الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وبعد، فقد تكلمنا في الدرس الماضي عن التشهُّد الأخير وأنه ركن من أركان الصلاة لا تصح الصلاة بدونه، وأن صيغة هذا التشهُّد هي الصيغة التي وردت في التشهُّد الأول التحيات لله وأن المصلي بعد فراغه من التشهُّد يصلي على النبي ﷺ وذلك بلا خلاف بين أهل العلم، ولكن اختلفوا: هل الصلاة على النبي ﷺ بعد هذا التشهُّد وهو في الجلوس الأخير من الصلاة هل هو سنة أم فرض؟ فقال أكثر العلماء ومنهم الحنفية والمالكية وبعض الحنابلة هي مستحبة لا واجبة، وذهب الشافعي - رحمه الله -والإمام أحمد في أصحّ الروايات عنه إلى أن الصلاة على النبيﷺ بعد التشهُّد الأخير ركن من أركان الصلاة لا تصح الصلاة إلا بها.
وقيل: إن الصلاة على النبي ﷺ في هذا التشهُّد واجبة وليست بركن، يعني من تركها عمدًا بطلت صلاته ومن تركها سهوًا يسجد للسهو، ورجّح هذا القول ابن قدامة - رحمه الله - ومن المعاصرين الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله - وأن هذا القول وسط بين القولين السابقين؛ يعني: بين القول إنها سنة أو إنها ركن وذكرنا مسألة الجمع بين صيغ الدعوات والأذكار الواردة بصيغ متعددة؛ كالتشُّهد والصلاة على النبيﷺ والاستفتاح وغيرها، وأن الجمع بينها يعني بين كل الصيغ الواردة في موضع واحد تأتي بها تجمعها كلها وتأتي بها في موضع واحد أنها طريقة محدثة لم يسبق إليها أحد من الأئمة المعروفين؛ لأن التلفيق بين هذه الأدعية المختلفة ينشأ منه صيغة لم ترد في حديث واحد، وأن السنة أن يختار أحد الصيغ ويقولها ويقول هذه مرة وهذه مرة.
وذكرنا أنه لم يرد في الصلاة على النبي ﷺ في التشهُّد لفظة سيدنا، فبعض الناس يقول أشهد أن سيدنا محمدًا رسول الله، وبعض الناس يقول اللهم صل على سيدنا محمد، هو سيدنا؛ لأنه قال: أنا سيُّد ولد آدم ولا فخر يعني: لا أقولها فخرًا وتكبرًا أنا سيد ولد آدم [رواه مسلم: 2278]. لأن الله جعلني سيد ولد آدم ولكن فرق بين أن تعتقد هذه السيادة وتقر بها وأنت مؤمن وتعتقد أنه رسول الله ﷺ وبين أن تزيد لفظة سيدنا في أذكار ما فيها لفظة: "سيدنا" فكل ما مررت بكلمة مثلًا محمد تضيف من عندك مع أن هذه اللفظة ما وردت وأذكار الصلوات توقيفية فما نستطيع أن نضيف نحن في أي مكان هذه اللفظة ونجد في القرآن مثلًا مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ [الأحزاب: 40]، فهل تضيف مثلًا فيها؟ لا تضيف، الأذكار الواردة عن النبي ﷺ كذلك أذكار توقيفية، توقيفية منه والصلاة لا مجال فيها للزيادات والاختراعات وليس أي لفظ طيب يمكن زيادته لا الألفاظ توقيفية.
وذكرنا أن المصلي بعد أن يفرغ من التشهد والصلاة على النبي ﷺ يستعيذ بالله من أربع كما ورد في السنة عذاب جهنم وعذاب القبر وفتنة المحيا والممات وشر المسيح الدجال ثم يدعو بعد ذلك بما أحب والأفضل أن يقتصر في هذا الدعاء على الصيغ المأثورة الواردة عن النبي ﷺ ويجوز له أن يدعو بما شاء من خيري الدنيا والآخرة على القول الراجح.
التسليم وصيغه الصحيحة في الصلاة
توقفنا عند القول المصنّف - رحمه الله - ثم يسلّم عن يمينه وعن يساره السلام عليكم ورحمة الله لحديث وائل بن حجر رواه أبو داود. والسلام فرض وركن من أركان الصلاة لا تصح الصلاة إلا به ولا يقوم غيره مقامه كما ذكر النووي في المجموع وبهذا قال جمهور العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهما"، المغني. ويدل لذلك ما رواه الترمذي عن علي عن النبي ﷺ قال: مفتاح الصلاة الطهور وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم صحيح أبي داود. [رواه أبو داود: 61، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير: 5885].
وقوله: تحليلها التسليم يعني: بالتسليم يحل له ما كان قد حُرّم عليه بعد تكبيرة الإحرام، من الكلام والأفعال الخارجة عن الصلاة، فالحديث كما يدل على أن باب الصلاة مسدود ليس للعبد فتحه إلا بطهور.
كذلك يدل على أن الدخول في حرمتها لا يكون إلا بالتكبير والخروج منها لا يكون إلا بالتسليم" [حاشية السندي على سنن ابن ماجه: 1/118]. ففي الحديث حصر الخروج عن الصلاة بالتسليم دون غيره من سائر الأقوال والأفعال نحن كما قلنا في التكبير قلنا لابد يقول : الله أكبر ليفتتح الصلاة لو قال : الله أعظم، الله أجل، ما تنفتح الصلاة، وكذلك عند الخروج لابد أن يخرج بالتسليم لا غير كما يفيد الحصر الوارد في الحديث، ووجه الحصر أن المبتدأ والخبر كلاهما معرفة وتحليلها التسليم وهذا من أساليب الحصر فكأنه قال : لا تحليل لها إلا بالتسليم وأقله: أن يقول : السلام عليكم، وهذا هو الفرض منه فلو نقص منه شيئًا لم تصح صلاته فلو قال : السلام ما خرج؛ لأن النبي ﷺ قال: وتحليلها التسليم والتسليم يحصل بهذا القول وهذا قول جمهور العلماء ورواية عن أحمد واختارها المجد ابن تيمية، كما في المغني [المغني لابن قدامة: 1/397]. والمجموع. [المجموع شرح المهذب: 3/479].
وقيل: بل الفرض أن يقول : السلام عليكم ورحمة الله، فإذا نقص منها فلا تصح وهو المذهب عند الحنابلة وهذا من مفردات المذهب يعني انفردوا به عن المذاهب الأخرى ومال الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - من المعاصرين أن زيادة ورحمة الله سنة وليست بواجب لحديث جابر بن سمُرة قال: "صلّيت مع رسول الله ﷺ فكنا إذا سلمنا قلنا بأيدينا السلام عليكم السلام عليكم" [رواه مسلم: 431].
وأما أكمله فأن يقول السلام عليكم ورحمة الله.
وقد روى الترمذي عن عبد الله عن النبي ﷺ أنه كان يسلّم عن يمينه وعن يساره السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله، قال النووي: "هذا هو الصحيح، والصواب الموجود في الأحاديث الصحيحة" [المجموع شرح المهذب: 3/478]. واستحبّ بعض أهل العلم أن يزيد في التسليمة الأولى كلمة وبركاته واستدل من استحب هذه الزيادة بحديث علقمة بن وائل عن أبيه عن وائل بن حجر قال: "صلّيتُ مع النبي ﷺ فكان يسلّم عن يمينه السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وعن شماله السلام عليكم ورحمة الله، وقد ورد عن النبي ﷺ أحاديث كثيرة تصف سلامه من الصلاة وليس في شيء منها هذه الزيادة يعني وبركاته إلا في هذا الحديث وقال بعضهم: إن في تحقيق رواية اللؤلؤ في سنن أبي داود زيادة أيضًا وبركاته في الجهتين: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وقد اختلف أهل العلم في قبول هذه الزيادة وبركاته فمنهم من ضعفها ومنهم من صححها.
قال ابن القيم - رحمه الله - ثم كان ﷺ يسلّم عن يمينه السلام عليكم ورحمة الله وعن يساره كذلك هذا كان فعله الراتب رواه عنه خمسة عشر صحابيًا" [زاد المعاد:1/250]. وقد ضعّف هذه الزيادة وبركاته ابن الصلاح والنووي وصحح إسنادها ابن حجر - رحمه الله - ومن المعاصرين الألباني، قال النووي: "ولا يُسنُّ زيادة وبركاته وإن كان قد جاء فيها حديث ضعيف وأشار إليها بعض العلماء ولكنها بدعة لم يصح فيها حديث شرح النووي على مسلم. [شرح النووي على مسلم: 4/153].
وقال الشيخ عبد العزيز بن باز من المعاصرين - رحمه الله - المشروع أن يقول : السلام عليكم ورحمة الله عن يمينه وشماله أما زيادة وبركاته ففيها خلاف بين أهل العلم وقد روى علقمة بن وائل عن أبيه أن النبي ﷺ قال هكذا السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، لكن في رواية علقمة عن أبيه خلاف بين أهل العلم في صحة سماعه من أبيه أو عدمها ومنهم من قال : إنها منقطعة يعني رواية علقمة عن أبيه ولذلك قالوا : المشروع للمصلي أن لا يزيدها؛ لأنها لم تثبت وأن يقتصر على ورحمة الله ومن زادها ظانًا صحتها أو جاهلًا بالحكم أو ترجح لديه من طلبة العلم فلا حرج وصلاته صحيحة ولكن الأولى والأحوط وخروجًا من الخلاف بين العلماء وعملًا بالأمر الأثبت كما قال الشيخ ابن باز - رحمه الله - الاقتصار على ورحمة الله، وقال الشيخ ابن عثيمين : والظاهر عدم استحبابها ولا ينكر على من قالها، فتاوى الشيخ.
وقال ابن قدامة: "فإن قال ذلك فحسن والأول أحسن؛ لأن رواته أكثر وطرقه أصح" [المغني لابن قدامة: 1/397].
والسنة أن يسلم تسليمتين تسليمة عن يمينة وتسليمة عن شماله لما رواه مسلم عن عامر بن سعد عن أبيه قال : كنت أرى رسول الله ﷺ يسلّم عن يمينه وعن يساره، وروى النسائي عن عبد الله بن مسعود قال رأيت رسول الله ﷺ يسلّم عن يمينه وعن شماله السلام عليكم ورحمة الله السلام عليكم ورحمة الله، حتى يرى بياض خده، ورأيت أبا بكر وعمر - رضي الله عنهما - يفعلان ذلك وصححه الألباني وروى مسلم عن أبي معمر أن أميرًا كان بمكة يسلم تسليمتين فقال عبد الله: أنى علقها إن رسول الله ﷺ كان يفعله يعني من أين حصل هذه السنة وظفر بها، قال الإمام أحمد: ثبت عندنا عن النبي ﷺ من غير وجه أنه كان يسلّم عن يمينه وعن شماله" [فتح الباري لابن رجب: 7/366].
ومن أهل العلم من قال يسلّم تسليمة واحدة وهذا مذهب مالك - رحمه الله - لما روى الترمذي عن عائشة أن رسول الله ﷺ كان يسلم في الصلاة تسليمة واحدة تلقاء وجهه يميل إلى الشق الأيمن شيئًا وهذا الحديث صححه الألباني في صفة الصلاة إلا أن الذي عليه أئمة الحديث ونقاده أنه لا يصح في التسليمة الواحدة أي حديث، قال النووي: "لم يثبت حديث التسليمة الواحدة" وقال ابن رجب: وقد روي عن النبي ﷺ أنه كان يسلم تسليمة واحدة من وجوه لا يصح منها شيء قاله ابن المديني والأثرم والعقيلي وغيرهم، وقال الإمام أحمد : لا نعرف عن النبي ﷺ في التسليمة الواحدة إلا حديثًا مرسلًا لابن شهاب الزهري عن النبي ﷺ، انتهى. ومراسيل ابن شهاب من أوهى المراسيل وأضعفها كما ذكر المحدثون وذكره ابن رجب في فتح الباري. [فتح الباري لابن رجب: 7/366]. والتسليمة الواحدة يقول عنها ابن عبد البر أبو عمر : روي عن النبي -ﷺأنه كان يسلم تسليمة واحدة من حديث سعد بن أبي وقاص ومن حديث عائشة ومن حديث أنس إلا أنها معلولة ولا يصححها أهل العلم بالحديث.
وقال ابن القيم: "وقد روي عنه ﷺ أنه كان يسلم تسليمة واحدة تلقاء وجهه ولكن لم يثبت عنه ذلك من وجه صحيح، وأجود ما فيه يقول أبو عمر بن عبد البر من كبار الفقهاء والمحدثين يقول ابن عبد البر - رحمه الله - : روي عن النبي ﷺ أنه كان يسلّم تسليمة واحدة من حديث سعد بن أبي وقاص ومن حديث عائشة ومن حديث أنس إلا أنها معلولة ولا يصححها أهل العلم بالحديث.
وقال ابن القيم - رحمه الله -: "وقد روي عنه ﷺ أنه كان يسلّم تسليمة واحدة تلقاء وجهه ولكن لم يثبت عنه ذلك من وجه صحيح، وأجود ما فيه حديث عائشة - رضي الله عنها - أنه ﷺ كان يسلّم تسليمة واحدة وهو حديث معلول"، [زاد المعاد في هدي خير العباد: 1/251].
قال الترمذي: "وأصحُّ الروايات عن النبي ﷺ تسليمتان، وعليه أكثر أهل العلم من أصحاب النبي ﷺ والتابعين ومن بعدهم ورأى قوم من أصحاب النبي ﷺ وغيرهم تسليمة واحدة في المكتوبة" يمكن من الطرائف التي تروى عن الأعمش أنه قال: إذا صلّى بجنبك أحد الثقلاء فيكفيك تسليمة واحدة، والتسليمة الأولى ركن، وأما التسليمة الثانية فاختلف فيها فقيل: سنة وهو مذهب جماهير أهل العلم حتى نقل فيه ابن المنذر الإجماع فقال: "أجمع كل من أحفظ عنه من أهل العلم أن صلاة من اقتصر على تسليمة واحدة جائزة" المغني. [المغني لابن قدامة: 1/396]. والمجموع. [المغني لابن قدامة: 1/396]. قال المرداوي: "هذه مبالغة منه وليس بإجماع"، ليش قالوا : إجماعات ابن المنذر فيها شيء، لأنه أحيانًا يقول : أجمعوا وهم لم يجمعوا فيكون فيها مؤاخذة.
قال العلامة ابن القيم - رحمه الله - "وهذه عادته-أي ابن المنذر- إذا رأى قول أكثر أهل العلم حكاه إجماعًا" [الإنصاف للمرداوي]، والمشهور من مذهب الإمام أحمد أن التسليمة الثانية ركن من أركان الصلاة كالأولى لا تصح الصلاة إلا بها، [منتهى الإرادات]. وعلى هذا القول فصلاة من اقتصر على تسليمة واحدة باطلة على هذا القول واختاره الشيخ ابن عثيمين من المعاصرين كما في الشرح الممتع، واستدل بما يلي:
أولًا: إن النبي ﷺ واظب عليها ولم يتركها أبدًا يعني: التسليمتين.
ثانيًا: ما رواه مسلم عن جابر بن سمرة قال: قال رسول اللهﷺ: إنما يكفي أحدكم يعني في التسليم في الصلاة أن يضع يده على فخذه ثم يسلّم على أخيه من على يمينه وشماله [رواه مسلم: 431].
وهذا يدل على أن هذا هو القدر الكافي فما دونه لا يكفي، وذكر الشيخ ابن باز - رحمه الله - أن القول بإجزاء التسليمة الواحدة ضعيف. [فتاوى الشيخ]، ورجّح ابن قدامة - رحمه الله - القول بسنية التسليمة الثانية.
إذن، هناك من يقول : إن التسليمة الثانية ركن، معنى ذلك ما تكتمل الصلاة بدونها، وهناك من قال : التسليمة الثانية سنة، وقال ابن رجب: "ومن ذهب إلى قول الجمهور قال : التسليم مصدر والمصدر يصدق على القليل والكثير ولا يقتضي عددًا فيدخل فيه التسليمة الواحدة، قالوا : التسليم مصدر يصدق على القليل والكثير، يعني هذا من حججهم، ولا يقتضي عددًا فيدخل فيه التسليمة الواحدة، واستدلوا كذلك بأن الصحابة قد كان منهم من يسلم تسليمتين ومنهم من يسلّم تسليمة واحدة ولم ينكر هؤلاء على هؤلاء بل قد روي عن جماعة منهم التسليمتان والتسليمة الواحدة فدل على أنهم كانوا يفعلون أحيانًا هذا وأحيانًا هذا وهذا إجماع منهم على أن الواحدة تكفي، [فتح الباري لابن رجب] والاحتياط أن يسلّم الإنسان مرتين؛ لأنه لو سلم مرتين لم يقل أحد من أهل العلم إن صلاته باطلة ولو سلّم تسليمة واحدة لقال له بعض أهل العلم : إن صلاتك باطلة" [الشرح الممتع على زاد المستقنع: 3/212]. ورواية الأعمش: أنه كان يكره الثقلاء فالثقلاء: من تغتمّ إذا جلس إليك فهو ثقيل عليك سواء بكثرة كلامه أو بكثرة طلباته أو بـكلامه غير المناسب، فسئل يومًا: يا إمام إذا صلّى عن يمينك ثقيل وعن يسارك ثقيل فما حكم السلام؟ فأجاب - رحمه الله -: "تكفيك تسليمة واحدة".
أما كيفية التسليم فمذهب الشافعية أن يبتدئ السلام مستقبل القبلة ويتمه ملتفتًا بحيث يكون تمام سلامه مع آخر الالتفات فأنت الآن مثلًا فرغتَ من الدعاء في آخر التشهُّد فتقول: السلام عليكم ورحمة الله فأنت ابتدأت وجهك إلى الأمام أنت الآن لما انتهيت من الأدعية فأنت بدأت ووجهك إلى الأمام إلى القبلة وانتهيت وقد تمت الاستدارة السلام عليكم ورحمة الله، هذا مذهب الشافعية قال في حاشية الروض : يبتدئ السلام متوجهًا إلى القبلة وينهيه مع تمام الالتفات وفاقاً للشافعي، وقال ابن عقيل - رحمه الله -: "يبتدئ بقوله : السلام عليكم إلى القبلة ثم يلتفت قائلًا ورحمة الله عن يمينه ويساره" فإذن، ابن عقيل قال كما في المغني: "السلام عليكم ورحمة الله" [المغني لابن قدامة: 1/399]. قال الشيخ الفوزان في الملخص الفقهي: "يبتدئ السلام متوجهًا إلى القبلة وينهيه مع تمام الالتفات، وقيل: يكون بدء الالتفات مع بدء السلام ونهايته مع نهايته"، قال في الإنصاف: "الصحيح من المذهب أن ابتداء السلام يكون حال التفاته وذكر جماعة يستقبل القبلة السلام عليكم ويلتفت بالرحمة كما تقدّم" [الإنصاف: 2/82].
وقال الشيخ ابن عثيمين في فتاواه: "التسليم للصلاة مع الالتفات من حين تبدأ حتى تختم السلام وأنت ملتفت تمامًا؛ لأنك تخاطب من وراءك: السلام عليكم، فأنت مثلًا إمام تصلي بهم فلما تسلّم أنت تخاطبهم".
فإذن، نهاية كلامك عند نهاية التفاتك قال: تبدأ من حين تبدأ بالجملة تبدأ بالالتفات.
ويُسن للمصلي أن يبالغ في تحويل الوجه في التسليمتين بحيث يرى من بجانبه الأيمن خده الأيمن ومن بجانبه الأيسر خده الأيسر، ويدل على ذلك ما رواه مسلم عن سعد بن أبي وقاص قال: "كنت أرى رسول الله ﷺ يسلّم عن يمينه وعن يساره حتى أرى بياض خده" [رواه مسلم: 582]. ومثل هذا لا يكون إلا عند شدة الالتفات؛ لأنه متى سيظهر بياض الخد لمن يصلي خلفه؟ إذا اكتمل الالتفات.
وروى النسائي عن عبد الله بن مسعود قال: "رأيت رسول اللهﷺ يسلم عن يمينه وعن شماله السلام عليكم ورحمة الله السلام عليكم ورحمة الله حتى يُرى بياض خدّه" [رواه النسائي: 1142، وصححه الألباني في المشكاة: 950].
قال ابن عابدين في حاشيته على الدر المختار، وهذا من كتب مذهب الحنفية، وابن عابدين من كبار فقهاء الحنفية المعروفين المشهورين المتأخرين قال: "يلتفت في التسليمة الأولى حتى يرى من خلفه بياض خدّه الأيمن وفي الثانية يلتفت حتى يرى من خلفه بياض خده الأيسر" [الدر المختار وحاشية ابن عابدين: 1/524].
وقال النووي: "ويلتفت في كل تسليمة حتى يرى من عن جانبه خده، هذا هو الصحيح " [المجموع شرح المهذب: 3/477].
ولا تعارض بين الكلامين؛ لأنه إذا التفت حتى يرى من بجانبه خده الأيسر فقد رآه من خلفه أيضًا.
أين ينظر المصلي عندما يسلم في الصلاة؟
جاء في صحيح مسلم أنه يلتفت إلى صاحبه الذي بجانبه، وعن جابر بن سمرة قال: "صلّيتُ مع رسول الله ﷺ فكنا إذا سلمنا قلنا بأيدينا: السلام عليكم السلام عليكم، وبعض الناس الآن تراه واضعًا يديه على فخذه فإذا جاء إلى السلام قال: السلام عليكم ورحمة الله السلام عليكم ورحمة الله يشير بيديه يمينًا وشمالًا فنظر إلينا رسول الله ﷺ فقال : ما شأنكم تشيرون بأيديكم كأنها أذناب خيل شمس إذا سلم أحدكم فليلتفت إلى صاحبه ولا يومئ بيديه رواه مسلم. ففيه أن المصلي يلتفت عن اليمين والشمال، إلى من على يمينه وشماله، وله أن ينظر إليه، يعني من بجانبه أو إلى كتفه، فالأمر واسع والله أعلم؛ لأن بعض الناس قد يقول : إذا سلمت أنا نظري كذا أو كذا أو، فإذا لم يثبت شيء في السنة فالأمر واسع، والالتفات عن اليمين والشمال أثناء السلام سنة، فلو سلم التسليمتين عن يمينه أو عن يساره أو تلقاء وجهه أجزأه وكان تاركًا للسنة، ولو بدأ باليسار كره وأجزأه [المغني] يعني الآن لما نقول : التسليمة ركن، ليست الالتفاتة ركن، إذًا الالتفات سنة يعني لو واحد قال السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله، خرج من الصلاة لكن فاته أجر السنة، السنة الالتفات لكن التسليم ركن، أو التسليمة الأولى عند العلماء والثانية عرفنا الخلاف فيها فإذن، الالتفات سنة.
هل يمد في التسليم أو لا يمد؟ من ينوي بهذا السلام؟ نيته عندما يسلم السلام عليكم السلام على من؟ على من بجانبك وإلا على الجماعة وإلا على الملائكة وإلا على عباد الله الصالحين وعلى من؟ إذا كان معه جماعة فينوي السلام عليهم وإذا لم يكن معه جماعة فالسلام على الملائكة الذي عن يمينه وشماله، [ابن عثيمين في الشرح الممتع] وجاء في صحيح مسلم عن جابر بن سمرة قال: "كنا إذا صلّينا مع رسول الله ﷺ قلنا السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله، وأشار بيده إلى الجانبين، فقال رسول الله ﷺ: علام تومئون بأيديكم كأنها أذناب خيل شمس؟ [رواه مسلم: 431].
ومعنى: "شمس" يعني: التي لا تستقر بل تضطرب وتتحرك بأذنابها وأرجلها تجد يا الذنب يتحرك وإلا الرجل لا يمكن يثبت، هذه خيل شمس، قال : إنما يكفي أحدكم أن يضع يده على فخذه ثم يسلم على أخيه من على يمينه وشماله هو قال في الحديث على من يسلم، على من؟ على أخيه، وهذا يدل على أن السلام يقصد به السلام على من بجانبك من إخوانك الحاضرين عن اليمين والشمال، كلام الشيخ ابن عثيمين ممكن يرد أيضًا على من صلى منفردًا، يعني واحد صلى منفرداً، ما عن يمينه أحد ولا عن شماله أحد، ولا وراءه جماعة صلى وحده، فقال : أنا أسلم على من؟ نقول : على الملائكة، ولا مانع أن يريد بهما الطائفتين، يعني لو أنه يصلي في جماعة فسلم فتكون نيته على المسلمين وعلى الملائكة، على إخوانه وعلى الملائكة، لا مانع، والسنة في لفظ السلام أن يدرجه من غير مد، قال النووي: "ولا أعلم فيه خلافًا للعلماء" [المجموع شرح المهذب: 3/482]. ويدل على ذلك ما رواه الترمذي عن أبي هريرة قال: "حذف السلام سنة"، قال عبد الله بن المبارك في معنى حذف، ما معنى قول أبي هريرة حذف السلام سنة؟ قال: أن لا يمده مدًا قال ابن الأثير: "حذف السلام هو تخفيفه وترك الإطالة فيه" [النهاية في غريب الحديث والأثر: 1/356]. تخفيفه وترك الإطالة فيه، قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح، وهو الذي يستحبه أهل العلم، وروي عن إبراهيم النخعي أنه قال : التكبير جزم، والسلام جزم، قال عبد الله بن المبارك: أن لا يمده مدًا، قال ابن الأثير: "حذف السلام هو تخفيفه وترك الإطالة فيه" وما يفعله بعض المبلغين وراء بعض الأئمة في بعض المساجد التي يبلغ بعد الإمام يمد فيها فيكون الإمام سلم التسليمتين واستغفر ثلاثًا وانفتل، وذاك لا زال يمد السلام، وهذا كما عرفنا ليس من سنة السلف، بل السلف نصوا على خلافه على حذف السلام وعلى أن لا يمده وعلى أن يخففه وأن لا يطيل فيه، متى يسلّم المأموم؟ الأولى للمأموم أن يسلّم عقب فراغ الإمام من التسليمتين، قاله ابن رجب في الفتح والنووي في المجموع، فإن سلّم بعد الأولى جاز عند من يقول إن الثانية غير واجبة ولم يجز عند من يرى أن الثانية واجبة لا يخرج من الصلاة بدونها" انتهى من كلام ابن رجب في فتح الباري. [فتح الباري لابن رجب: 7/381].
وقال المرداوي في الإنصاف يشرح كلام ابن رجب بأن المراد منه: إن سلّم الأولى بعد أولى الإمام والثانية بعد ثانية الإمام جاز [الإنصاف: 2/238]. لأنه لم يخرج إلا بعده، أما إن سلّم التسليمة الثانية قبل سلام الإمام الثانية، فهذا الذي تبطل صلاته؛ لأنه خرج من الصلاة قبل الإمام بلا عُذر، هكذا قال في الإنصاف وصرّح به تفصيلًا في كشاف القناع. [كشاف القناع عن متن الإقناع: 1/461].
وعلى هذا فالمسألة لها صورتان: إن سلام المأموم الأولى بعد أولى الإمام والثانية بعد الثانية جاز عند جميع العلماء، أما إن سلّم المأموم الأولى بعد أولى الإمام والثانية بعد الثانية جاز عند جميع العلماء، أما إن سلّم المأموم الثانية قبل سلام الإمام الثانية فتصح عند الجمهور الذين لم يوجبوا التسليمة الثانية ولا تصح عند من يوجب التسليمة الثانية مثل الحنابلة لأنها ركن عندهم لا يخرج من الصلاة إلا بها، فإذن، إذا سلّم المأموم الأولى بعد أولى الإمام والثانية بعد ثانية الإمام جاز، أما إن سلم المأموم الثانية قبل سلام الإمام الثانية فلا تصح عند الحنابلة كما تقدم، فإذن، متى تنتهي الصلاة؟ تنتهي الصلاة بسلام الإمام الثانية؛ وبناء عليه فماذا تفعل أنت؟ هل تسلم بعد انتهاء تسليمتي الإمام؟ يعني يقول : السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله، فأنت تقول : السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله، أو إذا قال هو على اليمين : السلام عليكم ورحمة الله، أنت تقول : السلام عليكم ورحمة الله، ثم يقول هو: السلام عليكم ورحمة الله، فأنت تقول : السلام عليكم ورحمة الله، تسليمة الإمام الآن إذا قلنا : التسليمتان نهاية الصلاة، تحليلها التسليم يعني بالتسليمتين وليس بتسليمة واحدة على القول الأول الذي ذكرناه، فإذن، إذا سلم فسلموا، معناه إذا انتهى من التسليم أنت تسلم لكن لو سلمت الأولى بعد الأولى وثانيتك بعد الثانية صحّت الصلاة، متى لا تصح عند الحنابلة؟ إذا سلّم المأموم الثانية قبل أن يسلّم الإمام الثانية كما يفعله كثير من الذين يطيرون للحجر الأسود، يسلّم الثانية قبل أن يسلّم الإمام الثانية، أكيد هذا إذا سلّم أصلًا؛ لأنهم يقومون ولذلك: خُلق الإنسان عجولًا، سبحان الله ترى الآن الذين يقومون لقضاء ما عليهم لو واحد عليه ركعة متى يقوم؟! انتظر حتى تنتهي صلاة الإمام، يمكن عليه سجود سهو بعد السلام، ولذلك انتظر حتى ينتهي الإمام من الصلاة حتى ينتهي من تسليمتيه ثم قم، لا تدري يمكن عليه سجود سهو من زيادة يريد أن يسجدها بعد السلام، أنت الآن مسبوق ما تدري ما حدث في غيابك، ولذلك لا يستعجل المأموم ينتظر حتى يفرغ الإمام من تسليمتيه ثم يقوم بأداء ما عليه، ماذا لو سلم المأموم قبل شروع الإمام في السلام؟ قال النووي في المجموع: "إن كان عامدًا بطلت صلاته، وإن كان سهوًا لم تبطل، وإذا سلّم معه مع بعض السلام عليكم ورحمة الله الإمام والمأموم وافق المأموم إمامه، الأصح عند الشافعية والحنابلة أنه يكره ذلك ولا تبطل به الصلاة، كما لو قارنه في سائر الأركان، فلو كبّر معه وركع معه وسجد معه يكره؛ لأن هذه ليست متابعة هذه مقارنة فما هي الأحوال؟ متابعة ومقارنة أو موافقة ومسابقة وفي الرابعة التخلف: يعني يدع الإمام يركع ويرفع ويسجد يقول : أنا ما كملت السورة التي بعد الفاتحة، وبعضهم الإمام يسجد ويرفع ويسجد وهو الآن يسجد، وهو الآن في السجود يقول : ما خلصت الدعاء، عندي دعاء في السجود، هذا اسمه تخلف بجميع المعاني؛ لأنه ما اقتدى بالإمام فليس الاقتداء أن توافقه ولا أن تسابقه ولا أن تتخلف عنه، المتابعة للإمام أن تأتي بالفعل وراءه مباشرة، بعده إذا ركع فاركعوا، إذا سجد فاسجدوا، إذا كبر فكبروا، بعده مباشرة هذه هي السنة وبناء عليه لو قارنه في سائر الأركان لا تبطل الصلاة والتسليمتان من ذلك إلا تكبيرة الإحرام سوى تكبيرة الإحرام كما قال ابن رجب - رحمه الله - في فتح الباري ومذهب مالك البطلان.
متى يقوم المسبوق ليتم صلاته بناء على ما تقدم؟ يستحب للمسبوق أن لا يقوم ليأتي بما بقي عليه إلا بعد فراغ الإمام من التسليمتين، قال الشافعي في الأم: "ومن سبقه الإمام بشيء من الصلاة لم يقم لقضاء ما عليه إلا بعد فراغ الإمام من التسليمتين" [الأم للشافعي: 1/206]. وسئل الإمام مالك عمن تفوته الركعة مع الإمام متى يقوم إذا سلم الإمام واحدة أو ينتظره حتى يسلم تسليمتين؟ قال: إن كان ممن يسلّم تسليمتين انتظره حتى يفرغ من سلامه ثم يقوم، وقال أيضًا: إن قام بعد أن سلّم واحدة فلا إعادة عليه وبئس ما صنع". انتهى من مواهب الجليل. [مواهب الجليل في شرح مختصر خليل: 1/531]. فإن قام قبل ذلك فلا يخلو من هذه الحالات التي سنذكرها الآن قال: "لا إعادة عليه وبئس ما صنع" لاحظ كلمة مالك جميلة لما سئل مالك - رحمه الله - عن مسألة من يقوم بعد ما يسلم الإمام تسليمة واحدة ولا ينتظره للتسليمة الثانية قال: "إن قام بعد إن سلم واحدة فلا إعادة عليه وبئس ما صنع" خالف السنة فإن قام قبل ذلك فما هي الحالات؟ إما أن يقوم قبل شروع الإمام في السلام فهنا تبطل صلاته واحد قبل ما يسلّم الإمام التسليمة الأولى قام وإن قام بعد التسليمة الأولى وقبل الثانية، فمن قال : إن التسليمة الثانية سنّة قال : إن صلاة هذا الشخص تجوز ومن قال بأن التسليمة الثانية لابد منها، وأن الصلاة ما تتم إلا بها فإنه لا يجوز له أن يقوم قبل التسليمة الثانية، وقد صلى الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين- رحمه الله- مرة فلما سلّم من صلاته التسليمة الثانية عن الشمال رأى واحد قام رأى شخصًا قائمًا فأمره بإعادة الصلاة؛ لأن هذا متى قام الآن الإمام التفت إلى الشمال التفت الإمام وجد واحداً قائماً؛ إذن، متى قام هذا؟ ما هي الحالة الأخرى؟ قلنا : أن يقوم قبل أن يسلّم الإمام التسليمة الأولى: ما حكم صلاة هذا الإنسان؟ باطلة إذا قام بعد أن يسلّم الإمام التسليمة الأولى، فمنهم من قال يجوز ومنهم من قال لا يجوز ولو صححوا صلاته يقولون : آثم، يعني تصح الصلاة ويأثم، وإذا قام مع السلام، إذا قال الإمام : السلام، هذا قام مع السلام مع التسليمة الأولى فتبطل صلاته كما قال النووي في المجموع.
والسنة في حق المأموم أن لا يتأخر عن الإمام في التسليم، يعني لو واحد قال : عرفنا الآن عدم الاستعجال، والتأخر؟ الإمام سلّم، أنا ما خلصت الأدعية، أنا عندي أدعية السنة، في حق المأموم أن لا يتأخر عن الإمام في التسليم فيشرع في التسليم بعد تسليم الإمام ولا يتأخر عنه من أجل الدعاء كما يفعله الكثير، قال الإمام البخاري - رحمه الله -: "باب يسلّم حين يسلم الإمام ثم روى: عن عتبان بن مالك قال: صلّينا مع النبي ﷺ فسلّمنا حين سلم، قال الحافظ : وكأنه يعني الإمام البخاري أشار إلى أنه يندب أن لا يتأخر المأموم في سلامه بعد الإمام متشاغلًا بدعاء وغيره.
وعن مجاهد قال: "سألت ابن عمر يسلّم الإمام وقد بقي شيء من الدعاء أدعو أو أسلم؟ قال: "لا بل سلم"
وقد نصّ الإمام أحمد على هذه المسألة وأنه يسلّم مع الإمام ويدع الدعاء إلا أن يكون قد بقي عليه منه شيء يسير فيتمه ثم يسلم فتح الباري لابن رجب. [فتح الباري لابن رجب: 7/381]. لكن إذا كان المأموم لم يتم التشهد أو الصلاة على النبي ﷺ فإنه لا يسلم حتى يتمها، إذن، لاحظ التفريق بين التأخر للأدعية والتأخر للتحيات والصلاة على النبي ﷺ، جاء في فتاوى اللجنة الدائمة السؤال : إذا سلم الإمام والمأموم لم يكمل التحيات هل يبقى حتى يتم أو يسلم مع الإمام؟ الجواب: يكملها ثم يسلّم.
وسئل الشيخ ابن باز - رحمه الله - في إحدى الصلوات سلم الإمام ولم أكمل إلا جزءًا يسيرًا من التحيات فهل أعيد صلاتي؟ فقال : عليك أن تكمل التشهد ولو تأخرت بعض الشيء عن إمامك لأن التشهد الأخير ركن في أصح قولي العلماء وفيه الصلاة على النبي ﷺ فالواجب أن تكمله ولو بعد سلام الإمام ومنه التعوذ بالله من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات ومن فتنة المسيح الدجال؛ لأن النبي ﷺ أمر بالتعوذ من هذه الأربع في التشهد الأخير؛ ولأن بعض أهل العلم قد رأى وجوب ذلك، والله ولي التوفيق، [فتاوى الشيخ ابن باز]، وينبغي للإمام أن لا يتعجل في القراءة أو الدعاء حتى لا يضطر المأمومون إلى ترك شيء من السنن أو الواجبات، قال ابن قدامة في المغني: "ويُستحب للإمام أن يرتل القراءة والتسبيح والتشهُّد بقدر ما يرى أن من خلفه ممن يثقل لسانه قد أتى عليه وأن يتمكن من ركوعه وسجوده قدر ما يرى أن الكبير والصغير والثقيل قد أتى عليه" [المغني لابن قدامة: 1/395].
يعني: قاله فرغ منه فإن خالف وأتى بقدر ما عليه كره وأجزأه، وفي الموسوعة الفقهية : ويكره له الإسراع بحيث يمنع المأموم من فعل ما يُسن له كتثليث التسبيح في الركوع والسجود وإتمام ما يسن في التشهُّد الأخير، إذن الإمام لا يعجل عليهم، هناك ناس -سبحان الله- عندهم سلاسة في النطق، فيه ناس عندهم ثقل في النطق، يعني ليست فقط القضية قضية أن الإمام ما عنده طمأنينة، لا، ممكن الإمام عنده طمأنينة لكن نطقه سلس سريع، فيه بعض الناس نطقهم ثقيل فالإمام يعطي فرصة، هذا المقصود، والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد.