الخميس 20 جمادى الأولى 1446 هـ :: 21 نوفمبر 2024 م
مناشط الشيخ
  • يتم بث جميع البرامج عبر قناة زاد واليوتيوب

عصابة الدراجات النارية


عناصر المادة
الخطبة الأولى
أهمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
عقوبة ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
التعاون على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
الخطبة الثانية
أصحاب الفجور والمنكرات وخطرهم
اعتداء أصحاب المنكر على أهل الحسبة

الخطبة الأولى

00:00:05

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أما بعد:

أهمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

00:00:28

فقد قال الله كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِسورة آل عمران:110،  قدم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على الإيمان بالله؛ دلالة على أهميته مع دخوله فيه، وبين أنه من أسباب خيرية هذه الأمة.

إنها أمة تأمر بما عرفه الشرع،وعلى رأسه توحيد الله، وتنهى عن المنكر الذي أنكره الشرع،وعلى رأسه الشرك بالله، يؤمنون بالله فيصدقون بشرعه،ولا يعبدون غيره، ولما كملوا أنفسهم سعوا في تكميل غيرهم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر،فهم أنفع الناس للناس،وهم خير الناس للناس،يقتفون آثار الصالحين من قبلهم، لَيْسُواْ سَوَاء مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللّهِ آنَاء اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ ۝ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُوْلَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ سورة آل عمران: 113-114، يأمرون بالمعروف، ويرشدون غيرهم إلى ما ينبغي عليهم فعله مما عرفه الشرع، وينهون عن المنكر، فيزجرون، ويمنعون غيرهم من الوقوع فيما أنكره الشرع بعد أن كفوا أنفسهم ومنعوها من المعصية.

إن من أسباب الصلاح التحلي بهذه الصفات التي ذكرها الله تعالى، وأمرنا أن يكون فينا من يقوم بهذه الفريضة، وهي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فقال: وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ سورة آل عمران:104، فلابد أن تكون الأمة قائمة بهذه الفريضة، وإلا أثمت كلها.

وإنما الأمر بالمعروف شيمتنا والآمرون به هم خيرة الزمن

إنهم صمام الأمان للمجتمع، وإلا غرق كما قال ﷺ: مثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها،فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم، فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقاً ولم نؤذ من فوقنا،فإن يتركوهم وما أرادوا هلكوا جميعاً وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعاً[ رواه البخاري (2493) ] فكذلك إذا منع الناس الفاسق عن الفسق نجوا ونجوا من عذاب الله، وإن تركوه على فعل المعصية ولم يقوموا عليه حل بهم العذاب، وهلكوا بشؤمه، وهذا معنى قول الله تعالى: وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً سورة الأنفال:25، بل تعم وتشمل الآخرين الذين سكتوا، والذين داهنوا ورضوا بالمنكر وإن لم يقترفوه، والذين لم يغيروا، ولم ينكروا، وهم يرون شرع الله ينتهك، وحدود الله تتعدى.

ولابد من القيام بهذه الفريضة محافظة على دين الناس، وعلى الصلاة، وعلى الفرائض، وعلى أعراض الناس، ودمائهم، وأموالهم.

هذه الفريضة العظيمة هيبة للأمة، ودليل على قوتها، وعلى تمسكها بدينها، وإذا انعدم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حل الخراب

تركنا الأمر بالمعروف حتى كأن الأمر بالمعروف مردِ
بيوت الحق تنعى من بناها ودور اللهو لا تحصى بعدِ
وصار العدل فينا مثل بيتٍ من الأوهام قام بغير عمدِ

عباد الله:

عقوبة ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

00:5:16

ترك الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر؛ يؤدي إلى تجرؤ الفسقة، وإلى المجاهرة بالمحرمات، وإلى أن تكون سمة وطابعاً للمجتمع، وإلى تشجيع الآخرين على إبراز ما عندهم من المعاصي، وإلى شيوع الفاحشة في الذين آمنوا.

وصار البغي بين الناس طبعاً فبعضهم على بعضٍ تجرا
أليس الأمر بالمعروف فرضاً فيدرأ عنهم بغضاً وبرا

لابد أن يكون لله أمة قائمة؛ من المحتسبين، الفاعلين، الآمرين، والناهين، ولما ضعفت هذه الفريضة؛ ضعف المسلمون، ولما غابت عن بعض بلدانهم كادت شمس الإسلام أن تغيب عنها.

يا عباد الله: ولتكن منكم أمة، لتكونوا أنتم أمة، وتعاونوا على البر والتقوى، لا بد من القيام بهذه الفريضة كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِسورة آل عمران:110، عبر بالجماعة، أي: تأمرون مجتمعين، وتنهون مجتمعين، فتقومون بهذا العمل.

إن القائمين بهذا العمل من خيرة عباد الله؛ لأنهم يريدون تحقيق الشرع، ونصرة الدين، وإقامة أمر الله فإنه يكون عليهم شديداً جداً أن يروا محرمات تشيع، ومفسقات ترتكب، وحدودٍ تنتهك، فلا بد أن يتآزر المجتمع في هذا الأمر.

الأمر يا عمرو بالمعروف مفترضٌ والقائمون به لله أنصار
والتاركون له عجزاً لهم عذر واللائمون له يا عمرو أشرار

كانت تربية الرجل الصالح لولده على هذه الفريضة من الصغر، فلابد أن نربي أطفالنا على القيام بها، والتآزر عليها.

ثم ينتج عنها أذى، فلابد من الصبر، يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ سورة لقمان:17، أمره بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بعد إقامة الصلاة، وقال بعدها: واصبر على ما أصابك؛ لأن من الأشرار من يؤذي، ومن يعتدي، ومن يتجرأ؛ فيسب، ويشتم، ويلعن، ويضرب، وإذا لم يكن هنالك تضافر وتعاون، فأين صفات المؤمنين الذي ذكرها الله في كتابه؟ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِسورة التوبة:71 فهذه ولاية بعضهم لبعض، وهذه مناصرة بعضهم لبعض، ماذا يفعلون في هذه المناصرة؛ الولاية، والمحبة، والمؤازرة، والتشجيع، والمشاركة، والتعاضد، والسند، إنهم أعوان على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

لا خيار لنا في هذا الطريق، وإلا لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ ۝ كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ سورة المائدة:78- 79،  فإذا توقف إنكار المنكر والتناهي عنه جاءت اللعنة، وحلت اللعنة، ونزل الغضب، وشمل المجتمع عذاب الله، ما من قومٍ يعمل فيهم بالمعاصي هم أعز وأكثر ممن يعمله لم يغيروه إلا عمهم الله بعقاب[ رواه أحمد (18745) وابن ماجه (4009). وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير (5749) ]،  وجاء في الحديث الحسن الذي رواه الترمذي، قوله ﷺ: والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر، أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقاباً منه، ثم تدعونه فلا يستجاب لكم[ رواه الترمذي (2169). وحسنه الألباني في صحيح الجامع الصغير (7070) ]، من الذي يريد أن يرفع يديه فيرد خائباً وهو حسير، من الذي يريد أن يناشد ويلح ولا يستجاب له، فهذه هي عاقبة الذي لا يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر، قال ﷺ: إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقاب منه[ رواه الترمذي (2168) وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير (1973) ]،  ولما قال ﷺ: ويلٌ للعرب من شر قد اقتربقالت زينب رضي الله عنها: أنهلك وفينا الصالحون؟ قال:نعم إذا كثر الخبث[ رواه البخاري (3346) ومسلم (2880) ]،  فإذا كثر الخبث يهلك الصالحون أيضاً، لكن إذا كان في البلد مصلحون فإن الله لا يهلكهم، ولا يسلط عليهم عذاباً، وأما مجرد الصلاح بدون الأمر به والنهي عن ضده، فلا يمنع العذاب، كان عمر بن عبد العزيز رحمه الله يقول:"إن الله تبارك وتعالى لا يعذب العامة بذنب الخاصة، ولكن إذا عملوا المنكر جهاراً استحقوا العقوبة كلهم".

التعاون على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

00:11:52

وعندما يكون هنالك من عباد الله من يقوم بهذه الفريضة، ومن هو متفرغ لها، ومن المحتسبين من يقوم عليها فلا بد من مناصرتهم، وإعانتهم، وتشجيعهم، والمشاركة معهم، فقضية المؤازرة والوقوف بجانب الذين يقومون بهذه الفريضة العظيمة التي هي صمام الأمان للمجتمع؛ قضية في غاية الأهمية.

وإنما الأمر بالمعروف شيمتنا والآمرون به هم خيرة الزمن

فيجب أن نكون بجانبهم، وأن ننصرهم، ولا خير فيمن لا ينصرهم، والذين ينادون بتهميش الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا شك أنهم من المنافقين؛ لأن الله ذكر صفات المنافقين فقال: يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِسورة التوبة:67، هذا طبعهم، وحالهم، فهم أرباب شهوات، فكيف يرضون أن يكون هنالك من ينهاهم، وكيف يرضون، ويحبون، وكيف يسكتون عن الذين يمنعونهم من نيل مبتغاهم، ولذلك سعوا للطعن في الحسبة والمحتسبين بكل سبيل، إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ غَرَّ هَؤُلاء دِينُهُمْ سورة الأنفال:49، استشاطت قلوب المنافقين غيضاً لما رأوا هؤلاء، فكروا عليهم بأنواع السباب، والشتيمة، والانتقادات، والطعن.

وهم بشر مثلهم ولكن أين أخطاء هؤلاء من هؤلاء، فإذا أخطأ المحتسب، فأين خطؤه وهو يقصد أصلاً بحسن نية الصواب، أين خطؤه من منتهكي الأعراض، وسراق الأموال، ومنتهكي حدود الله تعالى، الذين لا يرعون حقاً للإسلام، ولا لله الذي أنزل هذه الشريعة، ولا للمجتمع الذي يريد أن يعيش في ظل هذه الشريعة، ولذلك جاءت أقلامهم المسمومة بالكتابة لتجرأة الناس على الحسبة والمتحسبين، يريدون إسقاط هذه الركينة العظيمة للدين، هذه التي فيها عز الإسلام، وصلاح للمسلمين، فتكونت المؤامرة من أرباب أقلام، وفكر منحرف، يريدون إسقاط هذه الفريضة، وإلغاء الحسبة بالكلية، وبين أرباب الشهوات الذين يريدون أن يسرحوا، ويمرحوا في الأرض، ويعيشون فيها فساداً بلا رقيب ولا حسيب، بلا آخذ على أيديهم، هؤلاء الظلمة، الفسقة، الفجرة، قطاع الطريق، الذين لا يريدون بالمسلمين أمناً، ولا خيراً.

عباد الله: نسأل الله بأسمائه الحسنى أن يقيم علم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فينا، وأن يجعلنا على الخير أعواناً، وأن يوفقنا أجمعين للقيام بهذا الفريضة على ما يحب ويرضى، اللهم اجعلنا من الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر والحافظين لحدودك، إنك على شيء قدير، وبالإجابة جدير.

الخطبة الثانية

00:16:26

الحمد لله، معز من أطاعه، ومذل من عصاه، أشهد أن لا إله إلا هو وحده لا شريك له، لم يتخذ صاحبة ولا ولداً، ، لا حول ولا قوة إلا به، والاعتماد والتوكل عليه، لا غالب إلا هو، وهو الواحد القهار، أشهد أن لا إله إلا الله ينصر عباده المؤمنين، ويذل الفجرة، والكفرة، والعاصين، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وأمينه على وحيه، وصفيه من خلقه، ومجتباه، وخليله، اللهم صل وسلم وبارك على عبدك، ونبيك محمد، وعلى آله، وصحبه أولي الألباب، وعلى خلفائه، وأزواجه، وذريته الطيبين، وسائر الأصحاب، وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

عباد الله:

أصحاب الفجور والمنكرات وخطرهم

00:17:43

نعيش حياة عجيبة ولّد فيها رحم الشر أرباباً للفسق والفجور، لا يريدون للبلد الأمان ولا للناس الإيمان يريدون أن يكون الناس نهباً لهم لا يأمن الشخص على نفسه، ولا على عرضه، ولا على ماله، لا يقيمون الصلاة، ولا يرعون لله حقاً، هؤلاء يريدون الإفساد في الأرض، أصحاب الطبع العدواني، جماعات السلب، والنهب، وقطع الطريق، عصابات الدراجات النارية، الذين يصطحبون السكاكين، والمفكات، والعجرات، ينفخون صدروهم بقلة المبالاة، وقلة الأدب، المخدرات رفيقهم، والكتابات البذيئة على الجدران والسيارات دفاترهم، يفتخرون بتحدي المتحسبين وأهل الخير، جماعة من الفارغين، الفاشلين في الدراسة، العاطلين عن الأعمال، يمشون في الأرض مرحاً، يصعرون خدهم للناس، كبر، وجبروت، يمرحون بالباطل، ويمشون الخيلاء، ويتعاملون بالبطر والأشر، تجاوزوا حدودهم، وتكبروا على خلق الله، كأن الواحد منهم يريد أن يخرق الأرض، أو يبلغ الجبال طولاً، هؤلاء المختالون، الفخورون على عباد الله، الثرثارون، المتشدقون، أصحاب العنف، والبلطجة، من الذي سلم منهم؟! يخطفون الصغار، ويغتصبون الفتيات، ويتلاعبون بأعراض المسلمين، ويتحرشون بالعائلات، ويسرقون الاسطوانات، وأغطية العجلات والبضائع، ويخطفون الجوالات، أقلقوا راحة المسلمين، تسمع هدير إطارات عجلاتهم وهم يجوبون الشوارع، يهرّبون المخدرات، ويروّجون الخمور، ويستعملون التفحيط استعراضاً يدل على تفاهة عقولهم، وسخافة ما في رؤوسهم، يزعجون الناس، ويسدون الشوارع، ويرفعون أصوات الغناء، ويرقصون على الأرصفة، ويعتدون على المنشآت العامة والخاصة، تجمعات كالأوباش، يهيمون على وجوههم، أغاني ماجنة، وموسيقى صاخبة، ثم لا يريدون من أحد أن يعترض على تصرفاتهم، فإذا رمى أحدهم رقماً لفتاة، أو لاحقها وطاردها، أو أراد أن يخطفها وهي ماشية، أو ينزلها من السيارة فلا يريدون اعتراضاً على تصرفاتهم.

ليلهم سهو ونوم جاثمٌ ونهار في حطام ونشب
فهم أكسل شيء في التقى وعلى اللذات كالليث الهرب

فليلهم لهوٌ، ونهارهم سهوٌ وغفلة، وسجلات الشرطة حافلة بسرقاتهم، والبلاغات العديدة عما فعلوه في بيوت الناس وممتلكاتهم، هؤلاء أصحاب الجرائم، والجنايات، قتل، واغتصاب، وسرقة، واعتداء، هؤلاء الذين يفعلون أفاعيلهم أحياناً تحت وطأة المخدرات والخمور، ولا يريدون من أحد أن يقف في طريقهم، يستهترون بحياة الناس، ويتهاونون بالأرواح، فيقومون بالتفحيط بأنواعه، ويرونها استعراضات، هؤلاء الذين  يعلِّم بعضهم بعضاً الشر في المدارس والبيوت، بل حتى إذا دخلوا السجون لم يسلم منهم مسلم، هؤلاء الذين لا يرعون للطريق حقه، لا يغضون بصراً، ولا يفشون سلاماً، ولا يعاونون أحداً، ولا يغيثون لهفاناً، بل يعتدون، ولا يفرقون في اعتدائهم بين الصالح والطالح.

اعتداء أصحاب المنكر على أهل الحسبة

00:23:11

ثم كانت جريمتهم التي اجتمعوا عليها في الأسبوع المنصرم، من الاعتداء على أهل الحسبة، يتجمعون أوباشاً، وأشراراً، وفسقة، وفجرة، يكيلون اللكمات، والضربات، والاعتداء لمن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، وماذا كان ذنبه إلا أنه دعاهم إلى الله، ونهاهم عما حرم الله، وقد قص الله علينا في كتابه عاقبة الذين يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف، والذين يقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس، فبشرهم بعذاب أليم، فعاقبتهم شنيعة عند الله، هؤلاء الذين يريدون إغراق سفينة المجتمع، هؤلاء الذين لم يسلم من عدوانهم الصغير، والكبير، والذكر، والأنثى، يقيمون على معاصي الله، وينطلقون بلا رادع، هؤلاء إذا لم يؤخذ على أيديهم؛ فإن التشبه بهم، وفشو طريقتهم؛ فإنها الكارثة المحققة، أين رقابة الأسرة، أين متابعة الآباء، أين تربية المدارس، أين واجب المجتمع عموماً نحو هؤلاء، ولقد والله سرنا موقف المسؤولين من هذه الجريمة النكراء التي حصلت في مبنى هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومتابعة المجرمين الذين تم إلقاء القبض عليهم، من الذين لا يرون حرمة لله، ولا لرسوله، ولا لدينه، ولا لعباده الصالحين، هؤلاء أهل الإجرام والفساد، أصحاب المرض السرطاني، وأصحاب الفجور المنتشر؛ لابد من الأخذ على أيديهم، والضرب عليها، لابد أن يعلموا أن عملهم لن يمر دون عقوبة رادعة، ومحاسبة شديدة؛ ليكف بقية الفجرة الذين يجوبون الشوارع والأسواق، الذين يكونون العصابات، الذين لا يريدون أن ينعم المسلمون بالأمن، وإذا تم بحمد الله إخماد أكثر شر الباغين الذين استعملوا السلاح والتفجير، فنسأل الله أن يخمد شر هؤلاء الفاجرين، الذين عم شرهم، وطغى فسادهم في طرقات المسلمين، وأسواقهم.

اللهم إنا نسألك أن تبطش بهم، وأن تأخذ على أيديهم، اللهم عجل بهدايتهم وإلا فخذهم، اللهم عجل بهدايتهم وإلا فامكر بهم، وأعن من أراد تأديبهم يا رب العالمين، اللهم أيد القضاة، والمسؤولين للأخذ على أيدي هؤلاء السفهاء يا رب العالمين، اللهم اجعلهم عبرة للمعتبرين، اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعلنا أعزة بدينك يا رب العالمين، اللهم إنا نسألك أن تنصر المجاهدين في سبيلك والدعاة إلى دينك، اللهم أيدهم بتأييدك ووفقهم بتوفيقك، اللهم أعن رجال الحسبة على ما تولوا، اللهم أرشدهم، وسددهم، اللهم وفقهم، اللهم كن معهم ولا تكن عليهم، وأعنهم ولا تعن عليهم، وانصرهم ولا تنصر عليهم، اللهم اجعلنا من المتعاونين على البر والتقوى، ولا تجعلنا من المشاركين في الإثم والعدوان، اللهم اهد أولادنا، اللهم اهد شبابنا، اللهم أرشدهم إلى الحق يا رب العالمين، اللهم أدخلهم في دينك بسلام، اللهم اهدهم سواء السبيل، وأخرجهم من الظلمات إلى النور، اللهم إنا نسألك عيش السعداء، وموت الشهداء، وحياة الأتقياء، ومرافقة الأنبياء، اللهم إنا نسألك البر والتقوى، ومن العمل ما ترضى، اللهم ارحم موتانا، واشف مرضانا، واهد ضآلنا يا رب العالمين، اللهم استر عيوبنا وآمن روعاتنا، اللهم اقض ديوننا، اللهم إنا نسألك أن تغفر لنا أجمعين لا تفرق جمعنا هذا إلا بذنب مغفور، وعمل مبرور، وسعي متقبل مشكور، يا عزيز، يا غفور.

سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ ۝ وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ ۝ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

1 - رواه البخاري (2493)
2 - رواه أحمد (18745) وابن ماجه (4009). وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير (5749)
3 - رواه الترمذي (2169). وحسنه الألباني في صحيح الجامع الصغير (7070)
4 - رواه الترمذي (2168) وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير (1973)
5 - رواه البخاري (3346) ومسلم (2880)