرو بن العاص التي سندها ظلمات بعضها فوق بعض، حتى من الناحية الحديثية لم تثبت، تمييع الدين عن طريق أخطر الشخصيات التي، ثالث أفضل رجل في الإسلام.
الكلام طويل يا عباد الله: في مسألة المسلسلات، لكن الشاهد أن هناك قطاع طرق، ولصوص، يقطعون الطريق في العبادة على الناس في رمضان، تفريغ رمضان من محتواه، وإشغال الناس بأشياء أخرى، وكأن النهار له رب، والليل له رب آخر، والله رب الليل، والنهار، يكور الليل على النهار، والنهار على الليل .
ونتذكر في رمضان هذا أن أناساً من إخواننا بالشام لن يصومون؛ لأنهم صاروا قتلى في المجازر، والمذابح، المجازر، والمذابح هذه التي يصر الباطنية على اقترافها؛ لكي يعلموا الناس في العالم ما هو دين الباطنية؟ دين الباطنية هذا بفرقها الموجودة أنهم أسوأ من اليهود والنصارى، أسوأ من أهل الكتاب، ألعن، وأسوأ من كفار الأرض الباطنية، الحذر منهم، هذه الطوائف أنشأها اليهود، وغيرهم لضرب الإسلام، وقد أصاب اليهود في فعلهم من وجهة نظرهم؛ لأننا إذا رأينا أفعال هذه الطوائف الآن في المسلمين نعرف لماذا أنشأت هذه الطوائف، لماذا أنشأت هذه الفرق لماذا؟ اثنين وسبعين فرقة، وسلمت زمام الأمور من الاستعمار لماذا؟ انظروا النتائج؛ لنعرف الخطة الكبيرة المعدة لهذه الأمة.
اللهم إنا نسألك في مقامنا هذا، أن ترحم إخواننا المستضعفين، اللهم ارحم ميتهم، اللهم اؤجر شهيدهم، اللهم اشف مريضهم، وأبرئ جريحهم، وآو شريدهم، وأطعم جائعهم، واكس عاريهم، يا رب العالمين، يا أرحم الراحمين.
اللهم اجمع كلمة إخواننا في الشام، وبورما، وسائر الأرض على الدين، اجمع كلمتهم على التوحيد، ثبت أقدامهم، سدد رميهم، انصرهم على عدوهم، اللهم إنا نسألك في مقامنا هذا أن تقسم ظهور هؤلاء الجبارين، اللهم العنهم لعناً كبيراً، وخذهم أخذاً وبيلاً، أحصهم عدداً، واقتلهم بدداً، اللهم إنا نسألك أن تباغتهم بنقمتك، وأن تعاجلهم بعقوبتك، اللهم ائتهم من حيث لا يحتسبون، اللهم اقذف الرعب في قلوبهم، اللهم اجعلهم وأموالهم غنيمة للمسلمين، يا رب العالمين عجل نصر إخواننا في الشام، وبورما، وسائر الأرض، اللهم أقر أعيننا بيوم قريب، تعز فيه دينك، وعبادك الصالحين.
آمنا في الأوطان، والدور، وأصلح الأئمة، وولاة الأمور، واغفر لنا، يا عزيز يا غفور، اللهم مكنا من صيام رمضان، وبلغنا شهر الصيام، وأعنا فيه على القيام، اللهم اجعلنا لك مخبتين، لك ذاكرين، لك شاكرين، يا رب العالمين، اغفر لنا ذنوبنا، وإسرافنا في أمرنا، واغفر لآبائنا، وأمهاتنا، واغفر للمؤمنين، والمؤمنات، واجعل بلدنا هذا سخاءً رخاءً وسائر بلاد المسلمين، اللهم من أراد بلدنا هذا بسوء فامكر به وابطش به، اللهم اقمعه، اللهم اقطع دابره، يا رب العالمين، اجعل بلاد المسلمين محكمة لشرعك، عامرة بذكرك، إنك على كل شيء قدير، وبالإجابة جدير، والحمد لله رب العالمين، وقوموا إلى صلاتكم، يرحمكم الله.