الثلاثاء 4 جمادى الأولى 1446 هـ :: 5 نوفمبر 2024 م
مناشط الشيخ
  • يتم بث جميع البرامج عبر قناة زاد واليوتيوب

أهل النار


عناصر المادة
الخطبة الأولى
أسباب النفور من سماع مواعظ النار والموت
الخوف من الله  من أجل العبادات
لماذا نتكلم عن النار؟
صفات النار وأهلها
الخطبة الثانية
أهمية الاتعاظ بالنار

الخطبة الأولى

00:00:07

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَسورة آل عمران102.يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًاسورة النساء1.يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ۝ يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًاسورة الأحزاب 70- 71.

أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد ﷺ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

أسباب النفور من سماع مواعظ النار والموت

00:01:30

أيها الإخوة: هناك ظاهرة منتشرة بين الناس تحتاج إلى تفكير لمعرفة أسبابها وعلاجها، وهذه الظاهرة أيها الإخوة هي ظاهرة النفور من سماع مواعظ النار والموت، فإن الناس إذا جئت تكلمهم عن هذه الأمور وجدتهم يصدون عنك صدوداً، ورأيتهم يحبون الكلام عن رحمة الله تعالى ولا يحبون الكلام عن عذاب الله تعالى، وجدتهم يحبون الكلام عن الجنة، ولكنهم لا يرغبون في الكلام مطلقاً عن النار، وجدتهم يحبون الكلام عن ثواب الطاعات، ولكنهم لا يحبون الكلام مطلقاً عن عذاب القبر وأهواله، ولا شك بأن النصف الأول من هذه الظاهرة طيب وحسن، ولكن المشكلة -أيها الإخوة- في النصف الثاني من هذه القضية: لماذا يصد الناس عن سماع المواعظ وعن التذكرة بالخوف وعذاب القبر، وعذاب جهنم، وأهوال المحشر والنشور؟ إنهم يصدون عن ذلك لأسباب منها:

أولاً: أن الكلام عن النار وعذاب القبر والسيئات ومآلها يؤلم النفس، يسبب ألماً في النفس، والنفس تنفر من كل ما يؤلمها، ولذلك فإن الناس لا يحبون الكلام في هذه المواضيع.

والشيء الثاني: أن الناس قد عمروا دنياهم وخربوا آخرتهم، إن الناس قد عمروا دنياهم وخربوا آخرتهم، فإذا جئت تذكرهم بالموت فإن هذا يعني الانتقال من العمار إلى الخراب، الانتقال من الدنيا وزينتها وزخرفها إلى خراب الآخرة الذي لم يعدوا له العدة، ولم يحسبوا له الحساب.

الخوف من الله من أجل العبادات

00:04:08

ولذلك يا إخواني كان الخوف من الله من أجل العبادات وأقربها إلى المولى ، فإن الخوف والرجاء خطان متقابلان من خطوط النفس البشرية، يركز القرآن والسنة عليهما تركيزاً شديداً؛ لأن الناس يتحمسون للعبادة والطاعة إذا اجتمع لهم الأمران، إذا اجتمع لهم رحمة الله وثوابه وحسناته، وهذا هو الرجاء، واجتمع لهم الخوف من عذابه وجهنم، فإن هذا الخوف هو الذي يبعثهم على ترك المعاصي والإزورار عنها والاقتراب من طاعة الله .

لماذا نتكلم عن النار؟

00:05:02

ونحن -أيها الإخوة- سبق أن تكلمنا عن جوانب من الرجاء، وتكلمنا عن الجنة وما فيها من النعيم والحور العين، في خطب سابقة، ولعل الوقت مناسب أن نتكلم بعض الشيء عن جهنم وما أعد الله فيها من العذاب، واعلموا أيها الإخوة بأن القصد من الكلام عن جهنم ليس هو الحكم على الحاضرين جميعاً بأنهم من أهل النار، كلا والله، ولا تنفير أو تشديد كما يفعله بعض الجهلة، وإنما هو تذكير بعذاب الله نتذكر فيه جميعاً حتى تكون فيه العبرة والعظة، نحن نذكر جهنم أيها الإخوة في هذا المقام لا لنحكم على الحاضرين بأنهم من أهلها، ولكن لنبعد أنفسنا ونبعد أنفسنا جميعاً وأهلينا عن هذه النار، التذكرة بها تسبب البعد عنها والأخذ بأسباب النجاة.

صفات النار وأهلها

00:06:12

إن جهنم عظيمة لها سبعون ألف زمام، على كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها، فاضرب سبعين ألفاً في سبعين ألف لتعرف كم عدد الملائكة العظام الذي يجرون جهنم، كما ورد في حديث الإمام مسلم، أهلها عمي وبكم وصم، قال : وَهُمْ فِيهَا لَا يَسْمَعُونَسورة الأنبياء100، توضع في أعناقهم حبال النار كامرأة أبي لهب، ويجرون أمعاءهم فيها كعمرو بن عامر الخزاعي، تسود وجوهم كأنما أغشيت قطعاً من الليل من مظلماً، تلفح وجوههم النار، وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَسورة التوبة49، لَهُم مِّن جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِن فَوْقِهِمْ غَوَاشٍسورة الأعراف41، فراشهم من النار، ولحافهم من النار.

ما طعامهم؟ لَّيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِن ضَرِيعٍ ۝ لَا يُسْمِنُ وَلَا يُغْنِي مِن جُوعٍسورة الغاشية6-7، إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ ۝ طَعَامُ الْأَثِيمِ ۝ كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ ۝ كَغَلْيِ الْحَمِيمِسورة الدخان43-46، وَطَعَامًا ذَا غُصَّةٍ وَعَذَابًا أَلِيمًاسورة المزمل13، فإذا غصوا بهذا الشوك والزقوم الذي أكلوه ماذا يكون لهم من الشراب؟ هذا الزقوم أيها الإخوة لو أن قطرة من الزقوم قطرت في دار الدنيا لأفسدت على أهل الدنيا معايشهم فكيف بمن تكون طعامه، لأفسدت على أهل الأرض معايشهم، لأفسدت عليهم أنهارهم وبحارهم، ونباتاتهم وأشجارهم، لأفسدت على أهل الأرض معايشهم، قطرة واحدة فكيف بمن يكون الزقوم طعامه بائناً وأبداً؟ فإذا غصوا بهذا الزقوم فما شرابهم الذي يستعينون فيه على بلع اللقم؟ وَسُقُوا مَاء حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءهُمْسورة محمد15، حميماً متناهياً في الحرارة، وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاء كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءتْ مُرْتَفَقًاسورة الكهف29،  مهلاً .... الزيت المغلي، هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌسورة ص57، حميم وغساق وهو ما سال من جلود أهل النار، من قيحهم وصديدهم وما يخرج من فروج الزناة والزواني من النتن، وَيُسْقَى مِن مَّاء صَدِيدٍ ۝ يَتَجَرَّعُهُ وَلاَ يَكَادُ يُسِيغُهُسورة إبراهيم16-17، يُصَبُّ مِن فَوْقِ رُؤُوسِهِمُ الْحَمِيمُ ۝ يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُسورة الحـج19-20.

فما لباسهم؟ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِّن نَّارٍسورة الحج19، قال إبراهيم التيمي رحمه الله: سبحان الذي خلق من النار ثياباً، قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِّن نَّارٍسورة الحج19.

فما ظلهم الذي يستظلون به؟ انطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلَاثِ شُعَبٍسورة المرسلات30، دخان كثيف جداً ينقسم من ضخامته إلى ثلاثة أقسام، ثَلَاثِ شُعَبٍ ۝ لَا ظَلِيلٍ وَلَا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِسورة المرسلات30-31. هل يظلهم؟ إنه لا يظلهم لَا ظَلِيلٍ وَلَا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِسورة المرسلات31، إنها جهنم، إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِسورة المرسلات32، شررها فقط وليس لهيبها، شررها كالقصور والقصور الضخمة، كَأَنَّهُ جِمَالَتٌ صُفْرٌسورة المرسلات33أو كأنه إبل سود عظيمة، فإذا تسلقوا جهنم ليخرجوا منها كيف يعادون فيها؟ وَلَهُم مَّقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍسورة الحـج21، مطارق تضربهم بها الملائكة فيعودون يقعون في جهنم.

كيف يسحبون فيها؟ يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْسورة القمر48، إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَسورة غافر71، إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلَاسِلَا وَأَغْلَالًا وَسَعِيرًاسورة الإنسان4، خُذُوهُ فَغُلُّوهُ ۝ ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ ۝ ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُسورة الحاقة30-32.

كيف صورهم وما هي خلقتهم؟

إن الله يغير خلقة أهل النار بشكل يتناسب مع عذابهم، حتى يشتد ويعظم ويسمن الجز العظيم، ويسمن البدن العظيم من بدن هذا العاصي، وهذا الكافر.

روى الإمام أحمد عن زيد بن أرقم مرفوعاً إلى رسول الله ﷺ وهو حديث صحيح:  إن الرجل من أهل النار ليعظم للناريضخمه الله ويكبره حتى يكون الضرس من أضراسه كأحد[رواه أحمد19266]مثل جبل أحد، هذا ضرس واحد من أضراسه، وقال عليه الصلاة والسلام فيما رواه الترمذي والحاكم عن أبي هريرة بإسناد صحيح: وإن مجلسه من جهنم ما بين مكة والمدينة[رواه الترمذي2577]، مجلسه من جهنم المكان الذي يشغله من جهنم ما بين مكة والمدينة، وقال فيما يرويه الإمام أحمد والحاكم عن أبي هريرة: ضرس الكافر يوم القيامة مثل أحد، وعرض جلده سبعون ذراعاً، وعضده مثل البيضاء[رواه الترمذي2578] جبل من جبال العرب- عضد الرجل في النار مثل جبل من جبال العرب يسمى البيضاء وفخذه مثل ورقان[رواه أحمد8345]وهو جبل أسود على يمين المار من المدينة إلى مكة، هذا حجم ضرسه وفخذه وعضده وسمك جلده، يرسل البكاء على أهل النار فيبكون حتى تنقطع الدموع، ثم يبكون الدم بدلاً من الدموع حتى يصير في وجوههم كهيئة الأخدود، لو أرسل فيها السفن لجرت من عظم هذه الأخاديد المملوءة بالدم، بعدما انقطعت الدموع، هل يموتون؟ هل يستريحون من عذابهم؟ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيىسورة طـه74، وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍسورة إبراهيم17، لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُم مِّنْ عَذَابِهَاسورة فاطر36، وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَسورة الزخرف77، ليمتنا ربك فنستريح، ليقض علينا ربك، قال: إِنَّكُم مَّاكِثُونَسورة الزخرف77، أيها الإخوة إذا قارنتم بعذاب الدنيا بأعظم عذاب في الدنيا مع عذاب الآخرة هل يساوي بجنبه شيء؟ هل يكون بجانبه شيء؟ كلا والله، في الدنيا إذا احترق جلد الإنسان وفني جلده ماذا يكون بعد ذلك؟ إنه الموت، إذ لا جلد بعد ذلك يتعذب به الإنسان، ولكن في جهنم كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ الْعَذَابَسورة النساء56، نَزَّاعَةً لِّلشَّوَىسورة المعارج16تنزع جلد الرأس، ليس العذاب عذاباً حسياً فقط بل إنه عذاب معنوي كذلك، كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَاسورة الحج22، إنه الغم، وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللّهُ وَلاَ يَنظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْسورة آل عمران77، ويقول لهم مبكتاً قَالَ اخْسَؤُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِسورة المؤمنون108، بل إن الاستهزاء من نصيبهم في العذاب فإن الله يقول مستهزئاً بأهل النار عندما يذيقهم من عذابها: ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُسورة الدخان49.

وفقنا الله وإياكم للعمل بطاعته والبعد عن معصيته. وأستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه.

الخطبة الثانية

00:15:08

الحمد لله وحده وأشهد أن لا إله إلا هو يسبح كل شيء بحمده، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، دلنا على النجاة وطرقها، ودلنا للبعد عن المهالك وطرقها.

أهمية الاتعاظ بالنار

00:15:24

أيها الإخوة: هذه الطائفة اليسيرة من أنواع العذاب الواردة في القرآن والسنة، لا بد أن تحدث في نفوسنا خوفاً من الله ، خوفاً يباعد عن معاصيه وعن المهالك وسبل الشيطان، ولا بد أن تغلب في أنفسنا حناناً واقتراباً من طاعة الله تعالى للفوز بالجانب الآخر من أنواع الجزاء وهو الجنة.

أيها الإخوة: هذه أنواع العذاب في النار، هذه أنواع العذاب، من يصمد لها، ومن يقوى عليها، أين الزناة والزواني، وأين أهل اللواط والفاحشة، أين الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا، أين أكلة الربا وأكلة أموال الأيتام، أين الذين يصدون عن سبيل الله، ويبغونها عوجاً، أين الذين يحكمون بغير ما أنزل الله، ويشرعون للبشر من عند أهوائهم وأنفسهم، أين الذين يعقون آباءهم وأمهاتهم، أين الذين اتخذوا سبيل الغي وتركوا سبيل الرشد، أين الذين يستهزئون بسنن رسول الله ﷺ، أين الذين يتطاولون على عباد الله المؤمنين فيصفونهم بالتشدد والرجعية، أين الذين ظلموا أنفسوا، وأين الذين ظلموا غيرهم من الناس، أين الذي يزينون للناس سبل الباطل والشيطان، أين الذين اتخذوا الكذب والنفاق أخلاقاً، وانعدمت من ضمائرهم أية خلق فاضل، وأي صادق، وأي أمانة، أين الذين يخونون الله بالليل والنهار، وأين الذين يختانون أنفسهم، أين الذين زينوا للناس كل وسائل اللهو والعبث التي تلهيهم عن ذكر الله وعن الصلاة؟

أيها الإخوة: أين الذين جانبوا كتاب الله وسنة نبيه، وغرقوا في أوحال المادة، وحياة الدنيا يلهون ويلعبون غير مكترثين بما يكون لهم غداً عند الله من العذاب والنكال، أين الذين أعرضوا عن القرآن والسنة وأحكامهما، أين الذين إذا تليت عليهم آيات الله أغاروا عليها بسهام التأويل والتحريف وسهام الاستهزاء والتأويل بالباطل حتى عادت آيات الله وأحاديث رسوله رسوماً وأطلالاً، ليست لها في أنفسهم حرمة ولا عهد، أين الذين خانوا عهد الله، أين الذين انكبوا على وجوههم وينكبون يوم القيامة في جهنم.

والنار مثوى لأهل الكفر كلهم طباقها سبعة مسودة الحفر
فيها غلاظ شداد من ملائكة قلوبهم شدة أقسى من الحجر
سوداء مظلمة شعثاء موحشة دهماء محرقة لواحة البشر
فيها الجحيم مذيب للوجوه مع الأمعاء من شدة الإحراق والشرر
فيها السلاسل والأغلال تجمعهم مع الشياطين قسراً جمع منقهر
والجوع والعطش المضني لأنفسهم فيها ولا جلدٌ فيها لمصطبر
لها إذا ما غلت فور يقلبهم ما بين مرتفع فيها ومنحدر
جمع النواصي مع الأقدام صيرهم كالقوس محنية من شدة الوتر
يا ويلهم تحرق النيران أعظمهم بالموت شهوتهم من شدة الضجر
ضجوا وصاحوا زماناً ليس ينفعهم دعاء داعٍ ولا تسليم مصطبر
وكل يوم لهم في طول مدتهم نزع شديد من التعذيب والسعر

اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك، اللهم يا من تقي من الشرور قنا عذابك يوم تبعث عبادك.

اللهم بعلمك الغيب، وقدرتك على الخير، نجنا من عذاب النيران يا رب العالمين، ربنا اصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراماً إنها ساءت مستقراً ومقاماً، اللهم واجعلنا من الناجين على الصراط ولا تخدشنا بكلاليب النيران يا أرحم الراحمين.

اللهم إنا نعوذ بك من جهنم من زقومها وغسلينها، وحميمها ويحمومها، اللهم اعتق رقابنا من النار، اللهم اعتق رقابنا من النار، ولا تزل أقدامنا يوم تزل الأقدام، واكتب لنا الجنة برحمتك وعفوك يا أرحم الراحمين.

أيها الإخوة: إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءوَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ، فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ.

وقوموا إلى صلاتكم يرحمكم الله.

1 - رواه أحمد19266
2 - رواه الترمذي2577
3 - رواه الترمذي2578
4 - رواه أحمد8345