الخميس 17 شوّال 1445 هـ :: 25 أبريل 2024 م
مناشط الشيخ
  • يتم بث جميع البرامج عبر قناة زاد واليوتيوب

الحكمة في زكاة الفطر


عناصر المادة
الخطبة ا لأولى
وقفة مع وداع شهر رمضان
حِكَم زكاة الفطر
الخطبة الثانية
فرحة يوم العيد
أحوال إخواننا في الشام وبورما

الخطبة ا لأولى

00:00:07

إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد ﷺ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

وقفة مع وداع شهر رمضان

00:00:50

عباد الله: ها هو شهركم قد تصرّم، وصدق الله لما قال: أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍسورة البقرة184. يعني: سرعان ما تنقضي، فها هي قد انقضت، فسبحان مكور الليل على النهار، ومكور النهار على الليل.

أيها المسلمون، يا عباد الله: هذا صوم رمضان يودعنا، ونسأل الله أن يتقبل منا، وأن لا يجعله آخر العهد بهذه العبادة، وأن يعيده علينا مراراً، ولمفارقة العبادة لوعة في نفس المسلم، ولكن هذا قضاء الله، وهذا شرعه، أن لا يصام أكثر من هذا الشهر، وأن إفطار العيد واجب، وهذه الليالي لا يفرط فيها المسلم، ويتعلم أن يغتنم لحظات الشهر حتى اللحظة الأخيرة، فلا يدري ربما يكون عتقه في آخر ليلة، وربما يكون قبوله في آخر لحظة، وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌسورة المؤمنون60. يعني: يصومون، ويصلون، ويتصدقون، ويخافون أن لا يقبل منهم، فهم يرجون رحمة الله، وأنه يثيبهم، وأنه لا يردهم، لكن لا يجزمون لأنفسهم بقبول مهما عملوا، ومهما فعلنا فإننا مقصرون في حق ربنا تعالى، فالمؤمن لا يصاب بالعجب من عبادة قام بها، مهما طالت تلك الساعات في القيام، ومهما طال النهار في الصيام، والملاحظة أن الإسلام يريد من المسلم أن لا ينقطع عن العبادة، فشرع له الإكثار من الصيام في شعبان، وشرع له ست شوال بعد رمضان، فتستمر هذه العبادات.

حِكَم زكاة الفطر

00:03:20

أيها المسلمون: جعل الله لنا في ختام شهرنا عبادة عظيمة، ألا وهي زكاة الفطر، فتعالوا نتلمس بعضاً من حكم الشرع في هذه العبادة:

أولاً: هي صدقة مالية، تخرج من الأموال نشتري بها طعاماً، والطعام من المال، فشيء نجود به لله إذن، وتقديم للمال.

ثانياً: أنها واجبة؛ لقول الصحابي: " فرض رسول الله ﷺ زكاة الفطر"[رواه البخاري1503].  فلما قال: (فرض) عرفنا الوجوب.

ثالثاً: أنها محدودة بصاع، لم يرهق الشرع الناس، ما فرض عليهم أكثر من صاع عن كل شخص، وهذا الصاع وحدة حجمية، يختلف وزنه بحسب ما يوضع فيه، فوزن صاع التمر يختلف عن وزن صاع القمح، يختلف عن وزن صاع الأرز، وهكذا وإن كان هناك تقارب، فهي لا تتجاوز ثلاثة كيلو غرامات من الطعام الموضوع في الصاع، نلاحظ أيضاً أن دائرة مخرجي زكاة الفطر أوسع من دائرة مخرجي زكاة المال، من جهة أن المال له نصاب فمن ملك أقل من النصاب لا يجب عليه إخراج زكاة المال، لكن صدقة الفطر تجب على كل من ملك زيادة عن قوته يوم العيد، فكل من ملك زيادة عن قوته، وقوت عياله يوم العيد، يجب عليه أن يخرج زكاة الفطر، فإذن عدد مخرجي زكاة الفطر أكثر من زكاة المال، يعني كأن هذه العبادة حتى لأشباه المساكين مشمولون بها، ولذلك قالوا: إن الفقير إذا اجتمع عنده صبيحة يوم العيد أكثر من قوته، وقوت عياله يخرج عن نفسه، وعياله، ولو مما اجتمع عنده من الطعام، نلاحظ أيضاً أن هذه الزكاة مفروضة في الطعام تحديداً، فليست في النقد الذهب، والفضة أو الأوراق النقدية، وليست في الثياب، وليست في أنواع كثيرة من المال، إنما هي في الطعام تحديداً، وإذا رجعنا إلى الحكمة منها أن للشرع فيها مقصدان أساسيان:

الأول: طهرة للصائم، فالشرع يحرص على تطهير الصائمين من الذنوب والمعاصي وأن يرقعوا ما انخرق من صيامهم، فصدقة الفطر كسجدتي السهو للصلاة، تكملان ما نقص، تجبران النقص أو الخلل، وهكذا صدقة الفطر من أهميتها أنها تجبر خلل الصيام، وما أكثر ما يقع من الخلل من قبلنا، إذن طهرة للصائم.

المقصد الثاني للشرع: طعمة للمساكين؛ لأن يوم العيد يوم فرح، ولا يريد الشرع أن يوجد في المسلمين في يوم فرحهم من يمد يده، ولا يريد الشرع أن يوجد في يوم فرح المسلمين من هو جائع، إذن أغنوهم بها عن السؤال في ذلك اليوم حتى يعيش المسلمون كلهم في فرحة، وأن تعم هذه الفرحة بلا منغصات، كمنغص الجوع، ومنغص هم صاحب العيال بعياله، من أين يطعمهم، فليفرح العيال، ورب العيال جعل إغناء المساكين بالطعام في ذلك اليوم ليشاركوا بقية المسلمين الفرحة؛ حتى لا يكون هناك في مجتمع المسلمين من هو منغص في يوم العيد.

وإذا فهمنا هذا عرفنا لماذا نخرج صدقة الفطر طعاماً لا غير، أولاً: لأن النبي ﷺ فرضها صاعاً من طعام.

ثانياً: قصد الشرع: أغنوهم بها عن السؤال في ذلك اليوم، وقوله في الحديث الآخر: "وطعمة للمساكين"[رواه أبو داود1609]. نحن ندور مع الشرع حيثما دار، فإذا قال: طعمة للمساكين ما نخرجها فواتير علاج، بناء مساجد، طباعة كتب، حفر آبار، تسديد رسوم دراسية، ونحو ذلك، لماذا؟ لأن الشرع قال: "وطعمة للمساكين"فنحن نقف عند حدود الشرع، ونخرج طعاماً طعمة للمساكين، وبقية حاجات المسلمين من سداد الديون، العمليات الطبية، ونحو ذلك لها مصدر من زكاة المال، وأيضاً من الصدقات العامة، لكن هذه تحديداً صدقة الفطر صاعاً من طعام طعمة للمساكين، فحتى لا تختلط الأمور، وندخل في العبادة أشياء لم تكن، وليست من مقصود الشرع فلا بد أن نتقيد.

أيضاً الطعام يا عباد الله: في بعض الأماكن قد لا يوجد إلا بصعوبة، في بعض أماكن المجاعات قد يوجد في أيدي الناس نقد، ولا يوجد طعام، أيضاً في بعض الحالات يحتكر تجار الطعام الأطعمة، ويجعلونها عندهم لترتفع الأسعار، فإخراج زكاة الفطر صاعاً من طعام فيه كسر لاحتكار الأطعمة، إذن الشرع له مقاصد، وأنتم تعلمون أن هناك أزمة غذاء في العالم، وأنها في تفاقم، والشرع جاء حلاً لمشكلات العالم في كل الأزمنة، ففرضه إخراج زكاة الفطر صاعاً من طعام للشرع فيه مقاصد، فينبغي علينا أن لا نتعداها، ومن قال: أريد أن أضيف إلى صاع الطعام عشرة ريالات، نقول: لا حرج، صدقة في يوم العيد، فهذه صدقة فطرك، وهذه صدقة مالية، صدقة من عندك نقدية، فلا حرج من ذلك، لكن لا نخرج عما جاء به الشرع.

نلاحظ أيضاً أن صدقة الفطر تذكر الإنسان بمسؤوليته في الإنفاق؛ لأن صدقة الفطر عنك وعمن تلزمك نفقتهم من أهل بيتك، فتذكرك أنك مسؤول عن الزوجة، والأولاد ذكوراً، وإناثاً، وإذا كنت تعول والديك أيضاً، فتذكر بالمسؤولية في الإنفاق؛ لأنك ستعد وتقول: أنا، وزوجتي، وأولادي، نحن ستة، نحن ثمانية، نحن كذا، وهكذا تخرج عدد الأصواع بحسب عدد أفراد الأسرة، فتذكرك بمسؤولية الإنفاق نحوهم، هذه الصدقة فيها دقة، بمعنى أنك لا بد أن تلتزم بالوقت الذي جاءت فيه، فمن أداها قبل صلاة العيد فهي صدقة متقبلة، صدقة فطر، زكاة فطر، ومن أداها بعد صلاة العيد، قال: "فهي صدقة من الصدقات"[رواه أبو داود1609]. فليست زكاة فطر، صارت صدقة عامة، إذن فاتت عليه، إذن يجب أن يحرص على إخراجها قبل صلاة العيد، ويجوز قبل العيد بيوم، أو يومين، ولذلك يجوز أن يخرجها يوم ثمانية وعشرين، وليلة تسعة وعشرين، يوم تسعة وعشرين، وليلة العيد، والسنة إخراجها وهو خارج لصلاة العيد، فلو عرف بيت الفقير وقال: أنا أريد أن أربي أولادي على الإعطاء، سأذهب مع أولادي لمكان الفقير، واستدل على مكانه فخرج بعد صلاة الفجر هو وأولاده إلى بيت الفقير فوضعها عنده، ثم اتجه لمصلى العيد، إذن هذه السنة إخراجها قبل صلاة العيد، ويجوز قبل ذلك.

عدد من الناس ربما لا يريد التعب فيريد أن يتخلص من هذا برمي هذه الريالات على جهة، أو على شخص، وهي تتكفل، وهذا لا مانع منه، ولا حرج، إذا كان هذا الشخص، أو هذه الجهة ثقة موثوقة، لكن تعب الإيصال فيه أجر.

نلاحظ أن صدقة الفطر أرادها الشارع أن تكون صدقة علنية؛ لأن الصدقات الأصل أنها سرية، هذا هو الأفضل، لكن كانت تجمع على عهد النبي ﷺ، وأصحابه في المساجد، تجمع أكواماً من الأطعمة، ثم توزع على الفقراء، ولذلك فإنه لو أعطى صدقته مع الناس، وهم ينظرون فلا حرج، ولا نقول: أخف صدقتك في هذه الحالة؛ لأن صدقة الفطر مثل الشعار للإسلام في البلد، كالأضحية شعار الإسلام في البلد، كالأذان شعار للإسلام في البلد، فهذه صدقة قصد الشارع أن تخرج طعاماً، والطعام مما يرى في الغالب.

عباد الله: إعطاء أصواع العائلة لفقير واحد جائز، وقسمة الصاع بين فقيرين جائز، فلا حرج إذن لو أعطاه كلها، أو بعضها، فلم تعط صدقة الفطر؟ للفقير، والمسكين، هذا الذي تعطى وتسلم إليه، ولا تعطى صدقة الفطر لغير المسلم، فإذا أراد أن يعطي فقيراً كافراً أعطاه من مال آخر، لكن إذا كان مسالماً لا يؤذي المسلمين، وصدقة الفطر هذه يا عباد الله: عبادة يرجى الأجر العظيم لها لمن أداها يرجو وجه الله، وثوابه في اليوم الآخر.

وعندما يقال: صدقة الفطر تنبعث المسؤولية الاجتماعية في النفوس، فيبدأ الناس يسألون: هل علي أن أخرجها عن الخادم، عن السائق، عن العمال لدي، عندي رعاة أغنام؟ كل من له أجرة مستقل بنفسه لا يجب عليك أن تخرج عنه، لكن لو أردت أن تخرج عنه متبرعاً فأنت مأجور، ويشترط أن يعلم ويأذن حتى يكون له نية، أن يعلم ويأذن قبل الإخراج عنه حتى يكون له نية، والأصل أن كل مقتدر يخرج بنفسه، ولكن لا حرج أن يخرج الأب عن أولاده الموظفين، أو تخرج الأم الموظفة عن أفراد الأسرة، وهي مأجورة على ذلك، فلذلك لا حرج من التبرع بها عن آخرين بعد علمهم وإذنهم.

نسأل الله أن يتقبل منا، وأن يتوب علينا، وأن يغفر ذنبنا، وأن يثقل موازيننا، وأن يعتق من النار رقابنا.

اللهم إنا نسألك فعل الخيرات، وترك المنكرات، وحب المساكين.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية

00:17:20

الحمد لله، أشهد أن لا إله إلا الله، وسبحان الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله، والله أكبر، أشهد أن لا إله إلا هو الحي القيوم، خلق السماوات، والأرض بالحق، وجعل الليل والنهار خزائن لأعمال العباد، فطوبى لمن استودع نهاره وليله بالطاعات، وهنيئاً لمن تقرب إلى رب البريات، يرجو ما عنده من الفضل والحسنات ورفع الدرجات، وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله، إمام المتقين، وصاحب المقام المحمود يوم الدين، وحامل لواء الحمد، صلى الله عليه وعلى آله، وذريته الطيبين، وأزواجه، وخلفائه الميامين، وأصحابه، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

فرحة يوم العيد

00:18:29

عباد الله: ختم الشرع لنا شهرنا بفرحة بعد فرحة، فلما كان للصائم فرحة يومية إذا أفطر فرح بفطره[رواه مسلم1151]. جعل له فرحة في آخر الشهر بهذا العيد، الذي في ليلته عبادة عظيمة يغفل عنها كثير من الناس في تلك الليلة، ألا وهي المذكورة في قوله وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْسورة البقرة185. فنحن إذا أعلن العيد كبرنا، تلك الليلة في البيوت، والأسواق، والطرقات، ونحن ذاهبون إلى صلاة العيد، وفي المصلى، حتى يطلع الإمام، هذا التكبير قال: وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ، والتكبير يكون في الإسلام للإعجاب بالشيء، قال: إني لأرجوا أن تكونوا نصف أهل الجنة[رواه البخاري6528]. فكبرنا، التكبير للإعجاب بالشيء، وأيضاً تذكير للنفس بعظمة الله، فقال: وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ، هل في أمة في الأرض عندها مثل هذا الصيام؟ هل في أمة في الأرض عندها مثل هذه الصلاة؟ هل في أمة في الأرض عندها مثل هذا القيام؟ هل في أمة في الأرض عندها مثل هذه الزكاة وزكاة الفطر؟ هل في أمة في الأرض عندها هذا النظام المتكامل؟ من العبادات البدنية، والمالية، والقلبية، واللسانية؟ هل في أمة في الأرض عندها كتاب مثل كتابنا؟ هل في أمة في الأرض عندها شرع مثل شرعنا؟ بكل ما جاء به من الأنظمة الاقتصادية، والسياسية، والاجتماعية، أنظمة متكاملة، متكاملة، لذلك أن ترى التنقل في العبادات، صيام، قيام، انتهى الصيام تكبير، صدقة الفطر، صلاة العيد، وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ، على ما هداكم إلى هذه الأحكام، إلى ما هداكم إلى هذا الشرع، على ما هداكم إلى هذه النسك والعبادات، فهذه سنة مطلوب إحياؤها في البيوت بين الأولاد في الأسرة، وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ، إذا أعلن العيد.

ثم يكون ذلك الاجتماع العظيم في صلاة العيد في ذلك المشهد، الذي أمر النبي ﷺ فيه بإخراج النساء، مع أن الشرع في العادة لا يرغب في إخراج النساء، وقال: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّسورة الأحزاب33؛ لما في خروجهن من الفتنة، لكن في صلاة العيد تحديداً أمر بإخراج النساء؛ ليشهدن البركة، وفضل ذلك اليوم، يشهدن الخير، ودعوة المسلمين، وحتى التي ما عندها جلباب لتلبسها أختها من جلبابها[رواه مسلم890].يعني: تستعير ثياباً لتخرج، الشرع الضوابط يحافظ عليها في كل وقت فلا يمكن أن يقول: اخرجي بدون جلباب المهم أن تخرجي، لا، قال: لتلبسها أختها من جلبابهاوالجلباب معروف الجلباب في ستره، يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّسورة الأحزاب59. فوصف الجلباب في الشرع مقصود منه الستر الكامل، والغطاء السابغ، تخرج النساء حتى الحيض اللاتي ليس عليهن صلاة؟ نعم، لماذا؟ حتى الحائض التي لا تصلي، ماذا ستستفيد إذا كانت لا تصلي؟ قال: يشهدن الخير ودعوة المسلمين[رواه مسلم890]. فإذا دعا الإمام أمنت هي، في بركة في صلاة العيد، في بركة في المشهد، لا تحرم منها حتى الحائض، وإن اعتزلت المصلى الحيض ينالهن من البركة بركة اجتماع المسلمين لعبادة رب العالمين، هكذا إذن فرحة الصائم، بعدها فرحة أخرى في صلاة العيد في هذا المشهد العظيم، الذي المقصود منه اجتماع أهل البلد، وذلك أن رؤية غيرنا لنا في عباداتنا دعوة إلى الله، ورؤية غيرنا لنا في عباداتنا رهبة في نفوسهم، ولذلك قالوا: في الحكمة من الذهاب من طريق، والعودة من طريق، قالوا: ليشهد له الطريقان عند الله، وقالوا: ليجيب المستفتين عن السؤال هنا وهنا، وقالوا: ليزور إخوانه في الله هنا وهنا، وأقاربه، وأرحامه، وقالوا أيضاً: ليراه اليهود، والمنافقون في هذه الطرقات، وهذه الطرقات فتزداد الرهبة من المسلمين، يعني: تعظم، وليست المقصود بها مجرد تخويف، لا، المقصود بها عظمة الدين أيضاً، ولذلك يسلم كثير من غير المسلمين لرؤية مشاعر مثل الحج، مثل صلاة العيد، بعض الخادمات يسلمن من أجل صلاة العيد، يسلمن لرؤية الصيام، يسلمن لصدقة الفطر؛ لأن عبادات هذا الدين تدعو للإعجاب حقاً، كل صاحب فطرة سليمة وعقل سليم سيقتنع عندما يسمع ويرى عبادات هذا الدين.

اللهم اغفر لنا أجمعين، وتب علينا يا رب العالمين، اللهم قربنا إليك، وباعد بيننا وبين ما يغضبك، اللهم إنا نسألك من خير ما سألك منه عبدك محمد ﷺ نبيك، وعبادك الصالحون، ونعوذ بك من شر ما استعاذ به عبدك، ونبيك محمد ﷺ، وعبادك الصالحون، اللهم إنا نسألك أن تعتق رقابنا من النار، وأن تدخلنا الجنة بلا حساب، ولا عذاب يا غفار، اللهم ارزقنا الفردوس الأعلى، اللهم ارزقنا الفردوس الأعلى، اللهم ارزقنا الفردوس الأعلى، اللهم فقهنا في ديننا، وقنا شر أنفسنا، وأصلح نياتنا، وأرشد ذرياتنا، واجعل أهالينا قرة عين لنا يا ربنا، اللهم إنا نسألك الأمن في الأوطان، والدور، وأن تصلح الأئمة، وولاة الأمور، وأن تغفر لنا يا عزيز يا غفور.

أحوال إخواننا في الشام وبورما

00:25:41

عباد الله: يأتي عيدنا، ونحن في ألم لحال إخواننا في الشام بعضهم لا يجدون إفطاراً، ولا سحوراً، ويسألون ما حكم الصيام متواصلاً، وفي بورما يقفون بالطابور للحرق، يحرق الأول ثم الثاني ثم الثالث، ويشهدون حرقهم، ويلقى الطفل في قدر الماء المغلي، هذه الأمة سبحان الله أمة مبتلاة، هذه أمة جعل في دنياها تكفير عظيم لسيئاتها، هذه الأمة يصطفي الله منها شهداء كثر، كثر، هذه الأمة كتب عليها بلاء في الدنيا كفارة، ونحن لا نكره قدر الله، ولكننا نسعى لرفع هذه المعاناة عن إخواننا، فنسأل الله في عليائه وهو فوق عرشه فوق سماواته في يومنا هذا في ساعتنا هذه، اللهم في هذا اليوم العظيم في هذا الشهر العظيم نسألك بأسمائك الحسنى أن ترحم إخواننا المستضعفين، اللهم أطعم جائعهم اللهم  اكس عاريهم، اللهم احمل حافيهم، اللهم آو شريدهم وطريدهم، اللهم ارحم ميتهم وأبرئ مرضاهم وداو جرحاهم، اللهم تقبل شهداءهم وارفع درجاتهم، اللهم أعنهم ولا تعن عليهم، وانصرهم ولا تنصر عليهم، يا رحيم يا رحمن إنك على كل شيء قدير، اللهم اقصم ظهور الجبارين، اللهم عليك بالطغاة المجرمين، اللهم زلزل الأرض من تحتهم وائتهم من حيث لا يحتسبون، واقذف الرعب في قلوبهم، وخالف بين كلمتهم، واجعل عليهم رجزك وعذابك يا جبار، يا قهار.

سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ ۝ وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ ۝ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

 وقوموا إلى صلاتكم، يرحمكم الله.

1 - رواه البخاري1503
2 - رواه أبو داود1609
3 - رواه أبو داود1609
4 - رواه مسلم1151
5 - رواه البخاري6528
6 - رواه مسلم890
7 - رواه مسلم890