الخميس 19 رمضان 1445 هـ :: 28 مارس 2024 م
مناشط الشيخ
  • يتم بث جميع البرامج عبر قناة زاد واليوتيوب

08- الأربعون القلبية 8، شرح حديث (فَاسْأَلُوا اللهَ أَنْ يُجَدِّدَ الْإِيمَانَ فِي قُلُوبِكُمْ)


عناصر المادة
نص الحديث
شرح الحديث

نص الحديث

00:00:00

 الحديث الثامن:
عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله ﷺ: إن الإيمان ليخلق في جوف أحدكم كما يخلق الثوب، فاسألوا الله أن يجدد الإيمان في قلوبكم [رواه الطبراني في المعجم الكبير: 84،وصححه الألبانيفي صحيح الجامع: 1590].

شرح الحديث

00:00:31

في هذا الحديث: ضرب المثل، وتشبيه الأمور المعنوية بالحسية للتوضيح، فكما أن البناء بعد تمامه يحتاج إلى تعاهد وصيانة وتجديد، فكذلك الإيمان يحتاج إلى تعاهد وصيانة وتجديد، وإلا صدأ، ذبل، مات، إن الإيمان ليخلق في جوف أحدكم كما يخلق الثوب ما معنى يخلق؟ يعني يبلى، إذا اهترى وصار قديمًا، مثل ماذا يحصل للقلب؟ في أي وضع يعني؟ كيف يخلق؟
يخلق بالمعاصي، تحجبه سُحب المعصية، يصبح في ظلمة، يصبح في وحشة، إذا صار في استغفار وتوبة تجلو وتذهب الصدأ، يرجع مشعًا نيرًا جديدًا.
فيه الآن في أعمال الصيانة في المباني وفي المعادن يجئ يقول: شيء -مثلا- ليشتسوى كذا؟ يرجع كأنه جديد، يلمع، يلمعون، يصنفرون، ينظفون، يرجعه كأنه جديد،هذا ما تفعله التوبة والاستغفار بالقلب إذا ران عليه ما ران، ودخل فيه ما دخل من السوء؛ لأن الواحد إذا ران عليه رانت سحب المعصية، ونكتت في قلبه نكتة وراء نكتة وراء نكتة، نكت سوداء، هذا في الحالة هذه لن يستقبل الخير، ولن يستمتع ويتلذذ بالذكر، ولن يطعم حلاوة الإيمان، أو تنقص على الأقل، قال ﷺ: لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن[رواه البخاري: 5578، ومسلم: 211].

إذًا، لذة الإيمان ذهبت عن هؤلاء بكبائرهم، فينبغي تعاهد الإيمان في القلب، وكيف يكون جلاؤه وصقله؟ بالأعمال الصالحة، بالطاعات، بالحسنات، بالتوبة، بالاستغفار بالذكر، بتلاوة الكتاب، والتقرب إلى  الملك الوهاب، إنابة، خشية، محبة، مراقبة، توكلا، استعانة، إخلاص نية، تفويض الأمور:  وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى اهتدوا بالإيمان والانقياد، واتباع ما يرضي الله زَادَهُمْ هُدًى وشكرًا وتوفيقًا وحسنات وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ [محمد: 17]صار عندهم نور من الله، صار عندهم حرص على تلافي ما يجلب العذاب، ويصبح الاهتمام بما يدخل الجنات، قال أبو الدرداء: "إن من فقه العبد أن يتعاهد إيمانه، وما نقص معه، ومن فقه العبدأن يعلم أيزداد الإيمان أم ينقص...".
نحن نعرف أن الإيمان يزيد وينقص مسلمين بهذا، لكن الواحد وهو يحاسب نفسه: أنا الآن إيماني يزيد أو ينقص؟ زاد أو نقص؟

المؤمنون يحاسبون أنفسهم حتى بين بعضهم البعض في التواصي، بعضهم البعض في التواصي، إذا ما أنزلت سورة يقول المؤمنون لبعضهم: أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا [التوبة: 124] هذا مبدأ مهم في موضوع التواصي، استفدنا وإلا ما استفدنا؟ زاد إيماننا وإلا ما زاد إيماننا، ماذا حصل لقلوبنا، أخشع وإلا أسوأ؟ ما هو وضع القلب؟
قال أبو الدرداء: "إن من فقه العبد أن يتعاهد إيمانه، وما نقص معه، ومن فقه العبد أن يعلم أيزداد الإيمان أم ينقص". يعني عنده "وأن يعلم نزغات الشيطان أنى تأتيه"؟ [شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة: 1710].
من أين الباب التي تأتي منه الريح السيئة حتى نسده ونستريح؟! من أين يأتي البلاء؟! هذا لازم يعرفه، من فقه العبد أن يعرف من أين تأتيه هذه المنغصات، أو هذه المفسدات لقلبه، من أين تأتي؟! يعني نظر محرم، كسب محرم، من أين تأتي؟ صحبة سيئة من أين تأتي؟ لازم يعرف، لازم يكتشف، هذا طبيب قلبه.
قال ابن القيم-رحمه الله-: "شجرة الإيمان في القلب، أصلها ثابت وفرعها في السماء" أصلها ثابت التوحيد ومعرفة الله خوفًا ورجاء ومحبة، أصلها في القلب، وفرعها في السماء، الأعمال الصالحة طاعة صاعدة.

قال: "والشجرة لا تبقى حية إلا بمادة تسقيها وتنميتها، فإذا قطعت السقي أوشك أن تيبس، فهكذا شجرة الإسلامفي القلب إن لم يتعاهدها صاحبها".
يقول ابن القيم: "بسقيها كل وقت بالعلم النافع، والعمل الصالح، والعود بالتذكر على التفكير، والتفكر على التذكر، وإلا أوشك أن تيبس" [إعلام الموقعين: 1/174].
لازم يكون الشغل ذكر وفكر، شغَّل هذا القلب والعقل، شغله في تدبر آيات الله المسطورة، والمنثورة المسطورة، المطسورة في المصاحف، والمنثورة في الكون سماءً وأرضًا، وفي النفس: وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ [الذاريات: 21].
فإذًا ما هي الطريقة؟
ذكرًا وفكرًا، شغل ذكرًا وفكرًا، وأيضاً علمًا وعملاً، تعلم واعمل، قال: "ومن هنا تعلم شدة حاجة العباد إلى ما أمر الله به  من العبادات على تعاقب الأوقات" [إعلام الموقعين: 1/174].
انظر نحن الآن كيف ممسوكين حقيقة من الشرع في العبادات، أول ما تفتح عينيك: الحمد الله الذي عافاني في جسدي، ورد علي روحي، وأذن لي بذكره[رواه الترمذي: 3401، وحسنه الألباني في صحيح الترمذي: 2707].
أذكار أول ما تنتبه من النوم، وضوء وصلاة، وأذكار.

وأذكار الصباح، وصلوات، الضحى والفرائض والنوافل، وتمشي إلى أذكار النوم، نحن ممسوكين يعني في العبادات، من الصباح، من أول ما نستيقظ إلى النوم، "ومن هنا تعلم" يقول ابن القيم: "شدة حاجة العباد إلى ما أمر الله به من العبادات على تعاقب الأوقات، وعظيم رحمته، وتمام نعمته وإحسانه، إلى عباده بأن وظفها عليهم، وجعلها مادة لسقي غراس التوحيد الذي غرسه في قلوبهم"[إعلام الموقعين: 1/174].
يعني انظرا -يا إخوان- الآن كلام ابن القيم معناه: أن الله، يعني الله رحيم بعباده، غرس في قلوبهم التوحيد بالفطرة، يعني بما فطرهم عليه، هذه البذور مغروسة في القلب، ثم سقاها بشرعه الحكيم، بماء العلم الذي أنزله بالوحي، والأعمال الصالحة التي شرعها، فالذي يمشي على منهاج الله سيسقي غرس ربه بين قوسين [الفطرة]، بماء العلم والأعمال الصالحة تطلع شجرة طيبة: وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لاَ يَخْرُجُ إِلاَّ نَكِدًا[الأعراف: 58]. قال في الحديث: فاسألوا الله أن يجدد الإيمان  في قلوبكم هذا يمكن نادر نحن ما ندعو به، يعني هل قلت عمرك: اللهم جدد الإيمان في قلبي؟ هو لفت النظر أن الإيمان يخلق، يعني يهترئ، يبلى.
وأرشد في الحديث إلى حل وعلاج، قال: اسألوا الله أن يجدد الإيمان في قلوبكم هل عندنا هذا الدعاء يعني أو نحن مقصورون أو ما نعرفه أصلا؟ لأنه قال: فاسألوا الله أن يجدد الإيمان في قلوبكم يعني معناه أن ترفع يديك، وتقول: اللهم جدد الإيمان في قلبي، هذا من معالجة الضعف؛ لأنك أنت توقن وتؤمن أن القلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن، صرف قلبي على دينك، على طاعتك، ثبت قلبي على دينك، صرف قلبي على طاعتك، جدد الإيمان في قلبي، أعوذ بك من شر قلبي، يعني في أدعية خاصة بالقلب، اجعل في قلبي نورًا، خاصة بالقلب.
وأشياء للأعضاء الأخرى، لكن واضح الاهتمام، يعني اهتمام خالق القلب بالقلب، أنه شرع أدعية وأذكار للقلب.
وما تفاوت الناس في الإيمان إلا بتفاوت ما في قلوبهم، وكيف صار هذا سابق بالخيرات، وهذا مقتصد، وهذا ظالم لنفسه، إلا بما في القلب، كيف صار هذا بمرتبة الإحسان، وهذا مرتبة الإيمان، وهذا مرتبة الإسلام، إلا بتفاوت ما في القلب، كيف صار هؤلاء من السابقين المقربين، وهؤلاء من أصحاب اليمين، وهؤلاء من أصحاب الشمال، إلا بتفاوت ما في القلب، وفضل بعضهم على بعض درجات، رفع بعضهم على بعض درجات، فضل بعضهم على بعض، ورفع بعضهم على بعض درجات.
بم يتفاوت أهل الجنة في الدرجات؟
الإيمان، قول باللسان، ولكن قبله تصديق واعتقاد بالقلب، وعمل للقلب.
وكذلك من أعمال الجوارح، يزيد بطاعة الرحمن، وينقص بالعصيان.
التربية الإيمانية قضية نحتاجها باستمرار، ولا بدّ يكون في اهتمام بالقلوب.
فالمشاكل كلها التي تصير الآن كلها: فلان ألحد، فلان صار عنده وسواس، فلان انحرف، فلان انتكس،فلان راح في المعاصي، فلان تغير، صار أسوأ،كل هذا من مشاكل من قضية إهمال القلب.
في أطباء قلوب، ما هو طبيب القلب، طيب القلب وجراح القلب، وأخصائي القلب، تبع القلب الدنيوي، نتكلم الآن عن القلب الإيماني، في أطباء قلوب، يعني كلامهم، يعني: سبحان الله، مثلا الحسن البصري كلماته، مثلاً ابن القيم، ابن رجب، في أطباء قلوب، كلامهم يعني كذا بلسم دواء.
-طبعًا- الآيات والأحاديث هذا رأس الدواء والعلاج والشفاء، كله فيها.
الحديث فيه: أهمية الدعاء، واللجوء إلى الله بتجديد الإيمان في القلب.
فنسأل  الله -تعالى- أن يجدد الإيمان في قلوبنا.