قال النووي: فاستعمال ماء هذه الآبار في طهارة وغيرها مكروه أو حرام إلا لضرورة؛ لأن هذه سنة صحيحة لا معارض لها، وقد قال الشافعي: إذا صح الحديث فهو مذهبي، فيمنع استعمال آبار الحجر إلا بئر الناقة، ولا يحكم بنجاستها؛ لأن الحديث لم يتعرض للنجاسة، والماء طهور بالأصالة" [المجموع: 1/ 92].
إذًا، آبار مدائن صالح أو ديار ثمود ليس لأنها نجسة، ولكن لأن النبي ﷺ نهاهم عنها مع الحاجة، هؤلاء قوم مسافرون يحتاجون الماء، معلوم أن المسافر ما يستطيع أن ينقل معه مياه كثيرة يتخفف ويحتاج الماء، ونزلوا مكانًا في ديار ثمود، فنهاهم نهيًا مؤكدًا، وأمر بأن يطرح العجين، هذا فيه إتلاف للطعام، أمر بأن يرمى العجين، وتعلف به الدواب، وما استخرجوه من الآبار هذه يراق، قال: "فأمرهم أن يطرحوا ذلك العجين، ويهريقوا ذلك الماء".
إذًا، هذا موضع نزل فيه عذاب، ونزلت لعنة الله وغضبه على أهله، ولذلك نهينا عن دخوله إلا باكين متعظين مسرعين، معتبرين من الاعتبار.
أما واحد يأخذ الفسحة والسياحة ويلتقط الصور، هذا لا يجوز، هذه صيحة رب العالمين حلت بذلك المكان اللعين من جراء شرك أهله وكفرهم ومعصيتهم لنبي الله صالح، وقتلهم آية الله الناقة، فعقروها فنزلت عليهم لعنة الله وغضبه وعذابه، وجاءتهم الصيحة فصار المكان منبوذًا شرعًا، واستعمال الماء الذي فيه لا يجوز إلا مكان واحد بئر الناقة، ومعروف إلى الآن بئر الناقة، يجوز استعمال ماء ذلك البئر.
قال المصنف -رحمه الله تعالى-: "والأصل في الأشياء الطهارة والإباحة" وهذه قاعدة مهمة جدًا ذكرها المصنف -رحمه الله-.