قال الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله-: الوتر من صلاة الليل؛ وهو ختامها"، فهو اسم للواحدة المنفصلة عما قبلها هذا يطلق عليه وتر.
"وكذلك للخمس والسبع والتسع المتصلة، كالمغرب اسم للثلاث المتصلة، فإن انفصلت الخمس والسبع بسلامين كالإحدى عشرة كان الوتر اسمًا -لماذا؟- للركعة الأخيرة وحدها، كما قال النبي ﷺ صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي الصبح أوتر بواحدة، توتر له ما صلّى [إعلام الموقعين عن رب العالمين: 3/11].
ويشهد له ما رواه البخاري عن ابن عمر قال: "كان النبي ﷺ يصلي من الليل مثنى مثنى ويوتر بركعة" [رواه البخاري: 995].
فلاحظ أن الركعة المنفصلة في الأخير سماها وترًا قال: "ويوتر بركعة".
ويدل عليه أيضًا ما أخرجه مسلم عن عائشة قالت: "كان رسول الله ﷺ يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة، يوتر من ذلك بخمس، لا يجلس في شيء إلا في آخرها" [رواه مسلم: 737].
معنى ذلك أنه يصلي مثنى مثنى مثنى ثم يوتر بخمس متصلة، وستأتينا كيفيات صلاة الوتر وقيام الليل، لكن هنا كما قال ابن رجب في فتح الباري: "فجُعلت الوتر الخمس الموصولة بسلام واحد دون ما قبلها، فإذا كان يصلي ثلاث عشرة ركعة" [فتح الباري لابن رجب: 9/120].
يعني معناها عندك ثمانية من الركعات ليست داخلة في اسم الوتر، والخمسة الأخيرة المتصلة هذه كلها يطلق عليها وتر، ويطلق الوتر أيضًا على كل ما يصلى بالليل.
ويدل على ذلك ما رواه أبو داود عن عبد الله بن أبي قيس قال: قلت لعائشة -رضي الله عنها- بكم كان رسول الله ﷺ يوتر، قالت: كان يوتر بأربع وثلاث، وست وثلاث، وثمان وثلاث، وعشر وثلاث، ولم يكن يوتر بأنقص من سبع، ولا بأكثر من ثلاث عشرة" [رواه ابو داود: 1362، وصححه الألباني في المشكاة: 1264].
فأطلقت على جميع ما يصلى بالليل اسم الوتر مع أن الوتر هو الثلاث التي كان يصليها بعد الأربع والست والعشر.
قال ابن رجب في هذه الرواية أن مجموع صلاة الليل يسمى وترًا، ومن الفروق بين صلاة الليل والوتر قال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-: "والسنة قولاً وفعلاً قد فرقت بين صلاة الليل وبين الوتر، وكذلك أهل العلم فرقوا بينهما حكمًا وكيفية؛ أما تفريق السنة بينهما قولاً: ففي حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- أن رجلاً سأل النبي ﷺ كيف صلاة الليل؟ قال: مثنى مثنى، فإذا خفت الصبح فأوتر بواحدة [رواه البخاري: 473].
وأما تفريق السنة بينهما فعلاً: ففي حديث عائشة -رضي الله عنها- قالت: "كان النبي ﷺ يصلي وأنا راقدة معترضة على فراشه، فإذا أراد أن يوتر أيقظني فأوتر" [رواه البخاري: 512].
وأما تفريق العلماء بين الوتر وصلاة الليل حكمًا: فإن العلماء اختلفوا في وجوب الوتر؛ فذهب أبو حنيفة إلى وجوبه وهو رواية عن أحمد ذكرها في الإنصاف [الإنصاف: 2/185]، والفروع. [الفروع: 2/391].
والمشهور من المذهب أن الوتر سنة، وهو مذهب مالك والشافعي، الشيخ ابن عثيمين يقول متابعًا كلامه: "وأما صلاة الليل فليس فيها خلاف" ففي فتح الباري: "ولم أر النقل في القول بإيجابه إلا عن بعض التابعين" [فتح الباري: 3/27].
قال ابن عبد البر: "شذّ بعض التابعين فأوجب قيام الليل ولو قدر حلب شاة، والذي عليه جماعة العلماء أنه مندوب إليه" انتهى. [الاستذكار: 2/82].
وأما تفريق العلماء بين الوتر وصلاة الليل في الكيفية: فصلاة الليل تصلى مثنى مثنى، وأما الوتر فمن الممكن أن يصلي ثلاثًا أو خمسًا أو سبعًا أو تسعًا متصلة. مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين.