الجمعة 20 رمضان 1445 هـ :: 29 مارس 2024 م
مناشط الشيخ
  • يتم بث جميع البرامج عبر قناة زاد واليوتيوب

25- آداب السواك


عناصر المادة
تعريف السواك ومعانيه 
حكمة السواك وفضله
حكم السواك ومواطن مشروعيته 
الحكمة في استحباب السواك عند كل صلاة 
السواك من سنن الفطرة
وقت استعمال السواك عند الوضوء 
مواطن استحباب السواك
مسائل متفرقة في السواك 
إمرار السواك على اللسان 
التسوك عند الاستيقاظ من النوم 
دفع السواك إلى الأكبر
جواز التسوك بسواك الغير بإذنه 
الوضوء بالماء المنقوع فيه السواك 
السواك ليوم الجمعة والتسوك للزوجة 
هل يمسك السواك باليمنى أو اليسرى؟
كيف يكون الاستياك؟

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعـد:
ففي هذه المجموعة الثانية من الآداب الشرعية، نتحدث -إن شاء الله في هذه الليلة - عن أدب السواك.

تعريف السواك ومعانيه 

00:00:19

السواك، قال أهل اللغة: السِّواك بكسر السين، وهو يطلق على الفعل، وعلى العود، الذي يتسوك به، فيطلق على الآلة، ويطلق على الفعل، فعل التسوك.
وهو مذكر، وتؤنثه العرب أيضًا، قاله الأزهري.
والسواك فعلك بالسواك، يقال: ساك فمه يسوكه سوكًا.
وجمع سواك، سوك، مثل: كتاب، كُتُب، سواك سُوك.
وقيل: السواك مأخوذ من ساك إذا دلك.
وقيل: من جاءت الإبل تساوك، أي تمايل هزالًا.
وأما في اصطلاح العلماء، فإن السواك هو: استعمال عود أو نحوه في الأسنان لتذهب الصفرة، وغيرها عنها -عن الأسنان- [انظر: المنهاج: 3/142].
ويقال: ساك فمه بالعود، يسوكه إذا دلكه.
وهناك تخليل الأسنان.
والفرق بين هذا وبين السواك: أن تخليل الأسنان هو إخراج ما بينها من فضلات بالخلال، مثل العود، ونحوه.
فالفرق بين الاستياك والتخليل: أن التخليل خاص بإخراج ما بين الأسنان.
أما السواك، فهو لتنظيف الفم والأسنان واللسان بنوع من الدلك.
فهو مطهر للفم عمومًا.
وأما التخليل بالعود، وغيره، فهو لإخراج البقايا المنحشرة بين الأسنان.

حكمة السواك وفضله

00:02:31

وأما حكمته:
فإن النبي ﷺ قد قال عنه: مطهرة للفم، مرضاة للرب[صحيح البخاري: 3/31]، أي: سبب لتطهير الفم، وسبب لمرضاة الرب ، كما جاء ذلك في الحديث الصحيح الذي علقه البخاري.
ووصله أحمد عن النبي ﷺ أنه قال: السواك مطهرة للفم، مرضاة للرب [رواه النسائي: 5، وأحمد: 24377، وصححه الألباني في مشكاة المصابيح: 381].
وأما بالنسبة للأحاديث الواردة في الحث عليه، فهي كثيرة، منها هذا الذي تقدم في الحكمة منه، ومنها كذلك: حديث البخاري عن أبي هريرة  أن رسول الله ﷺ قال: لولا أن أشق على أمتي -أو على الناس- لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة[رواه البخاري:  887]، لأمرتهم بالسواك، أي: باستعمال السواك.
وقوله: مع كل صلاةجاء في رواية: عند كل صلاة[رواه مسلم: 612].
وجاء في رواية: مع كل وضوء [رواه أحمد: 9930، وقال محققو المسند: "إسناده صحيح على شرط الشيخين"].

حكم السواك ومواطن مشروعيته 

00:03:50

وكلمة: لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم فانتفى الأمر لثبوت المشقة؛ لأن لولا في اللغة حرف امتناع لوجود، فامتنع الوجوب، لوجود المشقة، فهذه لولا في اللغة حرف امتناع لوجود، أي: يمتنع شيء لوجود شيء آخر .. لولا كذا لحصل كذا.
وهذا فيه دليل على أن السواك في الأصل ليس بواجب؛ لأن المشقة في إيجابه نفت وجوبه، إذ الندب في هذه الحالة هو المفهوم.
وقوله في حديث آخر: لفرضت عليهم بدل لأمرتهم يبين هذا.
قال الشافعي رحمه الله تعالى: فيه دليل على أن السواك ليس بواجب؛ لأنه لو كان واجباً لأمرهم، شق عليهم به أو لم يشق.
فالقول بعدم وجوبه صار قول أكثر أهل العلم، بل ادعى بعضهم فيه الإجماع، لكن حكي عن إسحاق بن راهويه أنه قال: هو واجب لكل صلاة. عند الصلاة يكون واجبًا.
وعن داود الظاهري: أنه واجب للصلاة، ولكنه ليس شرطاً، إسحاق قال: شرط.
واحتج من قال بوجوبه بالأمر به؛ كما جاء في حديث ابن ماجة: تسوكوا [رواه ابن ماجه: 289، وضعفه الألباني في ضعيف ابن ماجه: 58]، وفي الموطأ: عليكم بالسواك[رواه أحمد: 5865، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب: 210]، لكن قال ابن حجر -رحمه الله-: ولا يثبت منها شيء [انظر: فتح الباري: 2/376]، أي: هذه الأوامر لم تثبت في أحاديث صحيحة.
إذًا، القول بالندب هو قول المذاهب الأربعة.

وأما من قال بالوجوب كإسحاق وداود، واحتج بظاهر الحديث فليس قوله بقوي.
ومن العلماء من قال بالكراهة بعد الزوال في الصيام، إذا استاك الصائم بعد الزوال، كما هو عند الشافعية، ورواية عند الحنابلة، ولكن هذا القول ليس بقوي، وأكثر العلماء -وهو التحقيق- أنه لا يكره في الصيام لا قبل الزوال ولا بعد الزوال.
وعمدة الذين يقولون بالكراهة بعد الزوال في الصيام قالوا: لأنه يزيل الخلوف الذي هو من مميزات الصائم: وخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك[رواه البخاري: 1904، ومسلم: 2760].
فأجيب عن هذا: بأن هذا الخلوف من خلو المعدة، والسواك لا يزيل ما يخرج من المعدة، ولا يدخل المعدة، فمصدر الخلوف من المعدة، وهذا السواك للأسنان.
فإذًا، هو يزيل وسخ الأسنان، ولا يزيل الخلوف الذي هو مصدر خلو المعدة من الطعام.
ثم استدل بعضهم بقوله: عند كل صلاة[رواه مسلم: 612] على استحبابه للفرائض والنوافل؛ لأن قوله: عند كل صلاة تشمل كل الصلوات، الفريضة والنافلة.

ويحتمل أن يكون المراد الصلوات المكتوبة، وما ضاهاها من النوافل التي ليست تبعاً لغيرها، يعنى: أنه إذا كان قبل الظهر أربع وبعد الظهر اثنتان، فيصليها مباشرة، فالسواك لهذه كلها واحد، فيتسوك سواكاً واحداً للصلاة في السنة الراتبة والفريضة والسنة التي بعدها، وكذلك سنة المغرب لا تحتاج إلى سواك منفصل، وسنة العشاء.
لكن هب أن هناك سنة منفصلة عن الفرض لا علاقة لها به، مثل صلاة العيد، فعند ذلك يكون السواك لها وجيهاً؛ هذه صلاة نافلة ليست تبعاً لغيرها.
وجاء في رواية عند أحمد: لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة كما يتوضؤون. [رواه أحمد: 26806، وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب:  207].
وفي رواية: لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم عند كل صلاة بوضوء، أو مع كل وضوء سواك. [رواه أحمد: 7504، وقال الألباني: حسن صحيح كما في صحيح الترغيب والترهيب: 200].
فسوى بينهما.
وكما أن الوضوء لا يندب للراتبة التي بعد الفريضة إلا إذا طال الفصل، كما قال بعضهم.
أو قالوا: لا يندب الوضوء إلا إذا دخل وقت الصلاة الجديدة؛ فلذلك لا يندب أن تتوضأ إذا لم ينتقض وضوؤك بعد الظهر -مثلاً- فلا يشرع لك وضوء آخر إلا إذا دخل وقت صلاة العصر، فعند ذلك يكون تجديد الوضوء سنة ومستحباً، ولا يشرع لك، ولا يندب، أن تجدد الوضوء من غير ناقض داخل وقت الصلاة الواحدة.

فإذا ربطنا السواك بالوضوء سنخرج بنتيجة أيضاً: أن السواك للصلاة الفريضة، وما يتبعها من تحية المسجد  النوافل سنن الرواتب -مثلاً- لا يندب هنا كالوضوء.
ويمكن أن يقال: إن الوضوء أشق من السواك.
وجاء عند ابن ماجة من حديث ابن عباس: كان رسول الله ﷺ يصلي ركعتين ركعتين، ثم ينصرف فيستاك" وإسناده صحيح [رواه ابن ماجه: 288، وأحمد: 1881، وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه: 284].
لكن هذا بالبحث -كما ذكر ابن حجر رحمه الله- يتضح أنه مختصر من حديث طويلٍ رواه أبو داود، بين فيه أنه تخلل بين الانصراف والسواك؛ نومٌ. [انظر: فتح الباري: 2/376].
أي: أن حديث ابن ماجة المذكور هنا: "كان رسول الله ﷺ يصلي ركعتين ثم ينصرف فيستاك" فيه اختصار من حديثٍ آخر يبين أنه تخلل الانصراف من الركعتين والسواك؛ تخلله نوم، صار هناك وجاهة في السواك، فلما قام من النوم صار هناك وجاهة للسواك، كما أنه إذا قام من النوم سيتوضأ.

الحكمة في استحباب السواك عند كل صلاة 

00:11:21

والحكمة في استحباب السواك عند القيام إلى الصلاة: كون الصلاة مناجاة للرب ، فاقتضى أن تكون على حال كمال ونظافة، إظهاراً لشرف العبادة، وهي الصلاة.
ومن الفوائد أيضاً: أن الأمر يتعلق بالملك الذي يستمع القرآن من المصلي؛ فإنه قد جاء في الحديث الذي حسنه بعض أهل العلم: "أن الإنسان إذا قام فتسوك وتطهر وصلى وقرأ القرآن، لا يزال الملك يدنو منه حتى يضع فاه على فيه" يعني: حتى يضع الملك فاه على فم المصلي، فلا يخرج منه قرآن إلا دخل في جوف الملك. [رواه البيهقي في الشعب الكبرى: 161، وابن أبي شيبة في المصنف: 1810، وقال الألباني: حسن صحيح كما في صحيح الترغيب والترهيب: 215].
إذاً، حتى يكون الملك غير متأذٍ، فإن السواك يفيد، بالإضافة للأدب مع الرب، الأدب مع الملائكة.
وقد اعترف النبي ﷺ أنه قد أكثر علينا في السواك، فقال: أكثرت عليكم في السواك[رواه البخاري: 888].
أي: بالغت في تكرير طلبه منكم، وإيراد الأخبار المرغبة فيه؛ لقد أكثرت عليكم؛ فحقيق أن تفعلوا، ما دام أكثرت عليكم ورغبتكم، فالمتوقع منكم أن تفعلوا.
وحديث: أكثرت عليكم في السواك[رواه البخاري: 888].
إذاً، هو عند كل صلاةٍ مندوبٌ إليه. 

السواك من سنن الفطرة

00:13:16

ولا ننس أن السواك من سنن الفطرة التي ذكرها النبي ﷺ وقال: عشرٌ من الفطرة: قص الشارب، وإعفاء اللحية، والسواك، واستنشاق الماء، وقص الأظفار، وغسل البراجم -هذه العقد التي في الأصابع، ويمكن أن تحتشي فيها الأوساخ- ونتف الإبط، وحلق العانة، وانتقاص الماء -أي: الاستنجاء- قال مصعب: ونسيت العاشرة إلا أن تكون المضمضة[رواه مسلم: 627].
إذاً، السواك من سنن الفطرة.

وقت استعمال السواك عند الوضوء 

00:14:10

أما بالنسبة لقوله ﷺ: لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة.
وفي رواية: عند كل وضوء.
فنحتاج أن نعرف متى يستعمل السواك.
اتفق أهل المذاهب الأربعة على أن السواك سنة عند الوضوء، لكن اختلفوا هل هو من سنن الوضوء، أم سنة منفصلة عن الوضوء؟
وهذا التفريق ليس من ورائه طائل كبير.
فذهب الحنفية والمالكية، وهو رأي للشافعية: أن الاستياك سنة من سنن الوضوء؛ لأنه قال: لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء.
وفي رواية: لفرضت عليهم السواك مع كل وضوء، [رواه أحمد: 1835، الحاكم في المستدرك: 516، وصححه الألباني صحيح الجامع:  5319].
وقال الحنابلة -وهو الرأي الأوجه عند الشافعية-: أن السواك سنة خارجة عن الوضوء، متقدمة عليه، وليست منه.
إذًا، متى تفعل؟
تفعل قبل الوضوء.
فالمذاهب الأربعة متفقين على أن السواك قبل الوضوء.
ماذا يترتب على  الخلاف؟

ذكرنا أن هناك خلافاً هل هو من سنن الوضوء، أم هو منفصل عن الوضوء، فماذا يترتب على الخلاف من الناحية العملية؟
لو كان من سنن الوضوء، فمعنى ذلك أن نقول: باسم الله، ونتسوك ثم نغسل الكفين، ولو أنه ليس من سنن الوضوء، فنتسوك، ثم نقول: باسم الله، ثم نغسل الكفين.
فهل هو قبل التسمية أو بعدها؟
هذا هو فائدة الخلاف أو ثمرة الخلاف من الناحية العملية، والمسألة سهلة -إن شاء الله-.
فإذا قلنا: إنه خارج عن الوضوء -سنة منفصلة-، فإنك إذا أردت أن تطبق السنة، وتأخذ أجر تطبيق السنة، فتستاك أولاً، ثم تسمي الله، ثم تشرع في غسل الكفين.
وماذا لو تيمم أو اغتسل؟
إذا كان التيمم بديلاً عن الوضوء فمعناه أن الاستياك سيحصل حتى ولو تيمم، وتبعاً لهذا، فإنه يستاك قبل التيمم؛ قبل أن يبدأ بضرب الكفين يستاك.
وكذلك في الغسل قبل أن يفيض الماء عليه.
وماذا بالنسبة للصلاة؟
ذكرنا قبل قليل أن الاستياك للصلاة فرضها ونفلها، وذكرنا التفصيل في قضية الوقت.
ولو نسي قبل الفريضة، وتذكر قبل الراتبة التي بعد الفريضة، واحد نسي يتسوك قبل الفريضة، ولما انتهى من الفريضة وأراد أن يصلي السنة الراتبة التي بعد الفريضة -بعد المغرب، بعد العشاء، بعد الظهر-  يستاك، بعد الفريضة وقبل الراتبة.

مواطن استحباب السواك

00:17:52

وهناك أمورٌ أخرى يستحب لها السواك، مثل: قراءة القرآن، ولو كان خارج الصلاة.
وألحق العلماء بهذا عند قراءة الحديث، أو حضور مجالس العلم، حتى قال بعضهم: يستحب في سجدة التلاوة؛ لأنها من جنس الصلاة، وقد اشترطوا لها الوضوء، واستقبال القبلة، وستر العورة، الجمهور، قياساً على الصلاة، فقالوا: حتى إذا أراد أن يسجد للتلاوة ، لكنهم قالوا: محلها بعد فراغ الآية وقبل سجدة التلاوة، إذا كان خارج الصلاة، فالسواك قبل الصلاة.
وذكر الله عموماً، قال بعضهم: يندب أن يزيل قلح الفم، ووسخ الأسنان بالسواك لذكر الله تعالى.
والملائكة تحضر مجالس العلم، والملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم، فإذا كانوا يحضرون مجالس العلم، فإن السواك من آداب مجالس العلم، ولأن الملائكة يحضرون الميت، قالوا: لو تسنى للمحتضر أن يستاك فليستك، وقد ورد أن النبي ﷺ تسوك قبيل موته، فقالوا: إذا تمكن المحتضر من الاستياك، أو أشار أن يعطوه سواكاً فليعطوه سواكًا قبل الموت، فالملائكة تحضر، حتى قالوا: إنه يسهل خروج الروح، ونحو ذلك، وهذا الله أعلم به، وهو من أمور الغيب، لكن النبي ﷺ ثبت أنه استاك وهو يحتضر.
ويستحب كذلك الاستياك عند قيام الليل، وسيأتي الحديث فيه عن النبي ﷺ.

ويستحب -أيضاً- الاستياك لمجامع الناس؛ فإن الإنسان إذا أراد أن يذهب إلى الناس، خصوصاً إذا كان قادماً من سفر، وهناك معانقة، أو يسلم على عالم -مثلاً-، ويقترب منه، ويضع وجهه مقابل وجهه، أو سائل يسر إلى عالمٍ بشيء، أو نحو ذلك.
وكذلك عند الذهاب إلى المسجد: خُذُواْ زِينَتَكُمْ[الأعراف: 31]، وهذا من تمام الزينة، والمسجد -أصلا- فيه اجتماع الملائكة واجتماع الناس، وتطييب الرائحة فيه مؤكد.
وقالوا أيضاً: إن السواك مستحب للالتقاء بالأهل، وهو دليل قوي، وهو حديث  النبي ﷺ: "كان إذا دخل بيته بدأ بالسواك". [رواه مسلم: 614].
فللقاء  أهله، وللقاء زوجته، يتزين لها كما يحب أن تتزين له.
ولذلك قالوا: حتى عند الجماع؛ لأن فيه ملامسة الرجل المرأة والاقتراب.
وكذلك عند القيام من النوم، لتغير رائحة الفم، وإذا تغير بعطشٍ أو جوعٍ أو اصفرار، أو غير ذلك، يستعمل السواك عند الفراغ من الطعام أيضاً.
وعموماً حديث: السواك مطهرةٌ للفم، مرضاة للربمعناه: في أي وقتٍ من ليل أو نهار يمكن أن يستعمله.

مسائل متفرقة في السواك 

00:22:09

وقد جاء في الحديث الصحيح عن النبي ﷺ في كيفية التسوك أشياء، فمن ذلك:

إمرار السواك على اللسان 

00:22:25

إمرار السواك على اللسان، وهي سنة مجهولة عند كثيرين، عن أبي بردة عن أبيه قال: "أتيت النبي ﷺ فوجدته يستن بسواكٍ بيده، يقول: أع.. أع، والسواك في فيه كأنه يتهوع". [رواه البخاري: 244].
ومعنى: "يستن" من السِّن أو من السَّن، إما لأن السواك يمر على الأسنان، فهذه بكسر السين، يستن من السِّن؛ لأن السواك يمر على الأسنان، وإذا قلنا: إنه يسن الأسنان، أي يحدها، فيكون مأخوذاً من السن، سن السكين، وسن المقص، وهذا السواك يسن الأسنان.
وقوله: "أع" هذا حكاية فعل، هذه في اللغة يقال حكاية فعل، الراوي يريد أن يحكي، ما هو الصوت الذي صدر من النبي ﷺ.
فجعل السواك على طرف لسانه، والمراد الطرف الداخل، وليس الطرف الخارج؛ كما جاء في رواية أحمد: يستن إلى فوق [رواه أحمد: 19752، وقال محققو المسند: إسناده صحيح على شرط الشيخين].
ولهذا قال هنا: كأنه يتهوع، أي: يتقيأ، له صوتٌ كصوت المتقيئ: أع، كما ذكر في الحديث، فيستفاد منه مشروعية السواك على اللسان طولاً، وهذه سنة مجهولة، السوك على طولا يسوك اللسان طولاً، حتى يدخل إلى الداخل، حتى كأنه يتهوع.
ففيه أن السواك لا يختص بالأسنان، وإنما يشمل اللسان أيضاً، وأن التنظيف والتطييب فيه إزالة الأذى من كل ما هو داخل الفم.

التسوك عند الاستيقاظ من النوم 

00:24:53

وقد كان ﷺ يستاك ليلاً، ويحضر له سواكه، وقد جاء في الحديث الصحيح: أن رجلاً سأل عائشة رضي الله عنها فقال: أنبئيني عن قيام رسول اللهﷺ؟ فقالت: ألست تقرأ: يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ[المزمل: 1]؟
قلت: بلى، قالت: فإن الله  افترض قيام الليل في أول هذه السورة، فقام نبي الله ﷺ وأصحابه حولاً، وأمسك الله خاتمتها اثني عشر شهرًا في السماء". [رواه البخاري: 1773].
فسورة المزمل نزلت على دفعتين، بينهما سنة، حتى أنزل الله في آخر هذه السورة التخفيف، فصار قيام الليل تطوعاً بعد فريضة، قلت: يا أم المؤمنين أنبئيني عن وتر رسول الله ﷺ؟ فقالت: كنا نعد له سواكه -يعني المرأة من برها بزوجها وإعانتها له على العبادة، وعلى تطبيق السنة أن تعد السواك لزوجها- قالت: كنا نعد له سواكه وطهوره، فيبعثه الله ما شاء أن يبعثه من الليل، فيتسوك ويتوضأ ويصلي تسع ركعات لا يجلس فيها إلا في الثامنة، فيذكر الله، ويحمده ويدعوه" [رواه مسلم: 1773]، وهذه إحدى الكيفيات لقيام الليل، فيقرأ ويقوم الليل.

وكذلك، فإنه جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما: أنه رقد عند رسول الله ﷺ، قال: فاستيقظ وتسوك وتوضأ، وهو يقول: إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ [آل عمران: 190]، فقرأ هؤلاء الآيات حتى ختم السورة، ثم قام فصلى ركعتين، فأطال فيهما القيام والركوع والسجود، ثم انصرف فنام حتى نفخ" [رواه مسلم: 1835].
وهذا فيه سنة مهجورة أو مجهولة، وهي قراءة آيات آل عمران عند القيام من النوم، فبعد القيام من النوم يتسوك، ويتوضأ، ويقرأ الآيات، ثم يفتتح صلاة الليل.
فمتى تكون قراءة آيات آل عمران؟
بعد السواك والوضوء، يقرأ آيات آل عمران: إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ[آل عمران: 190]، إلى آخر السورة.
ثم ويكبر ويصلي قيام الليل.
وإذا تكرر نومه واستيقاظه يكرر قراءة الآيات، ولو نام يكرر أيضاً السواك، يعني: لو واحد قام وقرأ الآيات وصلى، ثم نام، ثم قام قبل الفجر، وأراد أن يصلي فإنه يقرأ، كما جاء في روايةٍ أخرى عند مسلم: عن ابن عباس: "أنه بات عند النبي ﷺ ذات ليلة، فقام نبي الله ﷺ من آخر الليل، فخرج فنظر في السماء ثم تلا هؤلاء الآيات من آل عمران: إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ [آل عمران: 190]، حتى بلغ: فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ[آل عمران: 191]، ثم رجع إلى البيت فتسوك وتوضأ، ثم قام فصلى، ثم اضطجع، ثم قام فخرج فنظر إلى السماء، فتلا هذه الآية" [رواه مسلم: 619].
فإذًا، لو تكرر القيام يكرر هذه الآيات.

وفيها سنة أخرى، وهي: النظر إلى السماء عند تلاوة الآيات، كما ذكر النووي -رحمه الله-: يستحب السواك عند الاستيقاظ في الليل مع النظر إلى السماء لما في ذلك من عظيم التدبر: إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ[آل عمران: 190]، وهو ينظر إلى السماء.
وقد جاء في كيفية السواك أو في صفة السواك في  الليل، حديث حذيفة: "كان النبي ﷺ إذا قام من الليل يشوص فاه بالسواك". [رواه البخاري:  245، ومسلم: 618].
"يشوص" هو التنظيف والتنقية.
وقيل: هو الإمرار على الأسنان من أسفل إلى فوق.
وهو مأخوذ من الشوصة، وهي ريح ترفع القلب عن موضعه.
وقيل: هو دلك الأسنان بالسواك أو الأصابع عرضاً، وهذا عكس الأول.
كل ذلك من الأقوال في الشوص.
فإذا أراد أن يفعله طولاً، أو يفعله عرضاً، فله ذلك كله؛ لأن المقصود أن يحصل التطييب والتنقية.
وهذا فيه فضل السواك عند القيام من النوم؛ لأن الفم يكون متغير الرائحة لتصاعد الأبخرة من المعدة، والسواك آلة للتنظيف.
وقوله: "من الليل" عام في كل حالة، حتى لو واحد نام شخص في النهار، حتى في القيلولة، رائحة الفم حتى تتغير، ولكن يتأكد إذا قام من الليل للصلاة، فإن الملك يأتي، ومناجاة الرب، فيتأكد أكثر، ويكون به كمال الهيئة، والتأهب للصلاة، وهو يدل على طول القيام.
وقوله: "إذا قام للتهجد" أي: لعادته.
وقد سبق التنبيه إلى أن التهجد لا يسمى تهجداً إلى إذا كان بعد نوم.
أما قيام الليل، فيسمى قياماً، ولو لم يسبقه نوم، فلو واحد بعد صلاة العشاء، بعدما صلى الراتبة، قام يصلي قبل النوم، يصلي الوتر، يسمى قيام ليل، ولا يسمى تهجدا، لا يسمى تهجداً، متى يسمى تهجدًا؟ إذا سبقه نوم، وقام من النوم إلى الصلاة.

دفع السواك إلى الأكبر

00:31:49

ومن السنن المتعلقة بالسواك: ما عنون له البخاري رحمه الله في صحيحه: "باب دفع السواك إلى الأكبر". [صحيح البخاري: 246].
عن ابن عمر: أن النبي ﷺ قال: "أراني أتسوك بسواك، فجاءني رجلان، أحدهما أكبر من الآخر، فناولت السواك الأصغر منهما؟ فقيل لي: كبر فدفعته إلى الأكبر منهما. [رواه البخاري: 246، 6071].
قوله: أراني من الرؤية.
وفي رواية: رأيت في المنام.
وعلى هذا فيكون من الرؤيا بالألف.
فقيل لي، القائل هو جبريل : كبر، أي: قدم الأكبر في السن.
وجاء هذا الحديث عند أحمد والبيهقي بلفظ: "رأيت رسول اللهﷺ يستن فأعطاه أكبر القوم، ثم قال: إن جبريل أمرني أن أكبر[رواه أحمد: 6226، وقال محققو المسند: إسناده حسن].
وهذه الرواية تقتضي أن القصة هذه وقعت يقظةً، والذي قبلها يفهم منها أنها وقعت في المنام، فكيف نجمع بينهما؟
بأنه رآه في اليقظة، فأخبرهم ﷺأنه رآه في المنام، وطبق الحديث.
وجاء بإسنادٍ حسنٍ عن عائشة قالت: "كان رسول الله ﷺ يستن وعنده رجلان أحدهما أكبر من الآخر، فأوحى إليه في فضل السواك "أن كبر" أعط السواك أكبرهما" [رواه أبو داود: 50، وقال الألباني: "إسناده صحيح، وحسنه الحافظ"، كما في صيح أبي داود: 40].
ففي هذا احترام كبير السن، وتقديم ذي السن في السواك.

وهنا في كلام ابن بطال رحمه الله في شرح صحيح البخاري جوابٌ على سؤالٍ يرد كثيراً: بمن نبدأ؟ قال ابن بطال: "فيه تقديم ذي السن في السواك، ويلتحق به الطعام والشراب والمشي والكلام. [فتح الباري: 1/357].
فإذا عندك جماعة يريد أن يبدأ واحد بالحديث، فمن الذي يبدأ؟ كبر، كبر يبدأ الأكبر فيها نص.
وإذا أردت أن تدخل أنت وواحد من الباب -مثلًا- قدِّم الأكبر، تريد أن توزع أشياء على أشخاص تبدأ بالأكبر، تريد أن تعطي شراباً في المجلس ابدأ بالأكبر، ثم من عن يمينه، لتجمع بين هذا وهذا.
لكن إذا لم يكونوا مترتبين في الجلوس، يعني واقفين، وجئت ومعك إناء لبن، فإنك تعطي الأكبر، فإذا ترتبوا في المجلس، فالسنة تتعين إعطاء الأيمن، قال بعضهم: أيمن الأكبر، أي: يبدأ بالأكبر، ثم من عن يمينه، كما قدم للنبي ﷺ الإناء فأعطى الأعرابي، ولم يعط أبا بكر؛ لأن الأعرابي كان عن يمين النبي ﷺ، هذا ما لم يترتب القوم في الجلوس، فإذا ترتبوا، فالسنة حينئذٍ تقديم الأيمن،  أقر ابن حجر هذا الكلام، بقوله: "وهو صحيح".

جواز التسوك بسواك الغير بإذنه 

00:35:46

الحديث هذا فيه إشارة إلى مسألة، وهي التسوك بسواك الغير: "أراني أتسوك بسواك، فجاءني رجلان فناولت الأصغر، فقيل: كبر، فدفعته للأكبر" لذلك أخذوا منه أن استعمال سواك الغير ليس بمكروه، إلا أن المستحب أن يغسله، ثم يستعمله.
وفيه حديث عائشة رضي الله عنها: "كان نبي الله ﷺ يستاك فيعطيني السواك لأغسله، فأبدأ به فأستاك، ثم أغسله، وأدفعه إليه". [رواه أبو داود: 52، وقال الألباني: إسناده حسن، وحسنه النووي كما في صحيح أبي داود: 42]، ترجو بركة ريقه.
من السنن: غسل السواك، فيعطيها السواك لتغسله فتستاك به ثم تغسله ثم تناوله إياه.
وهذا يدل على عظيم أدبها وكبير فطنتها؛ لأنها لم تغسله ابتداءً حتى لا يفوتها الاستشفاء، أو التبرك المشروع بريقه ﷺ.
ثم غسلته تأدباً وامتثالاً لما أمرها به ﷺ.
ومن فوائد غسل السواك: تليينه بعد جفافه؛ لأن السواك يتعرض للجفاف، فالغسل يفيد في تنظيفه وتليينه، وهذه سنة الغسل؛ لأن التسوك بالسواك الجاف، يسبب جرح اللثة، وخروج الدم.
وقد عنون البخاري رحمه الله في صحيحه: "باب من تسوك بسواك غيره" [صحيح البخاري: 2/5].
وساق حديث عائشة رضي الله عنها قالت: "دخل عبد الرحمن بن أبي بكر ومعه سواك يستن به، فنظر إليه ﷺ وكان في حجر عائشة في آخر العمر عند وفاته- فنظر إليه رسول الله ﷺ، فقلت له: تقول عائشة لأخيها-: أعطني هذا السواك يا عبد الرحمن فأعطانيه فقصمته، ثم مضغته فأعطيته رسول الله ﷺ، فاستن به وهو مستند إلى صدري". [رواه البخاري: 890].
إذًا، أخذته منه فاستاك بها النبي ﷺ.
إذًا، استعمل سواك غيره بإذنه.

إذًا، استعمال سواك الغير بإذنه لا حرج فيه، لكن يغسل أولاً، ثم يستعمله، وغير الغسل يقص مكان الاستعمال، ويبدأ باستعماله بعد ذلك، كما بينت ذلك بقولها: "فقصمته" يعني:كسرته.
قال بعضهم: "قضمته" بالضاد، وهو الأكل بأطراف الأسنان، فيحمل الكسر على كسر موضع الاستياك، ولا ينافي حصول الثاني وهو القضم، فتعيين عائشة موضع الاستياك بالقطع والمضغ أيضاً يلين، وريق الزوجة لزوجها والزوج لزوجته حاصل، فقد كان ﷺم يمص لسان عائشة رضي الله عنها.
وكذلك فإن السواك من النبي ﷺ في هذه الحالة مع كونه في فراش الموت، والمرض الذي شغله، ما نسي السواك، وهو لم يستطع أن يتكلم فأشار، أو أنه لم يرد أن يتكلم فأشار، وفهمت عائشة الإشارة؛ ودلَّ ذلك على التمسك بالسواك حتى في المرض.
فلو قلت السواك في المرض؟ حريص عليه كان النبي ﷺ.
وقد جاء في الحديث في البخاري أيضًا من حديث عائشة رضي الله عنها، قالت: "دخل عبد الرحمن على النبي ﷺ، وأنا مسندته إلى صدري، ومع عبد الرحمن سواك رطب يستن به، فأبدَّه رسول الله ﷺ بصره أي: مد نظره إلى السواك- فأبدَّه رسول الله ﷺ بصره، فأخذت السواك -هذه عائشة عندها فطنة وانتباه وذكاء فأخذت السواك فقضمته ونفضته وطيبته، ثم دفعته إلى النبي ﷺ فاستن به، فما رأيت رسول الله ﷺ استن استناناً قط أحسن منه -استعداداً للقاء الملأ الأعلى- فما عدا أن فرغ رسول الله ﷺ رفع إصبعه، ثم قال: في الرفيق الأعلى ثلاثاً، ثم قبض، ولذلك قالت: "مات بين حاقنتي وذاقنتي".
[رواه البخاري: 4438].
بين نحرها وسحرها، والسحر هو: الرئة، يقال: انتفخ سحره، أي: انتفخت رئته، ويكون ذلك من الخوف وغيره.
فإذًا، حصل ذلك الاستياك على مشارف خروج روحه ﷺ، وكان ذلك تهيئاً للقاء ملك الموت، وملائكة الرحمة.

الوضوء بالماء المنقوع فيه السواك 

00:41:56

ومما يتعلق بالسواك: ما جاء عن جرير بن عبد الله : أنه أمر أهله أن يتوضؤوا بفضل سواكه. والمقصود به التطهر، والمقصود بفضل السواك الماء الذي يبقى.
قال بعضهم: إن الوضوء بفضل الماء المنقوع فيه السواك، هو المقصود بحديث جرير، يعني: أن وضع السواك في الماء لا يغير الماء، بل يبقى على الطهارة، فإذا استعمله فلا بأس بذلك: تَوَضَّؤُوا من هذا الذي أدخل فيه سواكي، كما جاء في رواية [رواه الدار قطني: 93، وقال: هَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ].
فلو توضأ إنسان من ماءٍ وضع فيه سواك شخصٍ آخر، فلا حرج في ذلك. وكان جرير يقوله لزوجته

السواك ليوم الجمعة والتسوك للزوجة 

00:43:07

السواك ليوم الجمعة من الأمور المؤكدة؛ لما خصت به الجمعة من طلب تحسين الظاهر من الغسل والتنظيف والتطيب، ويناسب ذلك تطييب الفم الذي هو محل الذكر والمناجاة، وإزالة ما يؤذي الملائكة وبني آدم.
وأما بالنسبة للمرأة، فإن السواك لها أيضاً، وليس للرجل، ولا  من خصائص الرجل.
ومما يدل على ذلك حديث مسلم عن عروة بن الزبير قال: "كنت أنا وابن عمر مستندين إلى حجرة عائشة، وإنا لنسمع ضربها بالسواك تستن" [رواه مسلم: 3095]، تتسوك؛ لأن السواك له صوت.
بأي شيء يتسوك؟
يتسوك بكل عودٍ لا يضر.
وقسمه بعض الفقهاء إلى أربعة أقسام بحسب أفضليته، فاتفقوا على أن أفضلها هو: الأراك، عود الأراك، المعروف المشهور، لما فيه من طيبٍ وريحٍ وتشعيرٍ، فهذا النوع فيه تشعير، شعرات السواك، التي تخرج ما احتشى في الأسنان وتنقيه.
وقد جاء في حديث وفد عبد القيس أنه أمر لهم بأراك، وقال: استاكوا بهذا[رواه الطبراني في الكبير: 18358]، وفي إسناده من تفرد به.
ويليه بعد ذلك: جريد النخل، وقيل: إن النبي ﷺ قد تسوك به.
وهذا يحتاج إلى إثبات الحديث.
ثم قيل بعده يليه ما أخذ من شجر الزيتون؛ لأنها شجرة مباركة.
ثم بعد ذلك بكل ما له رائحة طيبة ولا يضر، من قضبان الأشجار الناعمة التي لا تضر، ولها رائحة طيبة.
فالمقصود: أي شيء يحصل به التطييب والتنظيف.
فإن قيل: فرشاة الأسنان؟

فالجواب: فرشاة الأسنان يحصل بها المقصود من جهة التنظيف والتطييب؛ لأن الشعيرات هذه هي شعيرات بلاستيكية، أو مصنوعة من نايلون، أو غيره، من المواد الصناعية، فيحصل بها المقصود.
لكن إذا قال قائل: ما هو الأفضل السواك أم فرشاة الأسنان؟
الجواب: السواك أفضل.
فإن قال: أجمع بينهما؟
نقول: خيرٌ على خير، طيب، اجمع بينهما، خصوصاً أن بعض المعاجين قد يكون فيها علاج أو تقوية، لكن هؤلاء الكفار اكتشفوا أن السواك فيه مواد مقوية للثة، حتى جعلوا معاجين أسنان مستخلصة من السواك.
ويكره الاستياك بكل عودٍ يدمي، مثل: الآس، والطرفاء، أو يحدث ضرراً، مثل الرمان، أو الريحان، كما قال بعضهم.
وهذا يعرف بالاستعمال والتجربة.
ويحرم الاستياك بكل عودٍ سام.
ويستحب أن يكون السواك عوداً متوسطاً في غلظ الخنصر، وهو أنحف أصابع اليد، خالٍ من العقد، لا رطباً يلتوي، ولا يابساً يجرح، وألا يتفتت في الفم، ويكون ليناً، ليس في غاية النعومة، ولا غاية الخشونة. وهذه مسألة تعرف بالتجربة، فالواحد يختار السواك الذي فيه الفائدة.
وأما بالنسبة للعلك؛ فإن بعض العلك يمكن أن يؤدي شيئاً من الدور في التنظيف أو التقوية، ولكنه لا يؤدي كل الوظيفة، خصوصًا أنه لا يزيل ما احتشى.
أما الاستياك بالإصبع، فقد تكلموا عنه، لا بأس به، لو الإنسان ما وجد سواكاً، وبعد الأكل، غسل وغسل أسنانه، فدلك أسنانه بأصبعه.
تكلموا عن مسألة الاستياك بالإصبع وعند عدم وجود غيره، فلتستعمل.

هل يمسك السواك باليمنى أو اليسرى؟

00:48:40

بعضهم يستحب إمساك السواك باليمنى؛ لأن المنقول عن النبي ﷺ: "كان يعجبه التيمن في تنعله وترجله، وطهوره، وفي شأنه كله". [رواه البخاري: 168].
جاء في رواية: "وسواكه". [رواه أبو داود: 4142].
لكن بعض العلماء فصل في هذا، فقال: إذا كان عند الصلاة وعند الوضوء، استعمل اليمنى، وإذا كان لمجرد التنظيف، تريد أن تنظف أسنانك فقط، لا عند وضوء ولا عند صلاة ولا عند قيام الليل، فاجعله باليسرى.
وإذا كان المقصود به العبادة، على مشارف العبادة فباليمنى، وإذا كان لمجرد التنظيف، فالتنظيف مثل: الاستنجاء، وغيره، والاستنثار من الأنف، فيكون باليسرى.

كيف يكون الاستياك؟

00:49:36

والمسألة واسعة. 
ثم يكون الاستياك طولاً أو عرضاً، لا بأس، لكن استعماله طولاً ثبت في السنة في اللسان، واستعماله طولاً في الأسنان، هكذا.. قالوا: يجرح اللثة.
لكن قالوا يستاك عرضاً، ورد حديث أنه كان يستاك عرضاً ولا يستاك طولاً، لكنه لم يصح عن النبي ﷺ، فهذا يتبع ما يريح الإنسان، ويؤدي القصد، فإذا كان الاستياك عرضاً على الأسنان أنفع، وطولاً على اللسان قد ثبت في السنة، فليكن ذلك.
ومن لا أسنان له -هذا ربما نصير إليه- فله أن يستاك على اللثة واللسان، وسقف الحلق؛ لأن تغيير الرائحة في هذا حاصل.
ويستحب ألا يستاك بحضرة الجماعة؛ لأنه ينافي المروءة، ولعل هذا أحسن ألا يكون في حال التنظيف، لكن النبي ﷺ استاك أمام الآخرين، وجاءه مرة ناس يكلمونه، وطلب واحد منهم عملاً، فقلص السواك عن شفته ﷺ، يعني: امتعاظاً من الطلب هذا.
أما الاستياك في المسجد، فينبغي أن يحذر منه الذين يفتتون بقايا السواك في المسجد، فإن هذا ليس من الأدب؛ لا بحضرة الناس، ولا في بيت الله، بل هو من عدم الأدب، والإسلام دين يراعي كل هذه الأشياء.
ويحفظ السواك بعيداً عما يستقذر؛ لأن بعض الناس يضعونه في الأماكن المكشوفة، ويلقيه في أي مكان، ثم يأخذه ويستاك به، وربما يكون علق به من الأوساخ ما علق، ولذلك يغسله في هذه الحالة. ويكرر التسوك، حتى تزول الرائحة، ويطمئن إلى النظافة، ولا حد لأكثره وأقله، بل بحسب ما يحصل به المقصود.
ومن السنة: أن يبدأ باليمين -يمين الفم- قبل الشمال، للعموم في التيامن.
وإذا عرف من عادته إدماء السواك فمه، استاك بلطف.
فإذا كان أحد يعرف أنه مجرد ما يستعمل السواك، اللثة عنده ضعيفة، تدمى، وينزل دم، فيستاك بلطف، وإذا لم يتمضمض، فلا يستاك قبل الصلاة، إذا كان يعلم أنه يخرج دم، فلا يستك على اللثة، بل يجعله على اللسان والأسنان.
هذه بعض الأمور المتعلقة بالسواك.
نسأل الله أن يرزقنا اتباع سنة نبيه ﷺ، والله تعالى أعلم.