الخميس 19 رمضان 1445 هـ :: 28 مارس 2024 م
مناشط الشيخ
  • يتم بث جميع البرامج عبر قناة زاد واليوتيوب

المستقبل للإسلام 2


عناصر المادة
الخطبة الأولى
المستقبل للإسلام
البشارة بنصر الإسلام
الخطبة الثانية
عدم التواكل في نصرة الإسلام
الطائفة المنصورة

الخطبة الأولى

00:00:07

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَسورة آل عمران102يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًاسورة النساء1يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ۝ يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًاسورة الأحزاب 70-71.

أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد ﷺ وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.

المستقبل للإسلام

00:01:38

إخواني: تكلمنا في الخطبة الماضية عن مفهوم من المفهومات الإسلامية المهمة التي يجب أن تترسخ في ذهن كل إنسان مسلم يعيش في هذا العصر الذي عمت فيه الفتن واختلط فيه الأمر، وأصبح المسلمون في ذلة وقلة وهوان مستضعفين في مشارق الأرض ومغاربها، وهذا المفهوم أيها الإخوة، وذلك المفهوم الذي تكلمنا فيه هو قول الله : وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ سورة آل عمران140، وأن لله الأمر من قبل ومن بعد، وأن الله تعالى يأذن بنصر هذا الدين فينتصر، ثم يأذن بغلبة الكفار فيغلبون، وهكذا يداول الله الأيام بين الناس.

وهذه النقطة -أيها الإخوة- مهمة حتى لا يستشري اليأس في نفوس المخلصين، وحتى يحس المسلم بنور الله ، والأمل في الله تعالى، وحتى لا ييأس من روح الله، ونحن نختم هذا الموضوع في هذه الخطبة بعرضه من جهة أخرى حتى تكتمل الصورة شيئاً ما، وحتى يكتمل الإحساس من المسلمين بأن نصر الله قادم، وأن المستقبل للإسلام.

أيها الإخوة: إن المستقبل للإسلام شيء لا شك فيه، بنصوص القرآن وأحاديث رسول الله ﷺ، إنها نصوص وأحاديث عظيمة ينبغي للمسلم أن يقف أمام عظمتها متأملاً متفحصاً مدققاً مشرباً في قلبه تلك المعاني القرآنية والنبوية التي تتدفق من خلالها الآمال والتطلعات نحو مستقبل إسلامي مشرق بإذن الله.

أيها الإخوة: إن لله تعالى ديناً لا بد أن ينصره، وإن الله ما أرسل رسوله ولا أنزل هذا الدين إلا ليعلو في الأرض، فقال الله : هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لأي شيء؟ لماذا أرسل رسوله بالهدى ودين الحق لماذا؟ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِسورة الصف9، ليظهر دين الإسلام على سائر الملل والنحل والأديان، وحتى يستعل الإسلام على سائر الفرق الضالة والمذاهب الهدامة التي وضعها البشر، لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ، وهذه الكلمة الدين اسم جنس يشمل سائر الأديان التي حرفها البشر ووضعوها من عند أنفسهم، وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَسورة الصف9، إن المشركين أيها الإخوة في كل وقت وفي كل عصر ومصر، إنهم يعملون ليلاً ونهاراً لكي يقوضوا صرح الإسلام، ولكي يضعوا من عظمة هذا الدين، ولكي يدحروا المسلمين ويردونهم على  أعقابهم، يعملون بالليل والنهار، إنهم ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله، ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل فَسَيُنفِقُونَهَا، نعم سينفقونها ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ، ثم تكون هذه الأموال التي ينفقونها من أجل صد المسلمين عن الإسلام وبذر بذور النفاق في أراضي المسلمين، إنها ستكون عليهم حسرة ثُمَّ يُغْلَبُونَ سورة الأنفال36، هكذا قال الله تعالى في القرآن.

إنهم أيها الإخوة يخططون ليلاً ونهاراً ويفكرون بأشد ما أوتوا من قوة وتفكير وينفقون ما استطاعوا من الأموال ليصدوا الناس عن دين الله، إنهم يفعلون هذا، وينشئون مساجد الضرار في العالم الإسلامي التي تلفت أنظار المسلمين عن مساجد الله الحقيقية، التي أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه، حتى تتطلع تلك الأنظار من قبل أولئك الضعفة من المسلمين إلى تلك المنشئات التي تصرف الناس عن دين الله، وتوهمهم بأن هذا هو الدين، وليس لها علاقة بالدين مطلقاً، مجرد مسميات خالية من المضامين الحقيقية، مجرد أسماء خالية مما تعنيه حقيقة.

أيها الإخوة: إن هؤلاء هم الذين قال الله تعالى فيهم: يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَسورة الصف8، أو قال الله في آية الصف: وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَسورة الصف8، عجباً لهذه الآية التي تصور حمق أولئك الناس وغفلتهم الذين يريدون أن يطفئوا نور الله الذي أنزله من السماء، بأي شيء؟ بتلك الأفواه البشرية العفنة، التي لا تملك مطلقاً أن تحجب الحقيقة عن ناظري كل مسلم متجرد يسير في طريق الإسلام على هدى من ربه يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْسورة التوبة32، ويعملون لأجل ذلك ليلاً ونهاراً، وتنجح مخططاتهم في أوقات كثيرة وأماكن كثيرة، حتى يظن المسلم الذي دخله اليأس أنه لا يمكن أن تقوم للإسلام قائمة مطلقاً، وأن نور الله قد حجب، وأن المسلمين لم تعد لهم شوكة ولا منعة وأنه ليس هناك أحد ينصر هذا الدين، ولكن أيها الإخوة إذا تفحصنا وتأملنا في النصوص نجد بأن الله لا بد أن يظهر نوره، ليس الظهور الذي حصل في فترة الخلفاء الراشدين ومن بعدهم فقط، وإنما ظهور سيكون بعد هذا الوقت الذي نحن فيه الآن، كما سيأتيكم من خلال تلك النصوص التي نطق بها من لا ينطق عن الهوى.

البشارة بنصر الإسلام

00:08:07

أيها الإخوة: يقول رسول الله ﷺ في الحديث الصحيح: إن الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً كما بدأ فطوبى للغرباء[رواه الترمذي2629]. إن الإسلام بدأ غريباً، غريباً، الذي يريد أن يتصور كيف يمكن لحفنة قليلة من البشر أن تنشئ المد الإسلامي من جديد وأن تعلي كلمة الله كما كانت قبل ذلك، بل وأكثر منه في الأرض يتصور تلك الحقيقة العظيمة التي كانت في يوم من الأيام بدأ الإسلام غريباً.

يا إخواني: عندما بعث رسول الله ﷺ كم كان عدد المسلمين في الأرض؟ كم كان عدد الذين يحملون الفكرة الإسلامية الصحيحة ويطبقونها في واقعهم؟ ويجاهدون في سبيلها؟ كم كانوا في مبدأ الأمر؟ إنه رجل واحد فقط، في تلك الأرض المظلمة بظلمات الجاهلية التي تغط في الشرك وأوحال الجاهلية، إنه رسول الله ﷺ، رجل واحد فقط، رجل واحد لا يوجد غيره، واحد فقط على الدين الصحيح.

بعث رسول الله ﷺ وهو واحد فماذا أصبح الأمر بعده بعد بعثته بنحو اثنين وعشرين فقط، بعد اثنين وعشرين سنة فقط من بعثة الرسول ﷺ وهو رجل واحد، تقول الروايات: بأنه حج مع رسول الله ﷺ في حجة الوداع مائة وأربع وعشرين ألف صحابي، إذن وبعد وفاة الرسول الله ﷺ امتد المد الإسلامي ليكتسح أراضي كثيرة ويدخل الملايين في دين الله ، من الذي نشر الدين؟ رجل واحد فقط، واحد انبثق عنه تلك الملايين التي دخلت في دين الله، بفضل الله ثم بالتمسك بدينه والجهاد في سبيله حق الجهاد، إذن لا نستغرب أن يكون هناك اليوم آلاف من المسلمين الحقيقيين، سينبثق عنهم ويبزغ فجر الإسلام من جديد كما بدأ أول مرة، إن الإسلام بدأ غريباًغريب في الأرض من الذي يحمله؟ واحد فقط، بدأ غريباً ثم انتشر بعد ذلك، وسيعود غريباً كما بدأ [رواه الترمذي2629] يقول رسول الله ﷺ. ونحن ولا شك أيها الإخوة في هذا الزمان في عصر غربة الإسلام، عصر غربة الإسلام، وبما أنه سيعود غريباً كما بدأ كيف بدأ؟ بدأ بالقلة ثم انتشر ، فإذا كان سيعود غريباً كما بدأ فسيرجع قليلاً أيضاً ثم ينتشر بعد قلته وضعفه، كما حصل في المرة الأولى، إذن هذا الحديث الذي يفهم منه كثير من المتثبطين أن الإسلام سيندحر وأن الإسلام سيزول هو في الحقيقة فهم خاطئ؛ لأنه يعني أن هذه الغربة التي نحن فيها الآن سيعقبها بإذن الله مد إسلامي يكتسح الأرض كلها، ويقول رسول الله ﷺ في الحديث الصحيح الذي رواه الإمام أحمد عن أبي مرفوعاً، قال بشر هذه الأمة بالسناء وهو العلو والارتفاع بالسناء والدين والرفعة والنصر والتمكين في الأرض[رواه أحمد21222]، يقول بشر هذه الأمة بالسناء والدين والرفعة والنصر والتمكين في الأرض[رواه أحمد21222]، هذه الأشياء التي يبشر بها الرسول ﷺ لا بد أن تحصل؛ لأنه لا ينطق عن الهوى، وكما تحقق ما قاله في الماضي من أشياء كثيرة، فلا بد أن يتحقق ما يخبر عنه في المستقبل كما أخبر عنه عندما بعث، ويقول ﷺ في الحديث الصحيح الذي رواه الطبراني عن أبي أمامة قال: قال والذي نفسي بيده لا تذهب الأيام والليالي حتى يبلغ هذا الدين مبلغ هذا النجم[رواه الطبراني في الكبير7642]، يفسر هذا الحديث الحديث الصحيح الآخر الذي رواه الإمام أحمد ومسلم عن ثوبان أنه قال: إن الله زوى لي الأرض يعني جمع الأرض وضمها، فرآها الرسول ﷺ معجزة من عند الله، إن الله زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها؛ لأن الله جمعها له فرآها كلها ، وإن ملك أمتي سيبلغ ما زوي لي منها[رواه مسلم2889]وإن ملك هذه الأمة أمة الرسول ﷺ سيبلغ ما جمع له منها، ما الذي جمع له منها؟ جمعت له كلها فرآها شرقيها وغربيها، وملك هذه الأمة سيبلغ الشرق والغرب، يعني يعم الإسلام الأرض كلها، هل سبق أن حصل في تاريخ الإسلام الماضي أن عم الإسلام الأرض كلها فما بقي كافر واحد ولا دولة كافرة على وجه الأرض، حتى في عصر الخلفاء الراشدين ومن بعدهم، وحتى في عصر الدولة العثمانية حصل أن الإسلام اكتسح الأرض كلها ما بقي كيان واحد كافر على وجه الأرض؟

الجواب أيها الإخوة: لا، لم يحصل هذا في الماضي، ما حصل، مع انتشار الإسلام في الماضي، لكن كان لا يزال هناك كيانات كافرة موجودة على الأرض، إذن بما أن الرسول ﷺ أخبر أن الإسلام يعم الأرض كلها شرقها وغربها، فلا بد أن يحصل، فإذا ما حصل في الماضي فإذن ما هي النتيجة؟ لا بد أن يحصل في المستقبل، وإن ملك أمتي سيبلغ ما زوي لي منها. يوضح هذه الأحاديث حديث ثالث يقول رسول الله ﷺ في الحديث الصحيح الذي رواه ابن حبان وغيره: ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهاركيف يعني الليل والنهار؟ يعني كل الأرض، ليبلغن هذا الأمر الإسلام، ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك الله بيت مدر ولا وبرلا بيت حجر وعمارات شاهقة ولا بيت وبر للبدو في الصحراء، لا يترك أي بيت من أي نوع كان إلا أدخله الله هذا الدين إلا الله سيدخل الدين في تلك البيوت كلها بعز عزيز أو ذل ذليل عز يعز الله به الإسلام وذلاً يذل به الكفر[رواه أحمد16957]، إذن سيأتي اليوم الذي يدخل الإسلام فيه كل البيوت على وجه الأرض، كل البيوت ولا يبقى بيت واحد إلا ودخله الإسلام، وهذه بشارات أخرى توضح ما سبق أن ذكرناه آنفاً.

في الحديث الصحيح يقول عبد الله بن عمرو بن العاص قال: بينما نحن حول رسول الله ﷺ نكتب ما نقول من الأحاديث إذ سئل رسول اللهﷺ: أي المدينتين تفتح أولاً أقسطنطينية أو رومية؟ يعني هل القسطنطينية تفتح أول أو روما، أو رومية، نفس الاسم نفس المسمى، فقال رسول الله ﷺ: مدينة هرقل تفتح أولاً[رواه أحمد6645] التي هي القسطنطينية، وقد فتحت القسطنطينية في عهد السلطان العثماني محمد الفاتح، لكن هل فتحت روما عاصمة النصارى، هل فتحت روما معقل الكفرة، هل فتحت؟ لا، ما فتحت روما حتى الآن، ولكن الرسول ﷺ يخبر بأنها ستفتح، ويخبر بأن القسطنطينية ستفتح قبل روما، إذن لا بد أن تفتح روما كما أخبر الرسول ﷺ، لا بد أن يحصل هذا أيها الإخوة، المشكلة أنه لا يوجد إيمان عند الكثيرين لكي يوقنوا بما أخبر به ، لا يوجد تصديق عند الكثيرين من المسلمين حتى يؤكدوا لأنفسهم أن ما أخبر الرسول ﷺ حق لا بد أن يقع.

ويقول ﷺ في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم عن أبي هريرة، يقول سمعتم بمدينة جانب منها في البر وجانب في البحر؟ قالوا: نعم يا رسول الله سمعنا بها، قال: لا تقوم الساعة حتى يغزوها سبعون ألفاً من بني إسحاق، والمحفوظ من بني إسماعيل، يعني من مسلمي العرب، سبعين ألف سيغزون تلك المدينة التي نصفها في البر ونصفها في البحر، فإذا جاؤوها فنزلواعند تلك المدينة وهي محصنة بالكفار فلم يقاتلوا بسلاح ولم يرموا بسهم، قالوا مجرد ما فعل هؤلاء المسلمون من صدق إيمانهم وتأييد الله لهم قالوا: لا إله إلا الله والله أكبر، فيسقط أحد جانبيها الذي في البحر يسقط بيد المسلمين، ثم يقولوا الثانية: لا إله إلا الله والله أكبر فيسقط جانبها الآخرالتي في البر ثم يقول الثالثة: لا إله إلا الله والله أكبر فيفرج لهم فيدخلوها فيغنمون[رواه مسلم2920]حديث صحيح.

إذن: سيأتي اليوم الذي يؤيد الله المسلمين حتى بمجرد الذكر لا إله إلا الله والله أكبر تسقط معاقل الكفرة، بمجرد الذكر بدون قتال يلقي الله الرعب في الأعداء، فينصر المسلمين فتسقط أراضي الكفرة ومدنهم بغير قتال.

وأيضاً: أيها الإخوة نعلم بأن عيسى ﷺ سينزل من السماء، ويحكم الأرض بشريعة الرسول ﷺ، عيسى ما مات حتى الآن، حتى الآن عيسى ما قبض الله روحه، وإنما رفعه حياً إلى السماء، وسينزله مرة أخرى في آخر الزمان كما ورد بذلك الأحاديث التي بلغت مبلغ التواتر، يعني رواه جماعة عن جماعة في عصور مختلفة حتى دونت في كتب الحديث، أحاديث متواترة رويت في نزول عيسى ، فمن هذه الأحاديث يقول ﷺ في شأن المسلمين لما ينزل وإمامهم يومئذ رجل صالح إمام المسلمين يومئذ رجل صالح فبينما إمامهم قد تقدم يصلي بهم الصبح إذ نزل عليهم عيسى ابن مريم الصبح فرجع ذلك الإمام إلى الخلف ليتقدم عيسى؛ لأن عيسى أفضل منه؛ لأن عيسى نبي فيضع عيسى يده بين كتفيه يضع عيسى يده بين كتفي ذلك الإمام من المسلمين، ويدفعه إلى الأمام، ويقول له: تقدم فصل فإنها لك أقيمت.

تصوروا أيها الإخوة كرامة الله لهذه الأمة أن يجعل واحداً منهم إمام يأتم به من؟ واحد من أمة الرسول ﷺ إمام يصلي وراءه من؟ عيسى ، كرامة الله لهذه الأمة، فإنها لك أقيمت فيصلي بهم إمامهم فإذا انصرف قال عيسى: افتحوا الباب؛ لأن المسلمين في ذلك الوقت يكونون على مشارف، على أبواب، تجمع اليهود في فلسطين، فيفتحون ووراءه الدجال وراء البابويكون مع اليهود الدجال معه سبعون ألف يهودي فإذا نظر إليه الدجال إلى عيسى ذاب كما يذوب الملح في الماء وينطلق هارباً فيدركه عيسى عند باب لد المدينة المعروفة الآن، مدينة اللد في فلسطين، بباب لد الشرقي من الناحية الشرقية فيقتله ويريهم عيسى أثر الدم دم الدجال على حربة في يده دلالة على أنه قتله قبل أن يتلاشى، فيهزم الله اليهود، فلا يبقى شيء مما خلقه الله يتواقى به يهودي يعني يستتر إلا أنطق الله ذلك الشيءلا حجر ولا شجر ولا حائط ولا دابة إلا الغرقدة فإنها من شجرهم، نوع من الشجر لا ينطق بما وراءه؛ لأنها من شجر اليهود، ولذلك أيها الإخوة جاءت الأخبار بأنهم يكثرون من زراعتها الآن في أرض فلسطين، يعرفون عن الإسلام أكثر مما يعرفه بعض المسلمين.

إلا قال هذا الشيء: يا عبد الله المسلم هذا يهودي يعني ورائي تعال فاقتله، فيكون عيسى ابن مريم في أمتي حكماً عدلاً وإماماً مقسطاً يدق الصليب يكسر الصليب ويذبح الخنزيريقتل الخنزير لا يبقى خنزير واحد ويضع الجزية لا تطبق الجزية، لماذا لا تطبق الجزية؟ لأنه لا يكون هناك يهود أو نصارى تؤخذ عليهم الجزية، كلهم يدخلون في الإسلام، كلهم، ويترك الصدقة فلا يسعى على شاة ولا بعير؛ لأنه ليس هناك من يأخذ الزكاة كل الناس صاروا أغنياء وترفع الشحناء والتباغض، وتنزع حمة كل ذات حمة يعني: كل حيوان فيه سم ينزع هذا السَم أو هذا السُم منه، حتى يدخل الوليد الطفل الصغير يده في الحية فلا تضره[رواه ابن ماجه4077].

وفي رواية صحيحة: ويطأ الرجل على الحية فلا تضره، ويكون الذئب في الغنم كأنه كلبها الذي يحرسها، وتملأ الأرض من السلم سلام والإسلام كما يملأ الإناء من الماء، وتكون الكلمة واحدة فلا يعبد إلا الله، وتضع الحرب أوزارها، وتكون الأرض كفاثور الفضة يعني: مثل الخوان عليه أصناف المطعومات والمشروبات وتنبت الأرض نباتها بعهد آدم حتى يجتمع النفر على القطف من العنبعلى العنقود من العنب فيشبعهم، ويجتمع النفر على الرمانة فتشبعهم ويستظلون بقشرتها[رواه ابن ماجه4077]من كبر الرمانة، من البركة التي حصلت في الأرض بتطبيق شرع الله.

أيها الإخوة: لو طبق شرع الله في الأرض كاملاً يمكن للناس أن يشبعوا برمانة واحدة ويستظلون بقشرتها، كما سيحدث،  ويكون الفرس بالدريهمات بالدراهم البسيطة يشترى الفرس. حديث صحيح رواه ابن ماجة وابن خزيمة. وفي حديث آخر صحيح: يؤذن للسماء في القطر فتمطر ويؤذن للأرض في النبات حتى لو بذرت حبك على الصفا يعني على الصخر لنبتت. لو حطيت الحب البذر على الصخر لنبت. إذن تكون هناك بركة عظيمة.

لو طبق شرع الله في الأرض كاملاً يمكن للناس أن يشبعوا برمانة واحدة ويستظلون بقشرتها، كما سيحدث، ويكون الفرس بالدريهمات بالدراهم البسيطة يشترى الفرس. حديث صحيح رواه ابن ماجة وابن خزيمة. وفي حديث آخر صحيح: يؤذن للسماء في القطر فتمطر ويؤذن للأرض في النبات حتى لو بذرت حبك على الصفا يعني على الصخر لنبتت. لو حطيت الحب البذر على الصخر لنبت. إذن تكون هناك بركة عظيمة.

وقد يتساءل متسائل فيقول: هل هذا النصر بالضروري أن يحدث في عهد عيسى أم يمكن أن يحدث قبل ذلك؟

الجواب أيها الإخوة: يمكن أن يحدث قبل ذلك، يمكن أن تحدث انتصارات كثيرة قبل ذلك، خصوصاً أن الرسول ﷺأخبر بالحديث الصحيح أخبر قال: لا يزال هذا الدين قائماً حتى يكون عليكم اثنا عشر خليفة كلهم تجتمع عليه الأمة كلهم من قريش ثم يكون الهرج يعني القتل  بعد ذلك[رواه أبو داود4279 -4281].

كم مضى من الخلفاء؟ ما مضى هذا العدد، ما مضى خلفاء من قريش اجتمعت عليهم كل الأمة الإسلامية في الماضي، ما مضى اثنا عشر مضى أقل من اثني عشر، إذن البقية ستأتي وستظهر لا محالة، وستقوم الخلافة الإسلامية في الأرض، مصداقاً لقول الرسول ﷺ في الحديث الصحيح: تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون بعد النبوة خلافة على منهاج النبوة الخلافة الراشدة فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء الله أن يرفعها ثم تكون ملكا عاضا فيكون ما شاء الله أن يكون ثم يرفعه إذا شاء الله أن يرفعه، ثم يكون ملكاً جبرياً فتكون ما شاء الله أن تكون ثم يرفعه إذا شاء الله أن يرفعه ثم تكون خلافة على منهاج النبوة ثم سكت.[رواه أحمد18406] إذن هذه الخلافة لا بد أن تأتي ولا بد للنصر أن يأتي بإذن الله أيها الإخوة. لكن النصر لا يأتي هكذا، لا ينام المسلمون اليوم، يقومون غداً صباحاً فيرون خليفة المسلمين قد ظهر والإسلام انتشر في الأرض، لا.

نسأل الله أن يبصرنا بدينه وأن يرزقنا الإخلاص والاستقامة، وصلى الله على نبينا محمد.

الخطبة الثانية

00:26:44

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي المؤمنين، وأشهد أن محمداً رسول الله بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة.

عدم التواكل في نصرة الإسلام

00:29:58

أيها الإخوة: من كلامنا في الخطبة الماضية وفي هذه الخطبة كان القصد من هذا الكلام إحياء النفوس بهذه المبشرات الإسلامية التي نطق بها رسول الله ﷺ، وهذه الآيات في القرآن العظيم، هذه التي تبعث الأمل ثانية في تلك النفوس التي ملئت يأساً وحسرة حتى كادت أن تخمد جذوة الإسلام في نفوس المسلمين، الغرض من هذا الكلام بعث الأمل في تلك النفوس اليائسة، التي يئست مع مشاهدة الواقع الحاضر، ومع المعيشة في الواقع الحاضر أن يرجع الإسلام ثانية، هذا هو القصد، لكن قد يؤدي هذا الكلام إلى محذور آخر وهو: أن يتواكل كثير من المسلمين ويعتمدون على النصر الذي سيأتي من عند الله، والخلافة التي ستكون فيتركوا العمل للإسلام، ويقول كثير من أولئك الذين ما فقهوا الدين، يقولون: ما دام الله سينصر الدين فلماذا نعمل نحن؟ بما أن الله سينصر الدين بالتأكيد إذن لا داعي للعمل نجري وراء الدنيا والشهوات والأهواء، وللبيت رب يحميه.

كلا أيها الإخوة، ما كان هذا أبداً فهماً صحيحاً للإسلام في الماضي، وليس فهماً صحيحاً مطلقاً لدين الله ؛ لأن الله يقول: وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَسورة التوبة105، وقل اعملوا في سبيل الله، اعملوا من أجل رفع راية الإسلام، اعملوا من أجل إعزاز دين الله، اعملوا من أجل نشر منهج الله في الأرض، اعملوا من أجل الدعوة إلى الله، اعملوا من أجل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، اعملوا، وقل اعملوا أمر عام يشمل جميع أنواع العمل الصالح، وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْسورة التوبة105، ما قال الله للمسلمين: ناموا وأنا أنصر الدين، لا مطلقاً.

وهذا الفهم أيها الإخوة هو الذي فهمه صحابة الرسول ﷺ الذي يقول شاعرهم يوم الخندق، وهم يرون الرسول ﷺ يعمل:

لئن قعدنا والنبي يعمل لذاك منا العمل المضلل

لئن قعدنا والنبي يعمل، النبي يعمل ونحن نقعد هذا عمل ضال لا يمكن أن يكون.

لئن قعدنا والنبي يعمل لذاك منا العمل المضلل

فقاموا مع الرسول ﷺ يعملون ويحفرون الأرض بأصابعهم، يحفرون الخندق، يعملون عملاً من أجل إيجاد وسيلة لصد المشركين، وبالإضافة إلى ذلك أيها الإخوة ليس العمل للإسلام، قد يتصور البعض بأن عملنا للإسلام بدافع أننا إذا ما عملنا يفوتنا الأجر، يعني إذا ما عملنا فات علينا أجر عظيم، ولذلك نعمل، هذا صحيح، لكن ليس هذا فقط كل شيء، إننا نعمل للإسلام أيها الإخوة لأن الواجب علينا أن نعمل، ولأننا إذا ما عملنا أثمنا كلنا؛ ولأن الله يقول: وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْسورة محمد38، إذا نبذنا العمل ونمنا وجلسنا نجري الآن وراء الدنيا والماديات والشهوات، ونشبع رغبات نفوسنا، ماذا سيحدث؟ الله لا بد أن ينصر الدين، والله لا ينصر الدين بملائكة ينزلون من السماء يقيمون حكم الله في الأرض لا، الله ينصر الدين بأسباب ينصر الدين بأناس ينصرون هذا الدين، يبعثهم الله من المجددين والعلماء والمجاهدين، أفراد الطائفة المنصورة.

إذن: أيها الإخوة: الله له سنن في الأرض تعمل، لا بد أن تعمل هذه السنن، ومن سننه أن يجعل النصر لعباده، وأن يجعل قيام الإسلام على أيدي مسلمين مخلصين، وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ سورة محمد38.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُالتي يرتد عن الدين ويترك العمل ماذا سيحدث؟ سيأتي الله بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أجيالاً أخرى تنشأ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍسورة المائدة54، إذن أيها الإخوة إذا ما علمنا نحن الآن أولاً يفوتنا الأجر.

ثانياً: علينا الإثم.

ثالثاً: سيأتي الله بقوم من بعدنا يعملون فينصر الله بهم الدين، فلماذا نتخاذل ونقعد نحن وننتظر أن ينتصر الإسلام ونحن مكتوفي الأيدي؟

لا أيها الإخوة، لا بد إذن أن نكون، كيف نكون؟ نكون من أفراد الطائفة المنصورة التي أخبر رسول الله ﷺعن وجودها إلى قيام الساعة. 

الطائفة المنصورة

00:32:04

ما هي الطائفة المنصورة؟

هذا حديث أدرجت فيه الصفات من الأحاديث التي وردت يقول الرسول ﷺ: لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق[رواه مسلم1920] مهما كان الأمر، ومهما ضعف الإسلام، ومهما تقهقر المسلمون، ومهما طم العدو، وعلا على بلاد المسلمين، لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق[رواه مسلم1920]، وفي رواية: قائمة بأمر الله [رواه البخاري3641]، وفي رواية: قوامة على أمر الله[رواه ابن ماجه7] وفي رواية: منصورين [رواه الترمذي2192]، وفي رواية: لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم[رواه البخاري3641]، وفي رواية: يقاتلون على الحق ظاهرين، حتى يقاتل آخرهم المسيح الدجال[رواه أبو داود2484].

يعني هذه الطائفة المنصورة موجودة، موجودة في الأرض، وهذه صفاتها على الحق، منصورة بالحجة قبل أن تكون منصورة بالسيف، منصورة بالحجة تعرف العقيدة، وتعرف التوحيد، مستقيمة على أمر الله، لا يضرها من خذلها، ولا من خالفها من الشرق والغرب، يجب أن نكون من أفراد هذه الطائفة المنصورة التي أخبر الرسول ﷺ حتى يقيم الله الإسلام، سواءً رأيناه بأعيننا، أو تأخر بعد موتنا، لا يهم، المهم نحن أن ننقذ أنفسنا من النار، هذا هو المهم أيها الإخوة أن ننقذ أنفسنا من النار، سواءً رأينا النتيجة أو لم نرها، وعدم رؤية النتيجة ليس باعثاً على اليأس؛ لأن المسألة إذا لم تتحقق في هذا الجيل فستتحقق في الأجيال القادمة بإذن الله،وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌسورة الحـج40.

اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على طاعتك، اللهم واجعلنا من جندك وأعوانك قائمين على الحق عاملين بالحق ومجاهدين من أجل الحق، اللهم واجعلنا من أتباع رسولك ﷺ، وارزقنا الإخلاص والاستقامة في الأقوال والأعمال، اللهم واجعلنا من أفراد الطائفة المنصورة من أهل السنة والجماعة الذين ينصرون الحق وبه يعدلون، اللهم طهر أعمالنا من الرياء، وألسنتنا من الكذب، وقلوبنا من النفاق، اللهم واجعل بيوتنا بيوتاً إسلامية، اللهم وارزقنا وأنت خير الرازقين، وعافنا في أنفسنا وفي أبداننا وفي أموالنا وفي أولادنا ولا تجعل مصيبتنا في ديننا يا أرحم الراحمين.

إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَسورة النحل90، وقوموا إلى صلاتكم يرحمكم الله.

1 - رواه الترمذي2629
2 - رواه الترمذي2629 
3 - رواه أحمد21222
4 - رواه أحمد21222
5 - رواه الطبراني في الكبير7642
6 - رواه مسلم2889
7 - رواه أحمد16957
8 - رواه أحمد6645 
9 - رواه مسلم2920
10 - رواه ابن ماجه4077
11 - رواه ابن ماجه4077
12 - رواه أبو داود4279 -4281
13 - رواه أحمد18406 
14 - رواه مسلم1920 
15 - رواه مسلم1920
16 - رواه البخاري3641
17 - رواه ابن ماجه7 
18 - رواه الترمذي2192
19 - رواه البخاري3641
20 - رواه أبو داود2484