الجمعة 11 شوّال 1445 هـ :: 19 أبريل 2024 م
مناشط الشيخ
  • يتم بث جميع البرامج عبر قناة زاد واليوتيوب

للآباء والطلاب والمدرسين


عناصر المادة
الخطبة الأولى
فضل العلم الشرعي
واجب المعلم
تعليم النساء
التربية قبل التعليم
الخطبة الثانية
وصايا للمعلم والمتعلم

الخطبة الأولى

00:00:05

الحمد لله أحمده وأستعينه وأستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَسورة آل عمران102.يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًاسورة النساء1.يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ۝ يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًاسورة الأحزاب 70-71.

أهمية العلم

00:01:10

أما بعد: فإن الله خلقنا من بطون أمهاتنا لا نعلم شيئاً، وجعل لنا سمعاً وأبصاراً وأفئدة لنتعلم، وهذا الإنسان الذي خلقه الله تعالى قابل، يقبل التعلم، وقد رزق من الحواس ما يمكنه من ذلك وهذا من نعم الله تعالى أن أعطانا السمع والأبصار والأفئدة.

والتعلم -يا عباد الله- أمر لا ينبغي أن يتوقف، ومن توقف تعلمه مات، وتعلم العلم الشرعي من الفرائض على المسلم، طلب العلم فريضة على كل مسلم[رواه ابن ماجه224]، وهذا يشمل الذكر والأنثى، ولذلك قال العلماء: إنه يتعين على المسلم أن يتعلم ما لا بد له منه لإقامة دينه، وإخلاص عمله لله تعالى، أو معاشرة عباده، فهناك من التعلم ما يصحح العلاقة بين المسلم وبين ربه، وهناك من العلم ما يفيد في تصحيح العلاقة بين المسلم والآخرين، وهذه أبواب العبادات والمعاملات التي رتب الفقهاء كتبهم عليها، ولا بد أن يتعلم المسلم ما يصحح به عقيدته، فإن صلاح العقيدة يعتمد عليه صلاح أمره في حياته كله، ومن كان ذا عقيدة فاسدة فإنه مقيم على كفر أو بدعة، لا يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً.

وإذا أراد أن يعمل الإنسان عملاً من حج فإنه يجب أن يتعلم أحكام الحج، أو زواج فإنه يجب أن يتعلم أحكام النكاح، أو إذا أراد أن يطلق فلا بد أن يتعلم أحكام الطلاق، وكذلك إذا أراد أن يبيع ويشتري ونحو ذلك لا يجوز أن يبقى بغير تعليم، هذا من جنس الفرض الذي لا بد منه، ومن التعلم ما هو مندوب، ومنه التبحر في الفقه بالتوسع فيه، والاطلاع على دقائقه وتفاصيله لإفادة عباد الله، والنصيحة أيها الإخوة للمسلم المصلح الداعية أنه إما أن يكون يعلم الناس أمر العقيدة ويصلح عقيدتهم ويحارب البدع، أو أن يكون ثاني الرجلين في تعليمهم الفقه وأحكام الشريعة، فتجد أن عامة المفيدين للناس والعباد إما أن يكن داعية مصلحاً في أمور العقيدة، أو يكون متفقاً يفيدهم في أحكام الحلال والحرام؛ ولذلك كانت العقيدة والفقه من أهم فروع الدين أو أهمها لا يمكن أن يكون هناك إصلاح ولا توعية ولا إفادة بدونهما، ومن التعلم ما يكون حراماً، ضرب له العلماء أمثالاً في تعلم الشعوذة والسحر ونحوه من الكهانة والعرافة، وما أكثرهم في هذا الزمان، ما أكثر السحرة والكهنة والعرافين في زماننا يعلم بعضهم بعضاً، كما قال الساحر للملك: إني قد كبرت فابعث إلي غلاماً أعلمه السحر[رواه مسلم3005]، وهكذا تواصوا به وهم قوم طاغون، أما العلوم المحرمة في عصرنا فكثيرة من دراسة أنواع القوانين والربويات بغير تمحيص ولا بيان حكم الشريعة فيها، وكذلك كل ما يطرأ عليه أمر محرم فربما كان مجال التعليم مباحاً في الأصل، لكن طرأ عليه من أنواع المحرمات كالاختلاط، والفتنة، والتغرب في بلاد الكفر بغير حاجة للمسلمين ونحو ذلك ما يصيره حراماً، وقد يكون التعلم مباحاً كسائر أنواع الهندسات، والعلوم الدنيوية التي تفيد في الحياة الدنيا، فإن قصد بها وجه الله أجر عليها، وإن قصد بها الأشر والبطر أثم عليها، وإن قصد كسب ما يغنيه فهو قصد مباح، ولذلك ينبغي على المتخصصين في العلوم الدنيوية من الطلاب الذين يدرسون في المدارس والجامعات ونقول هذا الكلام في مطلع العام الدراسي إذا كانوا من الذين يدرسون العلوم الشرعية أن ينووا وجه الله، وإذا كانوا من الذين يدرسون العلوم الدنيوية أن ينووا نفع المسلمين والاستغناء عن الناس بما يكون سبباً للكسب مغنياً عن مد اليد والسؤال وهذا قصد شرعي بلا ريب.

فضل العلم الشرعي

00:07:49

عباد الله: إن الشريعة قد حثت على تعلم العلوم الشرعية، وكل آية وحديث فيها ذكر فضل العلم أو العالم فإنها متوجهة إلى العلوم الشرعية دون تحيز، قال الله وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَسورة التوبة122، والآيات والأحاديث في ذكر فضل العلم والعلماء، علم الشريعة وعلماء الشريعة كثيرة يصعب إحصاؤها، وإذا لزم أن يتعلم المسلمون ما يغنيهم عن الكفار فإنه لا بد أن يفعلوا ذلك، وإلا أثموا جميعاً، من علوم الزراعة والصناعة والحرف والطب والحساب والهندسة ونحوها، ولكن ينبغي أن يكون ذلك متقيداً بقيود الشريعة، فإن كثيراً من هذه العلوم قد كتبها الكفار، ونقلت عنهم، وفيها من القوانين والنظريات والكلمات والجمل ما يخالف شريعة الله ، وهنا يبرز دور المتعلم والمعلم.

واجب المعلم

00:09:28

عباد الله: إنه ينبغي على من أراد أن يعلم أن يقصد وجه الله تعالى، وأن يحذر من الرياء والإعجاب واحتقار الناس وأن لا يذل من يعلمهم، وأن يشفق عليهم كما قال النبي ﷺ: إنما أنا لكم بمنزلة الوالد[رواه أبو داود 8]، فهو المعلم ﷺ بمنزلة الوالد رحمة وشفقة وحرصاً على مصلحة أبنائه، وتفقداً لهم، وباذلاً نفسه لأجلهم، ومتخلقاً معهم بأخلاق الإسلام كما ينبغي أن يكون سعي المتعلم لطلب الحق والفائدة، والنبي ﷺ كان كثيراً مما يستعيذ من العلم الذي لا ينفع، وما أكثره في هذه الأيام.

عباد الله: إن هناك أمانات كثيرة ينبغي القيام بها في مسألة العلم والتعلم والتعليم، كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته[رواه البخاري893]، وأولادنا أمانة في أيدينا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُسورة التحريم6، قال القاضي أبو بكر بن العربي رحمه الله تعالى: إن الصبي أمانة عند والديه، وقلبه الطاهر جوهرة نفيسة ساذجة خالية عن كل نقش وصورة، وهو قابل لكل نقش وقابل لك ما يمال به إليه، فإن عود الخير وعلمه نشأ عليه وسعد في الدنيا والآخرة، يشاركه في ثوابه أبواه وكل معلم له ومؤدب، وإن عود الشر وأهمل شقي وهلك وكان الوزر في رقبة القيم به والولي عليه، ومهما كان الأب يصون ولده من نار الدنيا فينبغي أن يصونه من نار الآخرة، وهو أولى، وصيانته بأن يؤدبه، ويهديه، ويعلمه محاسن الأخلاق، ويحفظه من قرناء السوء، الذين ربما قال الواحد منهم للآخر تعال إلى السطح لأعلمك كيف الإنجاب، والباقي عليكم.

يا عباد الله: إن في هذه الدنيا شروراً ومآسي، إن فيها انحرافات، إن هؤلاء الأولاد الذين يخرجون إلى مجتمع فيهم فسقة وفجرة ينبغي الحرص عليهم، وإلا ستقع الكارثة وتحل المصيبة، أيها المسلمون كم خرّجت الأسر من أولاد منحرفين بسبب ضياع الأمانة وتضييعها.

يا عباد الله، يا أيها الآباء، يا معشر المدرسين: إن القضية خطيرة ينبغي أن يقدر قدرها، وإنها والله كارثة على مضيعها يوم القيامة، فاجتهدوا رحمكم الله في حفظ هذه الأمانات.

تعليم النساء

00:13:22

وأما تعليم النساء فإنه ينبغي أن يجتهد في تعليمهن الدين كما قال الله تعالى: وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِسورة الأحزاب34،والعفاف، وعدم الاختلاط، وعدم التبرج، وعدم الخضوع بالقول، ماذا جنينا في هذه الأيام من المآسي، وماذا حصدنا لما أصيبت الحاضنة، حارسة القلعة، صاحبة المحضن التربوي الذي ينبغي أن يكون لما أصيبت، ماذا جنينا وماذا حصدنا؟

التربية قبل التعليم

00:14:13

عباد الله: إن الاهتمام بهذه المسألة في مطلع العام الدراسي أمر مهم للغاية، ليست القضية حشو أذهان التلاميذ بالمعلومات إنما المسألة تربية لا بد من القيام بها، التربية يا عباد الله، التربية قبل المعلومات، التأديب قبل حشو ذهن الولد، التربية التأديب، هكذا كان دأب سلفنا رحمهم الله تعالى، وينبغي أن يكون التأديب بحكمة، ولذلك تكلم العلماء رحمهم الله في مسألة ضرب الصبي، وشرطوا له شروطاً، أن يكون الضرب معتاداً للتعليم كماً وكيفاً ومحلاً، يعلم المعلم الأمن منه، حتى قالوا: أن يكون الضرب باليد لا بالعصا، وأن لا يجاوز ثلاثاً، وبعضهم قال: لا يجاوز عشراً، وينبغي أن يكون الضرب بإذن الولي؛ لأن الضرب عند التعليم غير متعارف، وإنما الضرب عند سوء الأدب، ولذلك قالوا: لا بد أن يأذن الولي فيه، وأن يكون الصبي يعقل التأديب، فليس للمعلم ضرب من لا يعقل التأديب، سئل الإمام أحمد رحمه الله عن ضرب المعلم الصبيان، فقال: على قدر ذنوبهم، ويتوقى بجهده الضرب، أي إن وجد وسيلة أخرى غيره فلا يلجأ إليه، ليس المقصود الأول ضربه وعقوبته إنما المقصود تأديبه وتعليمه، وقاعدة الشريعة الأسهل فالأسهل والأيسر فالأيسر، قال الإمام أحمد رحمه الله: وإذا كان صغيراً لا يعقل فلا يضربه؛ لأنه ما فائدة ضربه إلا إيذاء جلده وإيلامه بغير فائدة، وهذا عبث لا يمكن أن يكون.

عباد الله: لا بد أن يحتسب الإنسان الأجر في هذه الأمور التي جاءت الشريعة بها، لا يكون القصد هو المال، ولا يكون القصد هو الجاه، وإنما الأجر، والأجر هو الذي ينجي يوم الدين.

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية

00:17:18

الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين، وأشهد أن لا إله إلا الله رب الأولين والآخرين، وأشهد أن محمداً رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصبحه أجمعين.

وصايا للمعلم والمتعلم

00:17:37

أيها الإخوة: هذه وصايا للمعلم والمتعلم أسوقها في مطلع هذا العام، نسأل الله أن يكون التوفيق حليف الجميع.

ينبغي على المعلم أن يخلص وجهه لله، وينوي بعمله نصرة الإسلام ونفع المسلمين بتربية أبنائهم، والتربية قبل التعليم، كما قلنا: ولو أخلص النية فالأجر عظيم، كما قال ﷺ: إن مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته علماً علمه ونشره[رواه ابن ماجه242]،  فيبين لهم أجر تعلم العلم الشرعي إن كان شرعياً، وأهميته حسن النية بنفع المسلمين إن كان العلم دنيوياً نافعاً، وعليه فتح المجال للسؤال والجواب، وتعويد الطلبة على الاستنباط بأنفسهم، وعلى المناقشة والمراجعة، ولا معصوم إلا النبي ﷺ، مع التشجيع واستخدام وسائل التحفيز، وحسن الفهم لقدرات التلاميذ، وإدراكهم العقلي، ومراعاة الفروق الفردية، والتشويق والتنويع في العرض، واستخدام الوسائل التعليمية من ضرب المثل، أو الرسم، أو القصة، أو التكرار للتأكيد وما شابه ذلك، مع المراجعة فإن العلم لا يثبت بغير مراجعة، وأن يكون المدرس حسن المظهر، طيب الرائحة، حسن المنطق، قدوة صالحة متزناً في انفعالاته، حافظاً لمشاعر الطلاب مقدراً لهم، مثنياً على المحسن منهم، عادلاً بينهم، لا يميز بينهم تمييزاً غير شرعي، لا بلون ولا قبيلة ولا بلد.

وأن يكون معتدلاً حكيماً في معالجة الأخطاء، متواضعاً وقوراً، لا يكثر المزاح إلى درجة الإسفاف، ولا يفتي بغير علم، وأن يكون متعففاً عن التطلع إلى ما عندهم من زينة الحياة الدنيا، ولا يستخدمهم في أغراضه الشخصية، وأن يكون بعيداً عن مواطن التهم، لا يغتاب الطلاب، وكثيراً ما يحدث، وأن يحدثهم على قدر عقولهم، وليبتعد عن تكليف الطلاب بأكثر مما يحتاج إليه الأمر في الكراريس والأدوات والأغراض المدرسية، والطالب يضغط على الأب لأجل الاستجابة لرغبة المدرس في جلب الحاجات، والأب يعتصر عاطفة خصوصاً إذا لم يكن لديه قدرة على الوفاء بجميع المتطلبات، ويا ليت الذين يطلبون يكونون على مستوى الحكمة في تقدير الأوضاع المادية لأولياء أمور الطلاب، وأن الجميع ليسوا سواءً فلا يكلفوهم ما لا يطيقون، ولقد نظرنا فوجدنا أن دفاتر الأولاد لا تنتهي في الغالب، والباقي يرمى في آخر الفصل الدراسي وهذا إهدار للمال، وقد جاء في الحديث الصحيح النهي عن إضاعة المال، فيطلبون الدفاتر من مائة ورقة وثمانين ولا يستخدم منها إلا ثلاثون أو أربعون والباقي يهدر ويرمى، وهذا أمر لا يجوز يا عباد الله، وبالذات مدارس البنات التي ربما تطلب من الأدوات ما يكلف، وخصوصاً أن بعض المدرسات ربما تعين محلات معينة مما يعطي ظلالاً من الشك والريبة في هذا التعيين، والشاهد أن يكون القصد والاعتدال والتخيير والبدائل وعدم الإرغام ومراعاة من لا يستطيع لا بد أن يكون ذلك من صفات المدرس، ولا شك أن تحسين ظروف المدرسين مما يستجلب حسن إنتاجهم، وقد يبتلى المدرس خصوصاً في بعض المدارس الخاصة بقلة راتبه، وضعف المزايا الوظيفية، فليوطن نفسه على الزهد في الدنيا، وعلى الإحسان مهما كان، وينبغي على كل من يستطيع أن يحسن من وضعه أن يسعى في ذلك، فإن وظيفة المدرس أهم من وظيفة المهندس، وكثير من الوظائف الدنيوية.

أما بالنسبة للمتعلم يا أيها الطالب ينبغي أن تنوي وجه الله بالتعليم، وأن توقر المسلم من مدرسيك، وأن تحب صاحب الدين منهم لدينه، وتقتدي بمن يصلح للاقتداء، وتخالط وتقترب بمن يربيك ويصلح من شأنك، ومعاملة المدرس الكافر والمبتدع بالضوابط الشرعية، فإن كان غير محارب للدين فلا مانع من معاملته بالحسنى، لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْسورة الممتحنة8، ولينتهز الفرصة المناسبة لعرض الإسلام عليه، أو إعطاؤه ما يتبين له الحق به وتقام به عليه الحجة، ولا يقم لمدرس أياً كان ولا ينتصب له واقفاً خلافاً لما قال الشاعر: قم للمعلم؛ لأن قول النبي ﷺ أولى وأعلى: من سره أن يتمثل له الرجال قياماً فليتبوأ مقعده من النار[رواه الترمذي2755].

ومن الضوابط الشرعية في معاملة المدرس الكافر أو صاحب البدعة الكفرية عدم بدئه بالسلام لقوله ﷺ: لا تبدءوا اليهود والنصارى بالسلام[رواه مسلم2167]، ولا يوقر كافراً بلفظ سيد لا بالعربية ولا بالأعجمية؛ لأن النبي ﷺ أخبر أن ذلك مما يغضب الرب، وأما مصافحة الكافر فقد سئل عنها الإمام أحمد رحمه الله فأفتى بأنها مكروهة ليست بمحرمة، وكل ما مضى من الأحكام مناط بالقدرة وعدم الضرر، فإن كان سيقع على الطالب ضرر فإنه يستعمل بقدر ما يدفع عنه الضرر، ولا يتوسع وليحذر إن كانت هناك بدائل أن يخالف الشريعة، وليحذر من الإعجاب بالكافر أو تقليده خصوصاً ممن يدرسون اللغة الأجنبية بواسطة الكفار؛ لأنهم يدرسون ثقافاتهم وعاداتهم بل وعقائدهم مع لغاتهم، يؤدي إليك اللغة ومعها أمور كثيرة تنافي الشريعة من عاداتهم وتقاليدهم بل وعقائدهم، وليأخذ الطالب العبرة من القاعدة الشرعية: "الآن نغزوهم ولا يغزونا"، وعند مرور شيء يتعارض مع الشريعة فإن على الطالب أن يبين حكم الله ورسوله في هذه المسألة ويلفت نظر المدرس والطلاب إلى موقف الشريعة من هذا الأمر، كما يمر أثناء تدريس بعض المواد كاللغات الأجنبية من ذكر للصدقات بين الجنسين، أو ذكر للخمر، أو ذكر للربا في بعض قوانين الأسس المضاعفة في الحساب، أو المحاسبة والمالية، فلا بد أن تكون الدراسة واعية على ضوء الشريعة، وأن يؤدي كل واحد أمانته.

اللهم إنا نسألك أن تحسن نوايانا، اللهم اجعل نياتنا خالصة لوجهك يا رب العالمين، اللهم إنا نسألك الإخلاص في كل حين، اللهم إنا نسألك العدل وقول الحق في الغضب والرضا، اللهم إنا نسألك فعل الخيرات وترك المنكرات، وحب المساكين، وإذا أردت بعبادك فتنة فاقبضنا إليك غير مفتونين، اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى، اللهم إنا نسألك الأمن في الأوطان والدور، والتوفيق لولاة الأمور، والمغفرة لنا جميعاً يا عزيز يا غفور، اللهم أقم علم الجهاد واقمع أهل الكفر والفساد والعناد، وانشر رحمتك على العباد يا أرحم الراحمين.

إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ.

1 - رواه ابن ماجه224
2 - رواه مسلم3005
3 - رواه أبو داود 8
4 - رواه البخاري893
5 - رواه ابن ماجه242
6 - رواه الترمذي2755
7 - رواه مسلم2167