الخميس 20 جمادى الأولى 1446 هـ :: 21 نوفمبر 2024 م
مناشط الشيخ
  • يتم بث جميع البرامج عبر قناة زاد واليوتيوب

فاجعة رحيل الإمام الوالد ابن باز


عناصر المادة
الخطبة الأولى
فضل العلماء
ترجمة وحياة الشيخ عبد العزيز بن باز
الخطبة الثانية
رثاء الشيخ عبد العزيز
حكم الصلاة على الغائب

الخطبة الأولى

00:00:05

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

فضل العلماء

00:00:27

أشهد أن لا إله إلا الله هذه الحقيقة التي أشهد عليها أهل العلم فعظمهم ورفع قدرهم، وقرنهم بنفسه وملائكته فقال: شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ سورة آل عمران18، أشهدهم على أجل مشهود، وهو توحيده ، وهذا يدل على فضلهم، ونفى المساواة بينهم وبين غيرهم فقال: قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَسورة الزمر9، وأخبر أنه رفعهم درجات فقال: يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ سورة المجادلة11، وأخبر أنهم أهل الفهم عنه فقال: وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ سورة العنكبوت43، وأخبر أنهم أهل خشيته فقال: إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءسورة فاطر28، جَزَاؤُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُسورة البينة8، لماذا كانوا أخشى الأمة لله؟ لكمال علمهم بربهم ، وما أعد لأوليائه وما أعد لأعدائه، علمهم النافع دلهم على معرفة الرب، والمعرفة بما يحبه ويرضاه، وبما يكرهه ويسخطه ، فكل من كان بالله أعلم كان أكثر له خشية، وهم أهل العلم أبصر الناس بالشر، ومداخل الشر، قال : قَالَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالْسُّوءَ عَلَى الْكَافِرِينَ سورة النحل27، هؤلاء العلماء الربانيون الذين فهموا أن العذاب يحيق بأهل العذاب، وكذلك قال عنهم في قصة قارون: وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌسورة القصص80، وكذلك فإنهم ينهون الناس عن الشر لمعرفتهم به، لَوْلاَ يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ عَن قَوْلِهِمُ الإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ سورة المائدة63.

هؤلاء العلماء هم ولاة الأمر، وولاة الأمر تابعون لهم، ولاة الأمر هم العلماء والأمراء، والأمراء يتبعون العلماء؛ لأنهم ينفذون ما يقوله أهل العلم، فقوله أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ سورة النساء59 يدخل فيه العلماء أولاً ثم يدخل فيه المنفذون لكلامهم ثانياً، هؤلاء العلماء طاعتهم طاعة لله ، أمر بها، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ سورة النساء59، قال ابن عباس : يعني أهل الفقه والدين، وأهل طاعة الله، الذين يعلمون الناس معاني القرآن في دينهم ودنياهم.

وكذلك فإنه قد أوجب الرجوع إليهم وسؤالهم عما أشكل فقال: فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَسورة النحل43، إن العلماء ورثة الأنبياء، فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب وإن العلماء ورثة الأنبياء وإن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً، ولكنهم ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر[رواه أبو داود3641]، إنهم المبلغون عن الأنبياء الذين ينقلون للناس أحاديث الأنبياء، فهم يعلمونها ويحفظونها ويعرفون صحتها، ويميزون أمرها ويعلمون شرحها، وينقلونها للناس، إنهم الطائفة الذين أراد الله بهم الخير العظيم، من يرد الله به خيراً يفقه في الدين[رواه البخاري71]، إن نجاة الناس والعالم والأمة منوطة بوجود العلماء، فإن يقبض العلماء يهلك الناس، قال ﷺ: إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالماً اتخذ الناس رؤوساً جهالاً فسئلوا فأفتوا بغير العلم فضلوا وأضلوا[رواه البخاري100].

عباد الله: هذا موكب أهل العلم يسير ويقبض الله من شاء منهم، ويذهب من العلم طائفة عظيمة بقبض عالم من العلماء، أتدرون ما ذهاب العلم؟ قالوا لابن عباس: لا، قال: ذهاب العلماء.

الناس أحوج إلى العلماء منهم إلى الطعام والشراب؛ لأن الطعام والشراب يحتاج إليه في اليوم مرتين أو ثلاثاً، والعلم يحتاج إليه في كل وقت، كما قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى، إن مثل العلماء في الأرض كمثل النجوم في السماء، يهتدى بها في ظلمات البر والبحر، فإذا انطمست النجوم أوشك أن تظل الهداة، هؤلاء العلماء يهتدى بهم في الظلمات، ويبينون الحق من الباطل عند الاشتباه، وهم زينة أهل الأرض، كما أن النجوم زينة السماء، وهم رجوم للشياطين الذين يخلطون الحق بالباطل فيرجمون أهل الأهواء والضلالات بالآيات من الكتاب والسنة.

لأن تموت القبيلة بأسرها أيسر من أن يموت عالم واحد، هذا فضلهم قد جاءت به الآيات والأحاديث.

من هم العلماء؟ إنهم العارفون بشرع الله المتفقهون بدينه، الذين يقولون: قال الله، وقال رسوله، الذين يعلمون معاني الكتاب والسنة، العلماء هم الذين يعملون بعلمهم، العلماء هم الذين يخشون الله، العلماء هم الذين لا يخافون في الله لومة لائم، العلماء هم أهل السنة وهم أهل الحديث وهم أهل الفقه، هؤلاء هم العلماء المقصودون بهذه النصوص الشرعية.

ترجمة وحياة الشيخ عبد العزيز بن باز

00:07:54

لقد فجعنا وفجع المسلمون في العالم برحيل الشيخ العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله تعالى رحمة واسعة.

أبو عبد الله عبد العزيز بن عبد الله بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله من آل باز، المولود في الرياض في الثاني عشر من ذي الحجة، في عام ألف وثلاثمائة وثلاثين للهجرة الذي أصابه المرض مبكراً في عينيه فنتج عن ذلك أنه أصيب بالعمى في سن التاسعة عشرة، رحمه الله تعالى.

عزاءٌ بني الإسلام قد عظم الأمر وليس لنا إلا التجلد والصبر
فشيخ المعالي غاب عنا مسافراً إلى ربه إذ ضمه اللحد والقبر
لقد كان بدراً ضاء في الكون نوره ألا إنه الشيخ المبجل والحبر
فسمعته في الناس فهي فريدة وسيرته بيضاء ما مسها غدر
وإن هو أعمى العين فالقلب مبصر يساعده في علمه العقل والفكر
فهاهي تنعاه الجزيرة كلها لقد مسها من فقده الحزن والضر

إني لأحسبه والله حسيبه ممن انطبق عليه قول النبي ﷺ: يقول الله : من أذهبت حبيبتيه فصبر واحتسب لم أرض له ثواباً دون الجنة[رواه الترمذي2401]. رواه الترمذي، وقال: هذا حديث حسن صحيح.

رزقه الله بصيرة ونوراً في قلبه، وفراسة يميز الصادق من الكاذب، واختيار الناس للمهمات، كان قوياً في أمر الله على ما يستطيع ويقدر، وهو الذي رد على أهل الباطل باطلهم، ولما قال عظيم من العظماء، من عظماء الدنيا، إن القرآن فيه خرافات كقصة أصحاب الكهف وعصا موسى، كتب الشيخ مبيناً أن ذلك ردة وكفر، ولما كتب إليه نائب لذلك القائل أن القائل لا يقصد وأنه متراجع عن قوله، كتب له الشيخ آمراً: إن كان صادقاً بإعلان توبته على الملأ كما أعلن كفره على الملأ.

هو الشيخ الذي رد على أهل الباطل باطلهم وعلى أهل البدع بدعهم، فهذه كتبه ورسائله، حافلة بالرد عليهم، بين لما أمر الله أهل العلم أن يبينوا رحمة الله تعالى عليه، وهذه مقالاته في التحذير من البدع، كالاحتفالات غير الشرعية البدعية من المولد وذكرى الإسراء وليلة النصف من شعبان وغيرها قائمة، لما يرى المنكرات أمامه يتكلم، وعندما يرى انتشار ألوان الفحش والفساد من الأفلام والأغاني يتكلم عن ذلك وعندما يرى منكر سفر الناس إلى الخارج يتكلم عن ذلك، وعندما يرى فشوا المنكرات يتكلم عن ذلك، وهذه رسائله في المحرمات المنتشرة وفي البدع الكثيرة مع أخذه رحمه الله بالحكمة والموعظة الحسنة، نحن لا نبرؤه فهو بشر، ولا نرفعه إلى رتبة الأنبياء فليس بمعصوم، الحق ما وافق الكتاب والسنة، كان إماماً بحق لأهل السنة والجماعة في عصره، ومجدداً للدين فكم أحيا الله به من سنة وأمات من بدعة، وأيقظ من غفلة، وهدى من ضلالة فهو إمام إن شاء الله، داخل في قوله تعالى: وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًاسورة الفرقان74،

كان ساعياً في إزالة المنكرات، وخطاباته الكثيرة لم يطلع عليها الناس؛ لأنه كان يخاطب صاحب المنكر أو صاحب الشأن ولا يريد الفضيحة والتشهير ويسير على الحكمة في ذلك، مع ما في فعله رحمه الله تعالى من الاجتهاد، فاجتهد وتصدى للنوازل الكبار والمسائل الصعبة الشائكة، التي وجدت في هذا العصر والمتعلقة بأنواع المكتشفات والمخترعات، بما رزقه الله من العلم والفهم والبصيرة، فترأس مجمع الفقه الإسلامي الذي أصدر عدداً من الفتاوى في النوازل الفقهية المعاصرة التي يحار فيها العلماء ويضطربون، كان مجدداً جامعاً بين الفقه والحديث، يعرف الحديث وصحته، ويحفظ من أحاديث دواوين السنة الكثير، يعرف الرجال وضبط الأسماء، وتصحح النسخ والطبعات بين يديه، مع كونه ضريراً كان بحراً في معرفة أقوال العلماء لا يخرج عنها، ولا تكاد تجد له فتوى شاذة، فظهر رحمه الله عدلاً وسطاً بين طرفين مال أحدهما إلى الحديث ولم يشتغل بالفقه كما ينبغي، ومال الآخر إلى الفقه وأقوال الفقهاء ولم يهتم بالحديث كما ينبغي، فكان جامعاً بين الفقه والحديث، هذه من أعظم ميزات الشيخ، من أعظم ميزاته منهجه الجمع بين الفقه والحديث، هو الرئيس المسكت الذي تجتمع على قوله الآراء، وربما اختلف العلماء بين يديه في النقاشات في لجنة الفتوى أو في مجلس هيئة كبار العلماء فإذا قال قولاً فصل بينهم وأذعنوا له ورضخوا لرأيه وجعلوا لقوله صوتين في لجنة الفتوى مقابل صوت واحد لكل عضو من أعضاء اللجنة، هاتوا واحداً سيجتمع عليه العلماء بعد رحيل الشيخ فتكون له الكلمة المطاعة على الجميع، ويكون له النفوذ في كثير من أقطار الأرض، من الجهة العلمية، ومن الإذعان للفتوى، كان ينزل إلى مستوى العامة لتفهيمهم، ولم يكن يخاطبهم من علو بل كان كثيراً ما يجيب باللهجة العامي الدارجة ليفهموا عنه، كان متواضعاً لله ، قل ما كان يعلق في دروسه، مكتفياً بكلامه أصحاب الكتب كأن الدرس له ولمراجعته ومذاكرته وفائدته وتعليقاته على فتح الباري اليسيرة، يعلق على ما لا بد منه.

كان يذكر مشايخه ويترحم عليهم، ومن تواضعه أنه كان يقوم إلى العجائز والضعفة الواقفات ببابه لقضاء حوائجهن من مال أو سؤال أو قضية طلاق وغيرها، وأوقف مرة نقاشاً مع علماء كبار ليجيب امرأة بالهاتف، فلما عاتبه بعضهم قال: هذه صاحبة حاجة، ومن تواضعه جلوسه على الأرض للطعام، آكل كما يأكل العبد، وأجلس كما يجلس العبد، وبساطة لباسه يلبس ثوباً فضفاضاً لا رقبة له ولا يتعدى أنصاف ساقيه، وبشته ليس نفيساً غالي الثمن ولباسه وحذاؤه وعصاه تدل على زهده في الدنيا، ينفق مرتبه وربما يستدين لقضاء حوائج المسلمين، كان في غاية الديانة والأمانة، يُستأمن على الملايين من صدقات المسلمين وزكواتهم، فيجتهد في إنفاقها في وجوهها، كان يهتم بطلابه، ولما درَّس في الخرج جعل لهم سكناً وطلب لهم سكناً إضافياً لما ضاق، ومكافآت وعقد لهم الدروس والحلق بعد الفجر وبعد الظهر وبعد العصر وبعد المغرب وبعد العشاء، كان يذكر عنه بعض طلابه الذين يقرؤون عليه تفسير ابن كثير بين العشاءين: أنه كان كثيراً ما يتأثر ويبكي وربما يطول الدرس بسبب تأثره دون أن ينتبه، فإذا انتبه أنهى الدرس وأقيمت صلاة العشاء.

وكان يناقش طلابه، وخصوصاً في درس المواريث ويتفقد أحوالهم ويقضي حاجاتهم ويخرج معهم إلى البر ولا ينسى إقامة الرياضات البدنية لهم، كرياضة العدو والمسابقة على الأقدام التي وردت بها السنة، كما جاء في حديث عائشة وسلمة بن الأكوع، كان مشاركاً للناس والأهالي، ولما دهمت السيول بلدة الدلم في سنة ألف وثلاثمائة وستين للهجرة خرج يشجع الأهالي على إقامة السدود، وأخرج من بيته التمر والقهوة إلى مواقع العمل لخدمة الناس، ولما هاجمت أسراب الجراد البلد خرج الشيخ معهم لقتله بالجريد، وكان حريصاً على الأوقاف وإدارتها وإقامة المدارس، ولما عين في إدارة الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوي في عام ألف وثلاثمائة وواحد وثمانين وما بعدها كان يتفقد الفصول والطلاب ويعتني بالوافدين من البلدان الأخرى، وقضاء حوائجهم وتوفير الكتب لهم، والاهتمام بتعليمهم اللغة العربية، ولما عين رئيساً لإدارات البحوث العلمية والإفتاء عام ألف وثلاثمائة وخمس وتسعين، وغادر المدينة النبوية إلى الرياض للمنصب الجديد حصلت مشاهد من التأثر لدى أصحابه وطلابه، وألقى كلمة اختلط فيها الكلام بالبكاء والنشيج من الجميع، حتى قال أحد الحاضرين في نفسه:

بكينا وفاء لامرئ قل أن يرى له في الدعاة العاملين نظير
فخلوا ملامي إن ألح بي البكاء فإن فراق الصالحين عسير

أيها الإخوة: قليلون أولئك الذين تولوا المناصب فلم يتغيروا، قليلون أولئك الذين تولوا المناصب فلم يظلموا ولم يتجبروا، كان الشيخ واحداً من هؤلاء القلة لم يخربه المنصب، لم يشغله بالدنيا، لم يتجبر ويظلم من تحته، كان متواضعاً، كان إدارياً ناجحاً، كما تولى إدارة الجامعة الإسلامية وإدارة اللجنة الدائمة للإفتاء، وهيئة كبار العلماء، كان رجلاً منظماً في وقته وعمله ودروسه وطعامه ومجلسه، يعطي كل ذي حق حقه، كثيرة هي المشاريع الخيرية التي كان ابتداؤها منه، وكثيرة هي المشاريع الخيرية التي كان إنهاؤها على يديه من المساجد ومدارس تحفيظ القرآن ومنشآتها، المشاريع الخيرية المتعددة المبثوثة وراؤها أبو عبد الله، هو الذي يدفع بها، وهو الذي يكتب عنها، وهو الذي يطلب المسؤولين لإنفاذها لا شفاعات عظيم، وله تمييز عجيب لأصوات الناس مع كثرتهم حتى لربما عرف المتكلم ولو لم يسمع صوته منذ سنين، ويحفظ الأشخاص، ويسأل عن أحوالهم وأحوال بلدهم وأقاربهم مع كثرتهم البالغة، يترددون على مجلسه بالعشرات أو بالمئات أحياناً يومياً، هذا الإمام العلم أيها الإخوة لسنا نزعم أنه أعلم من الشافعي أو أحمد أو ابن تيمية كلا والله، ولكن أهميته في عصره لا تقل عن أهميتهم في عصورهم، إن لم تكن أكثر وحاجة الناس إليه أكثر لقلة العلماء في هذا الزمان بالنسبة إلى العلماء في الأزمنة الماضية، كان يكثر ذكر الله تعالى حتى وهو على الطعام وبين اللقم، كان ورعاً في الفتوى، كثيراً ما يقول: ننظر فيها، تحتاج إلى تأمل، اكتبها للجنة ونبحثها مع الإخوان، ولا يستنكف أن يقول في درسه في صحن الحرم المكي على الملأ من الناس، وسمعته بنفسي: المسألة مشتبهة عليَّ، ولا يجيب، وكم من مرة سألته فيتوقف عن الإجابة، ولو عرضت على طالب علم صغير لتسرع فيها، كان صاحب خشية لله، سريع الدمعة، شديد التأثر، يقطع درسه بالبكاء لما يغلبه، لا عجب في ذلك فقد قال الله: إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء سورة فاطر28، يقطع الجواب لإجابة المؤذن، ويستدرك ما فاته من الآذان لو سها وأكمل المكالمة، ولا يفوت الذكر بعد الصلاة بالرغم من كثرة السائلين حوله، ويقطع الكلام مع الشخص عند الخروج من المسجد لأجل أن يقول الذكر، كان عادلاً حتى بين زوجتيه، له زوجتان بلغ من عدله أنه لا يصلي سنة المغرب البعدية إلا في بيت التي هو عندها الليلة، فيبدأ من البداية، فيبدأ من بداية الليلة من بعد المغرب، من بعد صلاة الجماعة، لا يصلي سنة المغرب إلا في بيت التي هو عندها.

هذه شفاعاته لا تعد ولا تحصى، أدى زكاة جاهه كما أدى زكاة علمه، رغبة – نحسبه – في قوله ﷺ: اشفعوا تؤجروا[رواه البخاري1432]. شفاعاته للكبار والصغار، كم من طالب قبل في جامعة، وكم من فقير حصل على صدقة، وكم من عامل استقدم زوجة وغير ذلك كثير كثير كثير من شفاعات أبي عبد الله، نسأل الله أن يجعلها في ميزانه يوم يلقاه.

كان ساعياً بالصلح بين الخصوم لما كان قاضياً، وبعد القضاء يسعى بالصلح بين الأزواج والزوجات، والإصلاح بين المتخاصمين، كان حليماً عفواً سمحاً متسامحاً دخل عليه أيام كان قاضياً بالدلم رجل سباب فسب الشيخ وأفحش، والشيخ ساكت لا يجيب، ثم سافر الشيخ للحج فمات ذلك الرجل فلما قدموه لصلاة الجنازة أبى إمام المسجد وكان يعرف الواقعة، وقال: لا أصلي على شخص يشتم العالم، صلوا عليه أنتم، ولما عاد الشيخ من الحج وأخبر بموت الرجل الذي سبه والقصة ترحم عليه وعاتب الإمام وقال: دلوني على قبره، فصلى عليه ودعا له.

وقلت له قبل موته بأيام: أريدك يا شيخ أن تسامحني وتحللني، فلا يخلو الأمر من خطأ في حقك أو تقصير أو إخلال في فهم كلامك والنقل عنك، فقال لي: مسامح، مسامح، سامحك الله، هذا هو طبعه المسامحة، وهذا من أسباب اجتماع القلوب عليه ومحبة الناس له، أنه لم يكن يصادم، ولم يكن يرد بسفاهة، وإنما كان حليماً رحمه الله، كان متأدباً حتى مع كتابه، فمرة أطال إلى الساعة الحادية عشرة ليلاً ثم قال: يبدو أنا قد تعبنا، مع أن الشيخ لم يتعب، ولكن قال ذلك مواساة للكاتب الذي كان يكتب معه فتأخر إلى هذا الوقت.

وهو الذي كان من أصحاب العبادات والطاعات، قال أحد الذين رافقوه من الطائف إلى الرياض براً: لما صرنا في منتصف الليل، بعد الساعة الثانية عشرة ليلاً قال لمرافقيه: يبدو أننا تعبنا، قفوا لننام في الطريق، فتوقفنا فما لامست أقدامنا الأرض إلا وأخذنا النوم، والجيد منا من صلى ركعة أو ثلاث، قبل أن ينام، فشرع الشيخ في الصلاة، فاستيقظ من كانوا معه قبل الفجر فإذا بالشيخ يصلي. كذا جاء حديث عن النبي ﷺ في الثلاثة الذين يضحك الله إليهم.

جاءت رسالة من الفلبين إلى الشيخ من امرأة تقول: زوجي مسلم، أخذه النصارى وألقوه في بئر، وأصبحت أرملة وأطفالي يتامى وليس لي بعد الله أحد جل وعلا، فسألت: من يتحمل ومن يساعد، فقالوا لي: اكتبي للشيخ عبد العزيز بن باز ليساعد في ذلك، فلما قرأ الشيخ الخطاب وتأثر كتب للإدارة بالمساعدة، فلما جاءه الجواب أنه لا يوجد بند لذلك، قال: اخصموا من راتبي نفقة هذه المرأة وأرسلوها فوراً، لم يعلن القصة على الملأ، وإنما قالها الخاصة الذين عرفوا بها.

إن علمه وصل وانتشر في العالمين شرقاً وغرباً، حتى أن بعض الدعاة لما دخل في بعض بلاد أفريقيا وجد عجوزاً فقالت: من أين أنتم؟ فقلنا لها عبر المترجم: من بلاد السعودية، فقالت: بلغوا سلامي للشيخ ابن باز. هكذا حصل من نشر صيته في الأرض، والله إذا رضي عن عبد وضع له القبول في الأرض.

عباد الله: إن ذلك الشيخ كان أمة في الأعباء التي يقوم بها، يبدأ يومه قبل الفجر بالاستيقاظ في الثلث الأخير من الليل، فيصلي ما كتب الله له أن يصلي، ويستغفر لقوله تعالى:وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِسورة آل عمران17، وبعد صلاة الفجر يحرص على قراءة الأوراد، ولا يكاد يجيب أحداً حتى يقرأ الأوراد كلها، ثم يبدأ الدرس، فيقرؤون عليه حتى ساعة متأخرة من الضحى، ثم يتوجه إلى العمل للإجابة على المعاملات والأسئلة الواردة من الأقطار الأخرى، وقضايا أصحاب الحاجات والشفاعات، ثم بعد ذلك يتوجه إلى بيته فيرتاح قليلاً ثم يدخل للإجابة على الهاتف ثم يتغدى مع الضيوف لم يكن يتغدى وحده رحمه الله تعالى ثم بعد ذلك راحة إلى صلاة العصر، وبعدها أعمال خاصة له وبمكتبه، ثم بين المغرب والعشاء الإجابات على الأسئلة، وهكذا بعد العشاء يلقي الكلمات في المساجد، ويحضر الندوات، ويحضر المحاضرات، كانت أعماله متوالية، وكان حريصاً على صيام الاثنين والخميس، وحضور دروس الفجر، ودعوة زواره، يستقبل الوفود من البلدان المختلفة، وينجز المعاملات، وهو رحمه الله تعالى يدعو غير المسلمين للإسلام، ويأتي بالمترجم ليقول لهم ما يريد أن يقوله حتى لم يكد يخلو يوم من ناس يسلمون بين يديه، لا يقلون عن خمسة، هذا أبو عبد الله أمة بعمله، جماعة بمفرده، رحمه الله تعالى، وجعل الجنة مثواه.

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

وأفسحوا لإخوانكم يفسح الله لكم.

الخطبة الثانية

00:29:16

الحمد لله رب العالمين، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، سيد الأولين والآخرين، وأعلم العلماء بكتاب الله والسنة صلى الله وعلى آله وصحبه أجمعين.

عباد الله: كان شيخكم رحمه الله كريماً سخياً يعطي من طلب ولا يكاد يرد من سأل، ولم يكن يأكل وحده فكان كثير الضيوف، ولا يأكل إلا ومعه أناس على مائدته، ولما مرض قال لنا مرة ونحن في مجلسه وقد حضر الطعام: تفضلوا أنتم وأنا اسمحوا لي. كان يعطي من طلب، ورأيته أعطى لباسه بشته من سأله إياه في مجلسه، متعه الله بعقله فلم يصبه زوال ولا خرف ولا تغير، وبعض النسيان الذي حصل له لكبر السن لم يؤثر على مقدرته في الإفتاء واستحضار الأدلة والتركيز والفهم، مع أنه دخل في التسعين، وقد سألته قبل أيام من موته عن امرأة ماتت وعليها سعي لم تأت به هل يقوم به ولدها عنها؟ فقال: الموت ما معه حيلة، ولولدها أن يسعى عنها، كما له أن يحج عنها، ثم وقف، ثم قال: ولكن يجب أن يكون محرماً بنسك عند سعيه، عند سعيه عنها يكون محرماً. فقلت له: مثل أن يحرم بعمرة ثم يطوف ويسعى لنفسه، وقبل أن يقصر شعره يسعى عن أمه؟ فقال: أو قبل أن يأتي بعمرته وبعد الإحرام. هذه الدقة وهذا الانتباه للسؤال، وفي الجواب لازمه ذلك إلى آخر عمره، عمل حتى آخر نفس، وكان دروسه مستمرة حتى أيام مرضه، ودرس الفجر يوم الخميس يزيد على ثلاث ساعات، عمل ثمان وخمسين سنة ولم يأخذ إجازة واحدة، وكان لا ينام في يومه إلا أربع إلى خمس ساعات، وبقية ذلك في العبادة ومصالح المسلمين، هذا الإنسان كيف يجد وقتاً لمعصية الله؟ من استعمله الله في طاعته، من هيأ له هذا الأمر، من أدخله في هذه العبادات وحوائج الناس والتدريس والفتيا كيف يجد وقتاً للمعصية، وهو مستحق للتقاعد منذ عشرين عاماً بكامل الراتب، ولكنه استمر لخدمة الإسلام ونصرة الدين، ومعنى ذلك أنه عملها بدون أي مقابل، ولما مرض، وكان يشتد عليه الألم إذا أفاق، هذا في آخر أيامه، إذا اشتد عليه الألم فإذا أفاق بعد ذلك قال لمن حوله من الكتاب والمساعدين: هاتوا ما عندكم اقرؤوا علي، فيقرؤون الرسائل والخطابات وقضايا الطلاق، والشكاوى من المنكرات، وخطابات الشفاعات، وغير ذلك مما ينفع به العباد والبلاد، كان لا يشتكي والله، جلست بجانبه وهو يتألم فقلت: خيراً، قال: بعض الشيء، أشكو بعض الشيء، وكان إذا اشتد به الألم، وقد أصابه سرطان المريء والبلعوم في آخر عمره إذا اشتد عليه الألم تغير لون وجهه وسكت ووضع يده على موضع الألم ولم يتأوه، ولم يصح، إن الإمام أحمد رحمه الله لما مرض فأنَّ سمع أن طاووساً كان يقول عن الأنين إنه شكوى، فما أنَّ أحمد حتى مات، فيشمت بموته ويفرح أصناف من أعداء الله، وهذه حقيقة نعرفها، أولهما: المنافقون الذين يريدون عزل الإسلام عن حياة الناس، وثانيهما: المبتدعة أهل الزيغ والأهواء، هؤلاء الذين سيفرحون بموت الشيخ عبد العزيز، أصحاب الشهوات الذين كانوا يقولون: إن المرأة ستسوق إذا مات ابن باز وارتحنا من فتاواه المتشددة، ولكن أخزاهم الله تعالى في الفترة الماضية، ومات الشيخ وهم في ذل وخيبة ولن يتحقق مقصودهم، لا رفع الله لهم رأساً ولا مكنهم مما يريدون، دعاة تحرير المرأة والاختلاط يريدون موت الشيخ بأي طريقة؛ لأن فتاواه عقبة في طريقهم، وهكذا أصحاب الشهوات والمنكرات يريدون وفاته والتخلص منه، ولكن الله لهم بالمرصاد، وسيقيض الله من هذه الأمة من يقوم ويتصدى، والحمد لله إن الدين لا يقوم على شخص واحد، وإن في هذه الأمة أفذاذاً وأخياراً، وعلماء ودعاة وطلبة علم يقفون بالمرصاد أمام دعاوى هؤلاء أرباب الشهوات وهؤلاء المنافقين الذين يريدون عزل الدين عن حياة المسلمين.

وأما عزاؤنا في وفاة الشيخ فإن على الرأس العزاء موت محمد بن عبد الله ﷺ الذي قالت عائشة فيه، فتح رسول الله ﷺ باباً بينه وبين الناس في آخر عمره، فإذا الناس يصلون وراء أبي بكر، فحمد الله على ما رأى من حسن حالهم، رجاء أن يخلفه الله فيهم بالذي رآهم، فقال: يا أيها الناس أيما أحد من المؤمنين أصيب بمصيبة فليتعز بمصيبته بي عن المصيبة التي تصيبه بغيري، فإن أحداً من أمتي لن يصاب بمصيبة بعدي أشد عليه من مصيبتي[رواه ابن ماجه1599]رواه ابن ماجه وهو حديث صحيح.

فعزاؤنا في موت الشيخ أولاً نتعزى بالمصاب الذي لقيناه ولقيته الأمة بوفاة محمد بن عبد الله ﷺ، فكل مصيبة دونه تهون، وعزاؤنا في الطلاب الذين تركهم والعلماء الذين خرجهم هذا الشيخ الفاضل، وهذه الكتب والرسائل التي سطرت علمه، فهو وإن رحل فإن علمه باقٍ وموجود فينا، ونحن مسؤولون عن نشره وتبليغه، ومن حق الشيخ علينا أن نقوم بعد وفاته بنشر علمه وفضله ومناقبه وأن نترحم عليه، وندعو له، ونتذكر بأسى وحزن أن أرقام الهاتف 4354444 و 4351421 في الرياض. و5562874 في مكة. و7460223 في الطائف، لن يرفع سماعتها الشيخ بعد اليوم ليجيب.

كانت أسئلة الناس يفزع بها إلى الشيخ ليجيب، كانت الملمات تعرض على هذا المجتهد، كنا إذا دهمنا الناس بالأسئلة فزعنا إلى الشيخ نتصل به وننقل إجابته، فلن يرد علينا الشيخ بعد اليوم في المستجدات، ولكن العزاء فيما تركه من الفتاوى، وفي العلماء الذين تركهم خلفه، فما من عالم مشهور في البلد إلا وللشيخ عليه فضل ومنه.

ونتذكر برؤية جنازته تلك المشاهد العظيمة لجنائز علماء الإسلام الذين قال السلف فيها: آية ما بيننا وبين أهل البدع يوم الجنائز.

وسيصلي على الشيخ من الجموع الغفيرة من لا يحصى ولا يعد.

رثاء الشيخ عبد العزيز

00:38:28
مهج تذوب وأنفس تتحسر ولظى على كل القلوب تسعر
الحزن أضرم في الجوانح والأسى يصلى المشاعر باللهيب ويصهر
كيف التحدث عن مصاب فادح أكبادنا من هوله تتفطر
كل امرئ فينا يذوب تعاسة والبؤس في دمه يغور ويزخر
لم لا وقد فقدوا أباً ومهذباً ورعاً بأنواع المفاخر يذكر
لما بدا للحاضرين كيانه والنعش يزهو بالفقيد ويفخر
هلعت لمنظره النفوس كآبة وبدا على كل الوجوه تحسر
نظروا إليه فصعدت زفراتهم والدمع غمر في المحاجر أحمر
كل يحاول أن يغطي دمعه لكنه يلقي النقاب فيسفر
يتزاحمون ليحملوه كأنهم سيل يموج وأبحر لا تجزر
يا راحلاً ريع الثقات لفقده وبكى تغيبه الحمى والمنبر
لو كنت تفدى بالنفوس عن الردى لفدتك أنفسنا وما نتأخر
لكن تلك طريقة مسلوكة وسجية مكتوبة لا تقهر
كل امرئ في الكون غايته الردى والموت حتم للأنام مقدر
كتب الفناء على الأنام جميعهم سيان فيهم فاجر ومطهر
لكن من اتخذ الصلاح شعاره تفنى الخليقة وهو حي يذكر
ما مات من نشر الفضيلة والتقى وأقام صرحاً أسه لا يكسر
ما مات من غمر الأنام بعلمه الكتب تشهد والصحائف تخبر
يا ناصر الإسلام ضد خصومه لك في الجهاد مواقف لا تحصر
قد كنت للدين الحنيف مُعضداً وبشرعة الهادي القويم تُعبِر
كم من فؤاد عام في لجج الهوى أنقذته أيام كنت تذكر
بصرته بهدي المشرع فارعوى عن غيه فلك الجزاء الأوفر
طوراً تحذره العذاب وتارة برضا الإله وما أعد تبشر
ولكم خطبت على الأنام مذكراً أن الحنيف على العباد ميسر
يا زاهداً عرف الحياة فما هوى في المغريات ولا سباه المظهر
نم في جنان الخلد-إن شاء الله-يا علم التقى وانعم بظل وارف لا يحسر

اللهم تغمد شيخنا عندك برحمتك يا أرحم الراحمين، وارفع منزلته في أعلى عليين، واخلف في عقبه في الغابرين، واخلف على الإسلام وأهله بخير يا رب العالمين، اللهم اجبر مصابنا، اللهم اجبر كسرنا، وصبرنا على مصابنا، اللهم اجعلنا عاملين بكتابك وسنة نبيك ﷺ، واجعلنا رجاعين لأهل العلم، واجعلنا من أهل العلم، واجعلنا أوفياء لأهل العلم، واجعلنا من الذين ينشرون العلم يا رب العالمين، اللهم إنا نسألك أن تعلي للشيخ درجته في الجنة، وأن تلحقه بمنازل الأبرار والشهداء والأنبياء، وأن تجعله ممن يلتقي بهم يا رب العالمين، اللهم إننا شهدنا بأنه صاحب فضل وعلم وخير، وأنت تعلم السر وأخفى، وأنت بصير بالعباد، لا نزكي عليك أحداً، أنت حسيبه وحسيبنا وحسيب كل أحد، اللهم فإنا نسألك له المغفرة ورفعة الدرجات، انشر رحمتك عليه وعلى العباد، اللهم ارزقنا الجنة وأعتقنا من النار، نحن ووالدينا وأموات المسلمين يا غفار.

حكم الصلاة على الغائب

00:43:06

واعلموا أيها الإخوة أن صلاة الغائب قد ذكر فيها العلماء أقوالاً فمنهم من قال: لا يصلى عليه إذا صلي عليه، كما اختار ذلك ابن القيم وغيره من المحققين، ومنهم من قال: يصلى على أئمة الهدى صلاة الغائب، ومنهم من قال: لكل أحد.

وقد صدر التوجيه بصلاة الغائب عليه، نسأل الله أن يجعلنا وإياكم ممن رحمهم ورفع درجاتهم ومنزلتهم في الجنة، إنه سميع مجيب قريب.

سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ ۝ وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ ۝ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

1 - رواه أبو داود3641
2 - رواه البخاري71
3 - رواه البخاري100
4 - رواه الترمذي2401
5 - رواه البخاري1432
6 - رواه ابن ماجه1599