الخطبة الأولى
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد ﷺ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
سنن الله الإلهية وخصائصها
عباد الله: إن الله خلق الموت والحياة، وجعل في هذه الحياة، وفي الأرض والسماوات سنناً مضطربة وفق عدله وحكمته ، وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُسورة الأنعام18، وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَسورة يوسف21، إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍسورة القمر49، وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًاسورة الفرقان2، فكل شيء تحت قدره، وتحت قهره، وتحت تسخيره، وتحت تدبيره ، وهذه السنن تشعر المؤمنين بالأمان، وأن ربهم سبحانه حكيم، وأنه ليس في هذا الكون أشياء تجري بلا حكمة، ليس في هذا الكون عبث، ليس في هذا الكون أقدار بلا فائدة، وإنما هي قواعد إلهية، ونواميس ربانية، يطمئن فيها المؤمنون بوعد الله لنصر أهل الإيمان، وإهلاك أهل الجحود والكفران، وإذهاب أهل الظلم والطغيان، فإذا تعرف المسلم على هذه السنن الإلهية، فإنه يسير وفقها، ويرسم حياته بناءً عليها، لا يريد أن يصادمها؛ لأن من يصادم سنن الله تعالى فعاقبته البوار والخذلان والنار، وكذلك فإن مشيئة الله تعالى في خلقه لا تتخلف، فهو له طرائقه الحكيمة سبحانه، من سار على سنته ظفر، ومن تنكبها خسر، والمؤمنون أجدر الناس بمعرفتها، وأحق الناس بالاطلاع عليها؛ لأنها لا تتبدل ولا تتحول، وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًاسورة الفتح23، وَلاَ تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلاًسورة الإسراء77، وإنما المهم أن يكون عندنا قلوب تفقهها، وأعين تبصرها، وآذان تسمعها، وقد ذكر الله في كتابه عدداً كبيراً من السنن في الكون، وفي النفس، وفي الحياة على مستوى الفرد، وعلى مستوى الجماعة، ومن ذلك نفهم أنها ثابتة، سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا(سورة الأحزاب62)، وأنها شاملة وعامة، وليست نادرة وشاذة، وَإِن تَعُودُواْ نَعُدْسورة الأنفال19، قُل لِلَّذِينَ كَفَرُواْ إِن يَنتَهُواْ يُغَفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُواْ فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الأَوَّلِينِسورة الأنفال38، ولذلك قال في قوم من الكفرة: دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَاسورة محمد10يعني: أمثالها في التدمير، أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِّنْ أُوْلَئِكُمْ أَمْ لَكُم بَرَاءةٌ فِي الزُّبُرِسورة القمر43، فإذن سيحيق بكم ما حاق بهم إذا استمررتم على طريقتهم، وأصررتم على نهجهم الباطل.
تتصف سنة الله تعالى في خلقه بالحكمة والعدل، أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَسورة القلم35- 36، فلا يسوي سبحانه بين مختلفين، وكذلك لا يفاوت بين متماثلين، وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلاً لاَّ مُبَدِّلِ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُسورة الأنعام115، سنن الله ترى آثارها، ومبادئها، تحولات التي تسير فيها من بدايتها إلى نهايتها، لكن أهل الكفر، والجهل، والمعصية يعمون عنها، وأهل الإيمان والعلم يرونها من أولها إلى آخرها، يرون إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْسورة الرعد11، يرون ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِسورة الروم41، يرون نفاذها وعدم تخلفها، وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلاَ رَآدَّ لِفَضْلِهِسورة يونس107، يرون أن الله يقهر بأقداره، ويغلب بسننه، وأنها تجري رغماً عن أنوف البشر، وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّن قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُم بَطْشًا فَنَقَّبُوا فِي الْبِلَادِ هَلْ مِن مَّحِيصٍسورة ق36، تجري على الأفراد، على الجماعات، على الأمم والشعوب، تجري في السماوات والأرض، وَلِلّهِ يَسْجُدُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلالُهُم بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِسورة الرعد15، أَفَغَيْرَ دِينِ اللّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَسورة آل عمران83، وهكذا نجد في الأحداث وما يستجد من الوقائع سنن الله تنطبق، والنواميس تسير، والقواعد الإلهية تتحقق، فتجد هذه سنة التغيير، إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْسورة الرعد11، من الحسن إلى السيئ، ومن السيئ إلى الحسن، بحسب ما فعل العباد من التغيير، تجدها مطبقة في الواقع، فيكونون في أمن فيصبحون في خوف، ويكونون في رخاء فيصبحون في شدة، ويكونون في غنى فيصبحون في فقر، هكذا وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ، ما غير الله عليهم إلا لما غيروا، فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ، حصل التغيير منهم، فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِسورة النحل112، جاء التغيير منه سبحانه لما حصل التغيير منهم.
أمثلة لسنن الله
تجد سنة المداولة، إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِسورة آل عمران140، يوم لهم ويوم عليهم، يوم لكم تنتصرون إذا أخذتم بأسباب النصر الشرعية، ويوم يحصل لكم قرح، وهزيمة بسبب تولي، ونكوص، وترك لبعض أسباب النصر الشرعية.
هناك سنة المدافعة، التدافع بين الحق والباطل، فأنت تراها عياناً بياناً يا عبد الله، وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَسورة البقرة251، يدفع أهل الباطل بأهل الحق، يدفع أهل الكفر بأهل الإيمان، يدفع أهل البدعة بأهل السنة، يدفع أهل الشرك بأهل التوحيد، ولولا هذه المدافعة لفسدت الأرض وعمها البدعة، والشرك، والمعصية، والكفر، والطغيان، ولكن سبحانه يداول الأيام بين الناس، وهكذا طوراً ينتصر أهل الإيمان، فإذا حصلت الغفلة، والترف رجعوا إلى ما كانوا فيه من ذل قبل الانتصار، بسبب ما غيروا به، ومن المدافعة القتال في سبيل الله، والجهاد في سبيله ، وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ.
وهناك سنة العقوبات، والمثلات، والتدمير فهو حق، وَإِن مَّن قَرْيَةٍ إِلاَّ نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَابًا شَدِيدًاسورة الإسراء58، إذن قد يكون إهلاكاً تاماً، وتدميراً عاماً، وقد يكون عذاباً وإهلاكاً جزئياً وليس بأخذ عام، لكن ما في بلد في العالم إلا سيصيبها إما إهلاك عام، أو تدمير جزئي، وعذاب شديد لا يصل إلى درجة الاستئصال، والقضاء التام، فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنبِهِ فَمِنْهُم مَّنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُم مَّنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُم مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُم مَّنْ أَغْرَقْنَاسورة العنكبوت40.
هناك سنة التمكين، يعد الله بها عباده المؤمنين، بصفات معينة إذا توفرت فيهم حازوها، الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِسورة الحـج41، مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةًسورة النحل97، هذه الحياة الطيبة تكون لمن؟ من جمع بين الإيمان والعمل الصالح.
ومن سنن الله تعالى أنه ينجي القرى إذا كان أهلها مصلحون، ويدفع عنهم العذاب إذا سلكوا سبل الإصلاح، وهذا الإصلاح له طرق شرعية، إذا تحقق الإصلاح فإنه يدفع العذاب، يدفع الإهلاك، وهذا الإصلاح له مجالات متعددة، فأولاً الله خلق الأرض صالحة، خلق الأرض قبل السماوات، خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِسورة فصلت9ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌسورة فصلت11، قبل أن يسبكها سبعاً طباقاً لها أبواب، فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاء أَمْرَهَاسورة فصلت12، خلق الأرض قبل أن يخلق السماوات، ولكن لم يكن خلق الأرض في مرحلته النهائية، بل جرى عليها تعديلات بعد خلق السماوات، أو جرى تغييرات فيها، وهي: الدحو والاستخراج، فإذن هذه الآية الأولى التي فيها أنه خلق الأرض ثم استوى إلى السماء فقضاهن سبع سماوات، ورفع هذه عن هذه، وجعل لكل واحدة منهن سمكاً فسمكها، وجعلها سقفاً محفوظاً، وزينها بالنجوم، ثم إنه دحا الأرض بعد خلق السماوات، فإذن خلقت الأرض أولاً، ثم خلقت السماوات، سمكت السماوات السبع، ثم بعد ذلك تم الاستخراج والدحو بدليل قوله تعالى: أَأَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاء بَنَاهَا رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءهَا وَمَرْعَاهَا وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا مَتَاعًا لَّكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْسورة النازعات27-33، فمن ناحية الإيجاد الأرض أولاً، ثم تطوير الأرض هذه تم بعد السماوات، هذا من باب الاهتمام والعناية، مزيد من العناية بسكان الأرض، خلق أرضهم أولاً، ثم خلق السماء، وهكذا في البناء، الأرض أولاً ثم السقف، وَجَعَلْنَا السَّمَاء سَقْفًا مَّحْفُوظًاسورة الأنبياء32، ثم جرت عمليات في الأرض من استخراج الأنهار وما جعل فيها من الأرزاق، وبث فيها من كل دابة، كله من أجل هذا الإنسان، فأعد السكن قبل الساكن، وجعل الأرض صالحة أيما صلاح، ولذلك قال لنا: وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَاسورة الأعراف56، الله أصلحها، لماذا تفسدونها؟ الله أصلحها، جعلها أرض خيرات، جعلها أرضاً يعبد عليها، لا تفسدوا فيها بالشرك، جعلها مباركة، فيها بركات فلا تذهبوا بركاتها بالمعاصي، جعلها نقية طيبة فلا تفسدوها بالتلوث، وأنواع الإفساد الأخرى.
أهمية الإصلاح وفوائده
الإصلاح كان سبيلاً لجميع الأنبياء، وقد أعلنه شعيب أمام قومه فقال لهم: وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُسورة هود88، وهذا الإصلاح هو سبيل الغرباء دائماً، فطوبى للغرباء الذين يصلحون ما أفسد الناس من بعدي من سنتي[رواه الترمذي وقال: حسن صحيح2630].
إذن الغرباء طوبى لهم وحسن مآب، والجنة، والشجرة العظيمة المباركة فيها، ما هي مهمتهم، ولماذا استحقوا كل هذا، الذين يصلحون ما أفسد الناس، موعودون بالأجر العظيم كما قال في الآية الأخرى: وَالَّذِينَ يُمَسَّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَسورة الأعراف170.
عباد الله: الإصلاح سبب للسيادة إن ابني هذا سيد ولعل أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين[رواه البخاري2704]، الإصلاح يدفع العذاب، وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَسورة هود117، ولم يقل صالحون، لا يكفي أن يكون صالحاً في نفسه، لا بد أن يقوم بإصلاح غيره، مصلحون ينصف بعضهم بعضاً، مصلحون يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، فَلَوْلاَ كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِن قَبْلِكُمْ أُوْلُواْ بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّنْ أَنجَيْنَا مِنْهُمْسورة هود116، هلا وجد في القرون الماضية من فيه خير ينهى عن الفساد في الأرض فيكون ذلك سبباً لنجاته.
والدعاة إلى الله والعلماء وظيفتهم الإصلاح في الأرض، وأعداؤهم يتهمونهم بضد ذلك، وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَسورة غافر26.
ونظراً لأن كلمة الإصلاح كلمة جميلة، فإنه يتستر خلفها المنافقون، وأصحاب الأغراض الخبيثة، والذين يريدون نشر الفساد لا يقولون: نحن سنفسد في الأرض، والله قد كشف ذلك في كتابه وبينه في آيات المنافقين في سورة البقرة وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِسورة البقرة11بالشرك، بالكفر، بالحكم بغير ما أنزل الله، بالبدع، بنشر الخبائث، بنشر الانحلال، بنشر كل ما يخالف شرع الله تعالى، بقوانين جاهلية، وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِن لاَّ يَشْعُرُونَسورة البقرة11-12، فهم يدعون كذباً الإصلاح، ويرفعون راية الإصلاح، والإصلاح مبدأ جميل، وكلمة طيبة، وغرض نبيل، وهدف سامي، ومطلوب، وواجب، ولا بد أن نقوم بالإصلاح، ولكن الإصلاح الحقيقي، وينبغي أن يكون الإصلاح قائماً على خطين، إصلاح الدين وإصلاح الدنيا، ولكن بأيهما نبدأ، ويكون الأهم؟ بعض الناس يظن أن إصلاح الدين عملية تختلف عن إصلاح الدنيا، وهذا شيء يشيعه أهل الانحراف، وأهل العلمنة، وأهل الفصل بين الدين والدنيا.
والحقيقة أن الإصلاح الديني سيقود لزاماً، وحتماً إلى الإصلاح الدنيوي، فالناس يتصورون أن إصلاح الدين ثمرته أخروية فقط، وهذا غير صحيح، هذا وهم، هذا خطأ في التصور، الإصلاح الديني يترتب عليه بركات في الأرض، لأكَلُواْ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِمسورة المائدة66، لو أقاموا كتاب الله لأكلوا من فوقهم، ومن تحت أرجلهم، فالحدود الشرعية مثلاً هي من إصلاح الدين، ولكن فائدتها واضحة في الدنيا من الأمن، وحفظ الدين، والنفس، والعقل، والمال، والعرض، الإصلاح الديني هو سعادة دنيوية؛ لأن إصلاح الدين يشمل إصلاح الدنيا، وعندما يذكر في النص هذا وهذا ليبين أنه لا يكفي الإصلاحات الدنيوية بغير الإصلاح الديني.
وبعض الناس ربما يصلحون أشياء دنيوية، يعبّدون طرق، يبنون مطارات، ينشئون مستشفيات، يوفرون وظائف، يقومون بأنواع من المشاريع التي فيها ترفيه، وفيها رخاء، لكن دينهم فاسد، كفر، وهذا ينقلب عليهم فلا دنياهم يبقى، ودينهم فاسد، لا يكفي الإصلاح الدنيوي للسعادة، ثم لاحظ الحديث الذي يصور لك المسألة تصويراً واضحاً، البداية ما هي؟ والتركيز على أي شيء، وعدم إهمال أي جانب من الجانبين، اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري، وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي، وأصلح لي آخرتي التي إليها معادي[رواه مسلم2720] اللهم أصلح لي ديني فلا يكون فيه شرك، ولا بدعة، ولا انحرافات، ولا شيء لا ترضاه من النقص والمعاصي، والمخالفات، أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري لولاه يختل الأمر، وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي، فيكون رزقي وافراً، وعيشي داراً، وعندي هناء وسعادة، وهكذا.
الإصلاح يتضمن إصلاح الدين والدنيا، فبعض الناس يظن أن المهم الآن التركيز على إصلاح الدنيا، ولكن في الحقيقة أن ما يبقى من الفساد في أمر الدين سيمحق أي منجزات أخرى.
مجالات الإصلاح
وهذا الإصلاح له مجالات متعددة، فإصلاح العقيدة وتنقيتها من الشوائب، وجعل التوحيد قائماً، واضحاً، وافراً، قوياً في النفس، إصلاح العبادات مثلاً بحيث لا يكون فيها بدع، ولا أخطاء، إصلاح الدين، كذلك المعاملات تكون وفق الشريعة، والاشتراك واضح بين الدين والدنيا في مسألة المعاملات مثلاً، فهو بيع لكن له أحكام، وهو إجارة دنيوية لكن لها أحكام، وهكذا.
إصلاح القلوب من الشح، والبغي، والكبر، وهكذا في بعض القلوب من الدسائس والخبائث ما الله به عليم، فلا بد من إصلاح القلوب، قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَاسورة الشمس9، ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله[رواه البخاري52 ومسلم1599].
إصلاح العقول، حتى في منهجية التفكير، صيانة العقل مثلاً عن الخمور، والمخدرات؛ لأنها تضره وتغطيه، وتذهبه، وتتلفه.
إصلاح الأخلاق ونشر العفة، ونشر الفضيلة، وأن تقام الغيرة لله.
وكذلك إصلاح الدعوة إلى الله بأن تكون لله احتساباً على منهج صحيح، والقيام على الناس بالدين، وَقَالَ مُوسَى لأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلاَ تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَسورة الأعراف142.
وهكذا إصلاح الدنيا، إصلاح زراعي، وإصلاح عمراني، وإصلاح اقتصادي، وإصلاح اجتماعي، كله مأخوذ من الدين؛ لأنك عندما تقول مثلاً: أن البلد الفلاني فيها سبعين ألف حالة فساد، أو رشوة في سنة مما وصل، واكتشف، وضبط، والآخر فيه اثنين وخمسين ألف حالة في سنة من السنوات، هذا ما ضبط، وما لم يضبط أضعاف أضعاف هذا بالتأكيد، فإذن في كل بلد عربي أكثر من مليون حالة رشوة سنوياً تقريباً؛ لأن هذا قد استشرى، وقد ذهب، وعم، وطم، وبالتالي فإن محاربة الرشوة محاربة الفساد، محاربة المحسوبية، محاربة توظيف الأقارب أو الأصحاب على حساب الأكفأ مثلاً، والسرقة من المال العام، وأخذ الرشاوى، والتلاعب بالمواصفات، وكذلك أنواع الكسب غير المشروع بكل ما فيها، ومحاربة الفساد في المجال الطبي، والإهمال الطبي مثلاً، ومحاربة ما تتآمر به الشركات العالمية مع الموردين على إدخال مواد مغشوشة، وفيها أشياء مسرطنة، ومحاربة كل أسباب التلوث التي تؤدي إلى الأمراض الخطيرة، والتي تجعل عيش الناس في نكد، وتصيبهم الأمراض والآفات، وتقعد بهم، وتؤدي إلى العاهات، وكذلك من أنواع التعاملات التي تعقد حياة الناس، والروتين القاتل، والتأخير في المعاملات، وإضاعة الأوقات، وعدم العدل، والظلم، وإلى آخره من الأشياء التي تؤدي إلى البغي، والشح، ومنع الحق عن أهله، ومنع الحقوق عن أهلها، وأن يأخذ بعض الناس ما ليس له، وصاحب الحق لا يأخذ حقه، وهكذا.
فإصلاح الدنيا يقتضي السير وفق الشريعة لمعالجة كل هذه الأشياء، وهذا أمر لا بد منه، ودعوة شعيب كما جاءت بقضية محاربة الشرك لإصلاح التوحيد، وإصلاح دين الناس، وإصلاح العقيدة؛ كذلك جاءت بالإصلاح الدنيوي قال: أَوْفُواْ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَاءهُمْسورة هود85، إذن هو اشتغل أيضاً بإصلاح هذه الأمور وهي دنيوية، المكيال والميزان، لكن من الدين أن تصلح، وكذلك لوط قال لقومه: وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنكَرَسورة العنكبوت29، هؤلاء الذين يأخذون الناس في عرض الطريق، ويقعدون لهم في طريقهم، فقطع الطريق قضية دنيوية، ولكن هذا الإصلاح الأمني في حماية الطرق من الدين، وكذلك فإن الإصلاح الاجتماعي الذي يقتضي محاربة العنوسة مثلاً، وبحث أسباب تأخر الزواج، والإعانة عليه، وبذل المال فيه، وكذلك محاربة تكاثر حالات الطلاق، والشقاق، والفراق، والإصلاح بين الزوجين، والصلح خير، فَلاَ جُنَاْحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌسورة النساء128، وكذلك إصلاح الذرية، وإصلاح الأولاد، وإصلاح الجيران، والإصلاح بين المتنازعين عموماً، وكذلك الإصلاح في المهن.
وهناك احتساب، فليس الاحتساب فقط على الناس في مسألة الذي لم يصل وأنه يعاقب، بل الاحتساب داخل في السوق، وليس الاحتساب فقط أن تؤمر المرأة بالحجاب إذا كانت متبرجة، وإنما الاحتساب أيضاً في قضايا الفساد الإعلامي، والفساد التجاري، وكذلك الاحتساب على أصحاب المهن الذين يغشون مثلاً، أو الذين لا يتقنون العمل، تعطيه حاجة تحتاج إلى إصلاح بسيط فتخرج من عند هذا الرجل وفيها فساد أكبر، وتضمين الصناع، وهو مبدأ إسلامي لأجل قضية حماية دنيا الناس.
نسأل الله أن يصلحنا أجمعين، وأن يدخلنا في القوم الصالحين، نسأله أن يصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأن يصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأن يصلح لنا آخرتنا التي إليها معادنا، وأن يجعل الحياة زيادة لنا في كل خير، والموت راحة لنا من كل شر، أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله، أشهد أن لا إله إلا الله، سبحان الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله، الله أكبر، سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم، وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وأزواجه وذريته وخلفائه، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، اللهم صل وسلم وزد وبارك على عبدك ونبيك محمد إمام المتقين، وقائد الغر المحجلين، وحامل لواء الحمد، الشافع المشفع يوم الدين، صلوات الله وسلامه عليه.
وجوب الإصلاح
عباد الله: إن هذا الإصلاح أمر واجب، ولا بد من القيام به، والإصلاح بين المسلمين واجب، وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَاسورة الحجرات9، وكذا الإصلاح بين الأفراد والجماعات، فَاتَّقُواْ اللّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْسورة الأنفال1، إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْسورة الحجرات10.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "وأمور الناس إنما تستقيم في الدنيا مع العدل، الذي قد يكون فيه الاشتراك في بعض أنواع الإثم أكثر مما تستقيم مع الظلم في الحقوق وإن لم يشترك فيها إثم" يعني: إن بعض أهل الأرض يكون عندهم تمكين وهم في شيء من العدل مع كونهم على كفر أحياناً من أجل العدل الذي عندهم، وأناس أحسن منهم في أمر الدين، ولكن عندهم اختلال في الدين، فعندهم ظلم، فلا يبقى لهم دنياهم من أجل الظلم الذي عندهم، ولذلك وجب إصلاح الأمرين، إصلاح الدين وإصلاح الدنيا، وإصلاح الدنيا داخل في إصلاح الدين ولا يمكن أن يكون هناك إصلاح ديني حقيقي بدون أن يحدث معه إصلاح للدنيا.
والله ينصر المصلحين، والله ينصر أولياءه لأنهم يقومون بالإصلاح، إصلاح عقائد الناس، ومعاملات الناس، والإصلاح بين المتنازعين من الناس، فهذا شأنهم، وهذا ديدنهم، ولو نظرنا في حال المصلحين الذين مروا في حياة الأمة كخلفاء رسول الله ﷺ وما تحقق على أيديهم من العدل في الأرض بسبب إصلاحهم وقيامهم بالإصلاح، لدرجة أنه كان يبحث عن فقير فلا يوجد، وعندما تتأمل في عدل العمرين، وما حقق الله به من المصالح العظيمة في الأرض ستجد شيئاً عجباً، وكذلك إذا تأملت في حال المصلحين الذي قاموا بإصلاح عقائد الناس، وما ترتب على إصلاحاتهم من الخيرات الكثيرة والنصر، فهذا الإمام المجدد الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله كان دعوته سبباً في ذهاب الشرك، وعبادة القبور، والأولياء من جزيرة العرب، أزهق الله بدعوته البدع، وتحول فئام من الناس بعد أن كانوا يعبدون أصحاب القبور والأضرحة تحولوا إلى عبادة الله تعالى، فأقيم لواء التوحيد ورفع، وأزيلت القباب، والمشاهد، والمساجد المبنية على القبور؛ لأنها بنيت على باطل، وما بني على باطل فهو باطل، ومسجد الضرار أمر النبي ﷺ أصحابه بهدمه؛ لأن الله أمره بذلك، ونهى ﷺ عن بناء المساجد على القبور، وهذا النهي يقتضي أن هذا فساد فلا بد أن يزال، وهكذا قطعت أشجار كانت تعبد من دون الله، ويتبرك بها، وتولى الشيخ بنفسه هدم القبة المقامة فوق قبر زيد بن الخطاب وسواها بالأرض، ومن استقرأ التاريخ علم أنه لا ثبات لأمة بدون إصلاح، وأن الله ينزل عذابه وبأسه بالناس إذا تخلوا عن الإصلاح، الله ينزل عذابه وبأسه بالناس إذا تخلوا عن الإصلاح.
ويكون هنالك استئصال، ويكون هناك أخذ عندما يحصل الانحلال، ويكون الاختلال أيضاً، قال جبير بن نفيل: "لما فتحت قبرص ونهب منها السبي، نظرت إلى أبي الدرداء يبكي فقلت: ما يبكيك في يوم أعز الله فيه الإسلام وأهله، فضرب منكبي بيده وقال: ما أهون الخلق على الله إذا تركوا أمره، بينما هي أمة ظاهرة قاهرة للناس لهم الملك إذ تركوا أمر الله فصاروا إلى ما ترى".
بابان معجلان عقوبتهما في الدنيا البغي والعقوق، لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَسورة المائدة78-79، وهكذا تجري سنته سبحانه في أخذ الناس إذا تخلوا عن الإصلاح، إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقاب منه، إن تعطيل الإصلاح مؤذن بفساد الأرض.
ومتى يبعث الله ريحاً تقبض أرواح المؤمنين، وماذا يحدث بعد ذلك؟ الله يبعث ريحاً طيبة فتأخذهم تحت آباطهم، فتقبض روح كل مؤمن، وكل مسلمة، وكل مسلم، ويبقى شرار الناس يتهارجون فيها تهارج الحمر فعليهم تقوم الساعة، متى ينزل عذاب الله؟ عندما يكون الرؤوس مفسدون لا يصلحون، بدليل قوله تعالى: وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَسورة النمل48، فماذا حل بهم؟ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَسورة النمل51، فإذا شعرنا بأهمية الموضوع فإننا سنقوم بهذا الواجب الشرعي، ولا بد بجميع المستويات والأصعدة وكل الإمكانات باللسان، والقلم، والسعي بالجوارح، وكذلك عمل القلب مع التغيير المباشر، والمناصحة، مع الرايات الفردية، والجماعية لننجوا من عذاب الله، وتستقيم أمور دنيانا إذا استقامت أمور ديننا.
اللهم إنا نسألك الإيمان والأمن والرخاء يا رب العالمين، اللهم إنا نسألك أن نكون من المصلحين، اللهم آمنا في الأوطان والدور، وأصلح الأئمة وولاة الأمور، واغفر لنا يا عزيز يا غفور، اللهم إنا نسألك في يومنا هذا أن تغفر ذنوبنا، وأن تكفر عنا سيئاتنا، وأن تدخلنا الجنة مع الأبرار، اللهم إنا نسألك في مقامنا هذا رحمة تغفر بها ذنوبنا وخطايانا، اللهم إنا نسألك أن ترحم موتانا، وتشفي مرضانا، وتهدي ضالنا، وتقضي ديوننا، اللهم استر عيوبنا، وآمن روعاتنا، اللهم إنا نسألك أن تحفظنا من بين أيدينا، وعن أيماننا، وعن شمائلنا، ومن فوقنا، ونعوذ بعظمتك أن نغتال من تحتنا، اللهم إنا نسألك أن تجعل بلدنا هذا عامراً بذكرك، قائماً بشرعك، اللهم إنا نسألك لساناً ذاكراً، وقلباً صادقاً، اجعلنا من الآمرين بالمعروف، الناهين عن المنكر يا رب العالمين، اللهم أقم فينا الدين يا أرحم الراحمين، واجعلنا من الدعاة إليه يا أكرم الأكرمين، اللهم أصلح نياتنا وذرياتنا، اللهم إنا نسألك في مقامنا هذا أن تعتقنا من النار، وأن تكتبنا من أهل الجنة الأبرار، يا رحيم يا ودود يا غفار، سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.